//وكالة الصحافة اليمنية//
علمت صحيفة 26سبتمبر من مصادر موثوقة أن الجهات المختصة توصلت إلى معلومات جديدة بشأن قضية اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم محمد الحمدي وهي القضية التي لم يُكشف عن تفاصيلها رسمياً منذ ارتكابها بعد ظهر الثلاثاء الموافق 11أكتوبر 1977م رغم أنها تتعلق باغتيال رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة وكذلك قائد قوات العمالقة المقدم عبدالله الحمدي وقادة عسكريين آخرين على رأسهم علي قناف زهرة وعبدالله الشمسي..
وبحسب المصادر فقد توصلت الجهات المختصة إلى تورط المملكة العربية السعودية في التخطيط والتمويل والإشراف على الانقلاب الدموي الذي استهدف قيادة الوطن في تلك الفترة وأن هناك الكثير من الأدلة الدامغة التي لا يمكن التشكيك فيها وجميعها تشير إلى الدور السعودي في عملية اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وما تبع ذلك من جرائم استهدفت الكوادر الوطنية المخلصة عبر الاغتيالات والإعدامات والإخفاء القسري.
وقد تمثل الدور السعودي في اغتيال الزعيم الشهيد الحمدي في التخطيط أولاً للإطاحة بحكم الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي ثم اعتماد فكرة الاغتيال بتلك الطريقة البشعة بعد تداول عدة سيناريوهات جميعها تؤدي إلى تحقيق الهدف المتمثل في الإطاحة بالزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وتنصيب شخص آخر يدين بالولاء للمملكة العربية السعودية.
وأشارت المصادر إلى أن قرار اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي تم اتخاذه من قبل مسؤولي الملف اليمني في الديوان الملكي بالتنسيق مع العملاء في الداخل وتمت الموافقة عليه من أعلى المستويات في المملكة بتلك الفترة وقد تم تجنيد عدة أشخاص لتنفيذ العملية الانقلابية الدموية بعد أن استخدمت المملكة السعودية الأموال لشراء ذمم عدد من القادة والمسؤولين والمشايخ.
وحول وجود أطراف دولية أخرى لم تستبعد المصادر ذلك كون ما توصلت إليه من معلومات ووثائق بهذا الشأن يعتبر مؤشراً على وجود أدوار لأطراف دولية أخرى جميعها معادية لليمن وكانت في تلك الفترة ترى في الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي ومشروعه الوطني خطراً على مصالحها سيما في منطقة باب المندب وجنوب البحر الأحمر, بل إن هذه الأطراف ترى إلى أي مشروع تحرري يهدف إلى استقلال اليمن بأنه خطر كبير عليها ويمكن إسقاط ذلك على واقعنا الحالي.
وحول طبيعة ما توصلت إليه من معلومات ووثائق بشأن الدور الخارجي كشفت المصادر أن اليمن قبل اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي واجه عدواناً إسرائيلياً سافراً يستهدف الساحل الغربي والجزر اليمنية في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب وأن هذا الأمر ليس ادعاءات أو افتراءات, بل حقائق تؤكدها الوثائق والأدلة التي سيتم الكشف عنها خلال الفترة المقبلة.
وأضافت المصادر أن الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وكذلك الزعيم الشهيد سالم ربيع علي بذلا من الجهود الكثير في سبيل توحيد الصف العربي لمواجهة الخطر الإسرائيلي الذي يتهدد منطقة البحر الأحمر وأن تلك الجهود لم تلق صدى في تلك الفترة الأمر الذي دفع الزعيمين إلى اتخاذ خطوات جريئة وكانوا على مشارف اتخاذ قرارات تاريخية لولا التحرك الإسرائيلي السعودي بمباركة أمريكية للحيلولة دون وصول الشطرين إلى مرحلة تنفيذ تلك التفاهمات السرية ومنها ما لم يكشف عنه حتى اللحظة غير أن الاستخبارات الأجنبية تمكنت من خلال عملائها من الوصول إلى معلومات حول تلك التفاهمات.
