تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
أداء مخيب لاقتصاديات الدول العربية عام 2018 على وقع أزمات نظمها السياسية والحروب وتراجع الإيرادات وعجز الموازنات. ومع أطلالة عامٍ جديد تواجه هذه الدول تحديات مصيرية لاتقتصر على مواجهة استفحال الفساد وتفشي الفقر والبطالة.
وبقي أداء اقتصاديات الدول العربية خلال عام 2018 بالمجمل مخيبا للآمال على وقع الاحتجاجات الشعبية وسوء أداء النظم السياسة والحروب التي ما تزال مستعرة تلقي بفواجعها ومآسيها على اليمن وسوريا وليبيا. ولم يغير من هذا الأداء بشكل لافت تحسّن أداء السياحة في تونس ومصر وارتفاع أسعار النفط الحيوية للخليج والعراق وليبيا والجزائر. وباستثناء دول الخليج التي ما تزال تمتلك احتياطات كبيرة من العملة الصعبة، لم تتمكن الدول العربية الأخرى من أحتواء معدلات التضخم وارتفاع الأسعار التي تراوحت بين 5
بالمائة في الجزائر و 12 بالمائة في مصر حسب المعطيات الرسمية، مع أن المعدلات الفعلية أعلى من ذلك بكثير. بالمقابل فإن معدلات النمو الفعلية تراوحت بين 1 و 3 بالمائة فقط.
عجز الموازنات والاعتماد على القروض
ورغم نجاح هنا وبعض النجاج هناك في مصر في تقليص فاتورة المستوردات، فإن عجز الموازنات المقلق لم يعد مقتصرا على الدول العربية غير النفطية، بل أضحى مشكلة متزايدة حتى بالنسبة لبلدان غنية كالسعودية التي زاد عجز ميزانيتها على 50 مليار دولار.
ومن أجل سد هذه العجز يتم اللجوء إلى الاقتراض من البنوك العالمية بفوائد عالية كما في حالتي السعودية والإمارات ولبنان.
أما الدول الأخرى غير النفطية فتلجأ إلى صندوق النقد الدولي الذي يملي شروطه الصعبة عليها مقابل حصولها على القروض المطلوبة.
ويأتي في مقدمة هذا الشروط زيادة الضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية في إطار برامج للإصلاح الاقتصادي يتم يتم تنفيذها تحت رقابة الصندوق.
تقشف يزيد الهوة بين الفقير والغني
استمرت غالبية الدول العربية خلال 2018 في تطبيق سياسات تقشفية في إطار ما تسميه الحكومات إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل. وبموجب ذلك عرفت دول الخليج للمرة الأولى فرض ضرائب أدت إلى زيادة أسعار الوقود والمياه. وفي دول مثل مصر وتونس والجزائر والأردن والمغرب والسودان أتخذت خطوات مشابهة أدت إلى تراجع كبير في القوة الشرائية لفئات الدخل المحدود. أما الفئات
الغنية فلم تطلها تبعات التقشف بشكل ملموس، لاسيما وأن تحصيل الضرائب من هذه الفئات يخضع للرشوة والفساد. عليه فإن هذا التحصيل لا يتم حسب سلم تصاعدي يفرض ضريبة أعلى فأعلى كلما زاد الدخل والثروة. وهو الأمر الذي أدى إلى اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء بشكل خطير على السلم الاجتماعي.
حتجاجات متزايدة على تردي مستوى المعيشة
أدت السياسات الاقتصادية المتبعة في غالبية الدول العربية إلى اتساع دائرة الفقر لتطال القسم الأكبر من سكانها، وتفشت البطالة في صفوف الشباب لتشمل 28 إلى 40 بالمائة منهم حسب معطيات غير رسمية. وزاد الطين بله تردى أداء الزراعة وزيادة مستوردات الأغذية وارتفاع أسعارها. وقد أدى هذا الوضع إلى اندلاع احتجاجات شعبية كانت على أشدها في المغرب والأردن والعراق والسودان. وما تزال هذه الاحتجاجات مستمرة في السودان والأردن. ومن أبرز مطالبها تحسين مستوى المعيشة والتراجع عن زيادة الضرائب ومكافحة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة.
تحديات غير مسبوقة في عام 2019
تبدو حكومات الدول العربية مع قدوم العام الجديد عاجزة أكثر من أي وقت على التخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها في مجالات النمو ومكافحة الفقر والبطالة. ويكرس هذا العجز استفحال الفساد في الإدارات الحكومية وغياب الاستقرار السياسي واستمرار الاحتجاجات والحروب في أكثر من دولة. كما يكرسه بقاء إيرادات هذه الدول من السياحة والنفط دون مستوى ما قبل 2011 في وقت تزيد فيه نفقاتها على التسلح والحروب بشكل غير مسبوق. فالسعودية لوحدها على سبيل المثال أنفقت هذه السنة أكثر من 55 مليار دولار على شراء الأسلحة من الخارج.
المشكلة في غياب رؤوية واضحة
أما الإصلاحات الاقتصادية التي تُنفذ حالياً، فإنّ مشكلتها تكمن في التركيز على تقشف يهدد السلم الاجتماعي وعلى تنفيذ مشاريع ضخمة تكلف المليارات سنويا وتوفر بيئة خصبة لاستفحال الفساد بسبب أموالها الطائلة. وبالمقابل تعاني الحكومات العربية من غياب رؤية واضحة حول أهمية تأهيل قوة العمل الشابة بشكل عملي وتطبيقي واحتضانها في مشاريع صغيرة ومتوسطة تشمل مختلف المهن المتوسطةومجالات الإنتاج. كما تغيب أهمية توسيع نطاق هذه المشاريع إلى الأرياف والمناطق النائية أسوة بالدول الصناعية والصاعدة التي
استطاعت فيها المشاريع الصغيرة والمتوسطة احتضان 75 إلى 80 بالمائة من قوة العمل الشابة.
……………………….
المصدر:DW