إبراهيم الوادعي
سيكون على أمريكا أن تنظر بقلق إلى اللقاءات الإيرانية الروسية بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران وما تناقلته وسائل الإعلام حول مجريات اللقاء الهام بين مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبينها النقاش على إمكانية قيام الحليفين بعزل الولايات المتحدة وإضعاف عملة الدولار الأمريكي.
نجح تحالف إيران وروسيا في تقليص نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ولن تعد كما كانت قبل سنوات صاحبة القول الفصل في سياسات وما يجب على دول المنطقة انتهاجه في سياساتها الخارجية والاقتصادية والداخلية.
ما ذكرته وسائل الإعلام الدولية عن اقتراح قدمه مرشد الثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، لضيفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأربعاء، بالعمل معا على عزل الولايات المتحدة، واستبدال عملة الدولار في التعاملات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وقال خامنئي متوجها للرئيس الروسي: “نحن قادرون على صدّ العقوبات الأمريكية وعزل أمريكا، والتخلي عن الدولار واستبداله عملات وطنية به في العمليات الثنائية والمتعددة الأطراف”.
إحياء واشنطن ذكرى تفجير مقر المارينز في بيروت مطلع الثمانينات بعد تجاهل الذكرى لعقود من قبل الرؤساء الأمريكيين، وتصريحات القادة العسكريين الأمريكيين عن مرحلة جديدة من مواجهة الإرهاب يشي بأن الولايات المتحدة لم تبلع بعد هزيمتها القاسية في سوريا وكردستان العراق.
وفي هذا السياق يفهم أنها تخطط لنقل حروبها إلى مناطق أخرى تحت ستار مواجهة الإرهاب الممزق وهذه المرة لمواجهة أطراف التحالف المقاوم واستهداف رأس الحربة فيه حزب الله، ولتخليص “إسرائيل” من صداع مزمن.
وهو أمر طبيعي فالحرب في سوريا أضعفت الولايات المتحدة بعكس ما أراد جنرالاتها وكشفت عن هشاشة المنظومة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية وحلفائها، وهي التي عملت ما بوسعها لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتحويل سوريا إلى دولة هشة وضعيفة أخرى على حدود ” إسرائيل ” أمام أطراف عملت بما توفر لها من الإمكانيات وتمكنت من تحقيق الانتصار رغم دفع الأثمان الباهظة، لكنها انتصرت في النهاية.
ويمكن في هذا السياق وضع تصريحات محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والملك غير المتوج للسعودية باستمرار الحرب على اليمن وتصعيدها عقب اسقاط انصار الله طائرة ام كيو بدون طيار الامريكية في سماء صنعاء، كرغبة أمريكية في الانتقام و في إحراز انتصار يعوض هزيمتها في سوريا، ويحد من تأثيرات تقلص نفوذها في المنطقة عبر السيطرة والهيمنة اليمن وباب المندب الاستراتيجي.
الانتصار اليمني قد يجهز تماما على ما تبقى لأمريكا من نفوذ في المنطقة، وقد يأتي على هيبتها العالمية ويحد من سيطرتها على طرق الملاحة والتجارة الدولية لصالح قوى كبرى صاعدة كالصين التي افتتحت هذا العام أول قاعدة عسكرية خارج أراضيها في جيبوتي.
ولاريب أن مؤشرات تفكك أوروبا، والصمود اليمني كان له حضوره في أروقة اللقاء الإيراني الروسي، وخاصة بعد نجاح أنصار الله بقصف العاصمة الإماراتية أبو ظبي وتهديد ناطق أنصار الله بزخم كبير في عمليات القصف الصاروخي للإمارات الناشر الجديد للفوضى الامريكية في المنطقة من بوابة تفتيت الجنوب اليمني وإعادة توطين داعش، ونشر القواعد الأمريكية على ضفتي البحر الأحمر تحت يافطات إماراتية.
لقاء القمة الروسية الإيرانية سيصنف على أنه اللقاء الذي أرسي الخطوط العريضة لمرحلة ما بعد داعش، ومواجهة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والعالم، فالحرب المقبلة لن تكون محصورة في منطقة جغرافية بعينها أو في شكل واحد بعينه، ومن هنا يمكن فهم مغزى مصطلح عزل الولايات المتحدة اقتصاديا، فإيران وروسيا عضوين في منظومة البريكس التي تضم اقتصادات كبرى بينها الصين والهند وجنوب أفريقيا.