وعن الأدوات المحلية التي تولت تنفيذ عملية اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي كشفت المصادر عن معلومات جديدة مصدرها الوثائق تتضمن أسماء من تولى تنفيذ العملية الانقلابية حيث أوكلت المهمة إلى قائدين عسكريين كانا من المقربين للزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وهما نائب القائد العام المقدم أحمد حسين الغشمي وقائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح وقد عمل هذان تحت إشراف الملحق العسكري السعودي بصنعاء في تلك الفترة العقيد صالح الهديان وذلك لتنفيذ خطة الإطاحة بالزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي بانقلاب دموي مكتمل الأركان فقد كانت أهدافه اغتيال قائد قوات العمالقة المقدم عبدالله الحمدي واغتيال رئيس مجلس القيادة القائد العام للقوات المسلحة إبراهيم الحمدي واغتيال أو اعتقال قائد اللواء السابع علي قناف زهرة ومدير مكتب رئيس مجلس القيادة عبدالله الشمسي وقائد حرسه الخاص عبدالخالق معوضه إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية الموالية للزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وكذلك المسؤولين.
وبحسب المصادر فإن الانقلاب الدموي في 11اكتوبر 1977م كان مخططاً له مسبقاً وتم الترتيب والاستعداد له قبل موعد تنفيذه بحوالى شهرين كاملين أما الرغبة السعودية في الإطاحة بالزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي فقط سبقت تلك المدة بعدة أشهر وهو ما يعني أن قيادة المملكة السعودية ظلت تحاول دفع أتباعها في الداخل إلى المبادرة في الإطاحة بالزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي إلا أن الكثير من محاولاتها باءت بالفشل رغم تقديمها الدعم لتمرد عدد من المشايخ.
وعلى الأرجح فإن قرار اغتيال الزعيم الشهيد الحمدي بتلك الطريقة البشعة لم يتم اتخاذه إلا بعد أن أفصح الشهيد الزعيم إبراهيم الحمدي عن الموقف اليمني من الانتهاكات الإسرائيلية للمياه الإقليمية اليمنية وتحركه رحمه الله للتصدي للعدوان الإسرائيلي الذي تزامن مع خلافات حادة شهدتها العلاقات اليمنية السعودية على خلفية مواقف الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي الاستقلالية وسياساته الداخلية والخارجية وإصراره على الاتجاه نحو بناء الدولة ورفضه الشروط والمطالب السعودية التي لا يمكن لأي رئيس يحترم بلده وشعبه قبولها كونها تمس السيادة الوطنية وتصادر الحقوق التاريخية لليمنيين ناهيك من أنها تعيق بناء الدولة وتجعل من السعودية حاكماً أعلى ومرجعاً ينبغي العودة إليها في كل صغيرة وكبيرة والعمل بما يلبي أجندتها ويحقق أهدافها بعيداً عن المصلحة الوطنية العليا.
وعليه فقد كان التخلص من الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي هدفاً سعودياً بامتياز ومصلحة جمعت كلاً من الرياض وتل أبيب إضافة إلى عواصم دولية أخرى وكان من ضمن أهداف الانقلاب السيطرة على الأوضاع في العاصمة صنعاء والمحافظات من خلال الإسراع في تنفيذ الإجراءات اللاحقة لقتل الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وشقيقه وهي الإجراءات التي تمثلت في السيطرة على المقرات السيادية والحيوية والانتشار الأمني وإعلان رئيس جديد وبث الشائعات حول جريمة الاغتيال لتشويه صورة الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وشقيقه إضافة إلى استخدام الترغيب بالمال والترهيب بالاعتقال والتصفية مع كل من قد يشكل أي تهديد في طريق استكمال عملية الانقلاب.
هذا وحول ردود الأفعال بشأن فتح مثل هذا الملف الذي ظل مغلقاً طوال العقود الماضية قالت المصادر إن من حق الشعب اليمني أن يعرف طبيعة المؤامرة على اليمن في تلك الفترة كون المؤامرة لم تستهدف الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي فحسب, بل واستهدفت معه الوطن بأكمله.
وأشارت المصادر إلى أن الأهمية بالنسبة للجهات المختصة ليس التطرق إلى أسماء الأشخاص المشاركين في الجريمة المروعة ولا الدخول في جدال حول من شارك ونوعية مشاركته بل إن الأهمية في معرفة الدور السعودي والمتورطين الرئيسيين في تنفيذ مخطط الانقلاب إضافة إلى معرفة أبعاد وأسباب ما حدث لارتباط ذلك بواقعنا الحالي ناهيك إلى أن إنصاف الشهيد الزعيم المظلوم إبراهيم الحمدي مسؤولية تاريخية تقع على عاتقنا جميعاً فالرجل ضحى بحياته من أجل الاستقلال والكرامة ومن أجل تحقيق مستقبل أفضل لكافة اليمنيين قبل أن تطاله أيادي الغدر والخيانة التي قتلت الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي لصالح الكيانين السعودي والإسرائيلي.
السعودية وصالح والاعتراف بنصف الحقيقة
صالح يعترف بإشراف الهديان على عملية اغتيال الحمدي
اعترف الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح في لقاء أجرته معه قناة روسيا اليوم العام الماضي بتورط المملكة العربية السعودية في اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي. وقال الرئيس الأسبق إن الذي أشرف على عملية الاغتيال هو الملحق العسكري السعودي صالح الهديان وأن هناك تحقيقات وملفات تؤكد ذلك.
وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس يمني عن قضية اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي موجهاً أصابع الاتهام إلى المملكة السعودية غير أن الرئيس الأسبق تجنب الكشف عن الأدوات المحلية التي تولت تنفيذ عملية الاغتيال لصالح المملكة العربية السعودية وعلى رأس تلك الأدوات أحمد الغشمي وعلي عبدالله صالح كما تؤكد الوثائق منها وثيقة تم العثور عليها في أحد منازل الرئيس الأسبق والتي تؤكد مشاركته في قتل الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي.. وبعد حديث الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح لقناة روسيا اليوم نشرت صحيفة الوطن السعودية في اليوم التالي تقريراً اتهمت فيه صالح بقتل كلِّ من الحمدي والغشمي محاولة تبرئة النظام السعودي وإنكار أي دور له في تلك الجريمة البشعة التي لا تزال حية في ضمير اليمنيين حتى اللحظة.
وفي الحقيقة ليس وحده النظام السعودي أو الرئيس الأسبق علي صالح من عملا على توظيف جريمة اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي بكشف نصف الحقيقة أو جزء منها وإخفاء الجزء المتبقي فالكثير من السياسيين اليمنيين مارسوا ذلك منهم على سبيل المثال نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض الذي ألمح إلى تورط صالح في جريمة اغتيال الزعيم الشهيد الحمدي أثناء أزمة 1994م غير انه لم يتطرق إلى الدور السعودي وكذلك تيار الإخوان الذي حاول إعلامه مطلع 2011م توجيه أصابع الاتهام إلى علي عبدالله صالح مع التستر على الدور السعودي ولم يتوقف الأمر عند هذا الأمر فمن يعملون اليوم في صف العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا استغلوا ملف قضية اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي لتصفية خلافاتهم مع الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وذلك من خلال الحديث عن دور صالح في جريمة الاغتيال وعدم التطرق إلى الدور السعودي فكان حديثهم محل تندر وسخرية إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال التغطية على الدور السعودي في جريمة اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي وإلصاق كل الجريمة بالرئيس الأسبق علي عبدالله صالح الذي لم يكن وقتها إلا أداة من أدوات السعودية. وهنا نعود قليلاً إلى الوراء وأثناء أزمة الخليج مولت المملكة السعودية طباعة كتب ومنشورات استهدفت قادة ما عرف بدول الضد ومنها اليمن وفي احد تلك الكتب معلومات عن جريمة اغتيال الزعيم الحمدي والملاحظ أن السعودية ألصقت الجريمة بعلي عبدالله صالح وبحزب البعث والعراق في حين أن الحقيقة وبحسب ما تكشفه الوثائق فإن السعودية تقف خلف الانقلاب الدموي الذي تولى تنفيذه كلٌّ من الغشمي وصالح وهذا يكشف لنا كيف أن السعودية حاولت توظيف ملف اغتيال الزعيم الحمدي لتصفية خلافاتها حتى مع أدواتها التي أوكلت إليها مهمة الاغتيال. وتذكر مصادر سياسية يمنية أن حديث الرئيس الأسبق لبرنامج قصارى القول في قناة روسيا اليوم عن جريمة اغتيال الزعيم الشهيد إبراهيم الحمدي جاء بعد تهديد سعودي بالكشف عن تفاصيل الجريمة والمشاركين في تنفيذها.