السودان.. ثورة الخبز تنذر بما هو أكبر بعد وقوف فرق من الجيش مع الاحتجاجات
تقرير //وكالة الصحافة اليمنية// تتصاعد وتيرة الأحداث في السودان بصورة سريعة، ويتصاعد معها الغضب الشعبي ليصل إلى العاصمة الخرطوم، خاصة بعد سقوط 37 قتيلا بحسب منظمة العفو الدولية. وبتسليط الضوء أكثر على الوضع الاجتماعي للسكان، نجد أن الحالة التي يعيشها السودانيون تمتلك جميع العناصر الأساسية التي تدفع الشعب للثورة على الوضع القائم، فما هي هذه […]
تقرير //وكالة الصحافة اليمنية//
تتصاعد وتيرة الأحداث في السودان بصورة سريعة، ويتصاعد معها الغضب الشعبي ليصل إلى العاصمة الخرطوم، خاصة بعد سقوط 37 قتيلا بحسب منظمة العفو الدولية.
وبتسليط الضوء أكثر على الوضع الاجتماعي للسكان، نجد أن الحالة التي يعيشها السودانيون تمتلك جميع العناصر الأساسية التي تدفع الشعب للثورة على الوضع القائم، فما هي هذه الحالة؟
الخبز كان سبب اندلاع التظاهرات
رغم أن بداية مظاهرات السودان كانت مفاجأة للسلطات السودانية، إلا أن «الوضع الحالي في السودان والتظاهرات الكبيرة التي خرجت في الأيام الماضية، كان متوقعاً حدوثها، بسبب الأزمات المتراكمة التي يمر بها السودان، خاصة في الجانب الاقتصادي، من ندرة في الوقود وندرة في دقيق الخبز، والغاز، والحصول على الكاش من البنوك، كلها دفعت الناس لأن تعيش في ضائقة». بحسب «عربي بوست».
وطوال عامين كاملين منذ إعلان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تعليق العقوبات الاقتصادية الأميركية على الخرطوم المفروضة منذ 20 عاماً، والاقتصاد السوداني يعيش أسوأ أيامه وسط انكماش حاد، وتضخم كبير، وانهيار في قيمة العملة الوطنية أمام الدولار.
ويواجه اقتصاد السودان صعوبة بالغة للتعافي بعد أن فقد ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة، منذ أن انفصل الجنوب في عام 2011، آخذاً معه معظم حقول النفط.
إضافة إلى ذلك فان الكثير من المستثمرين يعزفون عن العمل في السودان الذي لا يزال مدرجاً لدى واشنطن كبلد راع للإرهاب، ورئيسه مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في تهم بتدبير إبادة جماعية في إقليم دارفور.
وبعد أن وصل الأمر إلى عجز الدولة عن توفير الدقيق لصناعة الخبز والوقود للسيارات ولوسائل المواصلات العامة، ارتفعت أسعار كل شيء بعد أن باتت السوق السوداء هي الطريق للحصول على هذه المستلزمات.
الحكومة زادت المشكلة
وبحسب “عربي بوست”، فإن الحكومة السودانية ارتكبت خطأً كبيراً عندما قللت حصص الخبز والوقود في الولايات على حساب الخرطوم، قرابة 50% من حصصهم انتقلت للعاصمة.
وارتفع سعر الخبز في بورتسودان مثلاً (وهي من أبرز نقاط الاحتجاج) إلى 3 جنيهات كاملة للرغيف الواحد أي بزيادة 300%. وفي بعض المناطق وصل سعر الرغيف إلى 4 جنيهات سودانية.
المشكلة ليست في ارتفاع السعر فقط، لكنه غير متوفر من الأساس. فطلاب المدارس الذين تفاجأوا بعدم وجود خبز، شاركوا في المظاهرات، التي تصاعدت لإحراق مقر الحزب الحاكم.
المدن السودانية تنفجر
كل هذه المشاكل أوصلت السودانيين إلى مرحلة لم يعودوا قادرين فيها على تحمل كل هذه التداعيات السلبية، ليخرج مواطنون في مظاهرات ذات طابع عفوي بدت صغيرة جداً يوم الجمعة 14 ديسمبر/كانون الأول، وغير مؤثرة ولم تتبناها أي جهة سياسية.
لكن ما لا يتوقعه الكثيرون، هو أن هذه التظاهرات الصغيرة كانت بمثابة عود ثقاب يقترب من مخزن بارود، لتنفجر مدينتان من أهم مدن البلاد وهي عطبرة و بورتسودان بتظاهرات غير مسبوقة، الأمر الذي أشعل حماسة بقية المدن.
تعامل قوات الأمن مع المتظاهرين كان لطيفاً في البداية، لكن عندما تواصلت المظاهرات لليوم التالي، تعاملوا بالعنف، ما أدى لسقوط قتلى.
ثم انتقلت المظاهرات للخرطوم، والتي بدأت في الأحياء والمناطق السكنية، ثم انتقلت للمراكز الرئيسية وللجامعات، واتسعت رقعتها وأصبحت على مقربة من القصر الرئاسي.
المظاهرات تخرج من معقل الحزب الحاكم
الحكومة السودانية تراجعت عن عدد من القرارات الهامة، بعد أن كانت تنوي رفع الدعم عن الخبز والمحروقات.
الرئيس السوداني عمر البشير كان موجوداً في بورتسودان في وقت اشتداد وتيرة التظاهرات، حيث كان من المفترض أن يحضر مناورات عسكرية، لكنه لم يستطع ذلك وعاد للعاصمة.
وأكثر ما فاجأ الحزب الحاكم هو عفوية المظاهرات من خلال التنظيم والشعارات، وأنها خرجت من مناطق تعتبر من معاقل الحزب الحاكم.
وخرجت ولاية نهر النيل والتي تعتبر مدينة عطبرة من أبرز مدنها في الولاية التي ينحدر منها الرئيس السوداني وأبرز أقطاب حزبه وأبرز أصحاب المناصب الحساسة في مؤسسات الدولة، وكذلك خرجت معها الولاية الشمالية التي ينخرط الكثير من أبنائها في صفوف المؤسسات الأمنية والعسكرية، وهو ما خلط كثيراً أوراق الحزب الحاكم الذي يتهمه معارضون باستغلال أبناء هاتين الولايتين، وهو ما كانت تنفيه الحكومة باستمرار.
وليس هذا فحسب بل إن عضوية حزب المؤتمر الوطني الحاكم أو عضوية الحركة الإسلامية، استقبلت الحراك بشيء من الشماتة وببعض الرضى، حتى أن بعض هؤلاء ليس عنده أي رغبة لصد هؤلاء المتظاهرين.
كما ان دعوات التظاهر ضد الرئيس السوداني عمر البشير، لم تتوقف منذ عام 2011، والتي يطلقها نشطاء معظمهم يقيم في المهجر ولم تكن دعواتهم تلك تتلقى سوى استجابة محدودة من الشعب وتأييد نسبي من طلاب الجامعات.
وكانت عضوية الحركة الإسلامية من خلال الطلاب ذوي العضوية الفئوية كانوا يواجهون المتظاهرين ويسدون الطرقات أمامهم، كان هؤلاء أداة أكثر فعالية من قوات الأمن، بحسب مصادر «عربي بوست».
لكن كل ذلك لم يعد موجودا اليوم، بل على العكس فقد أصبح هناك بعض الشماتة، لأن حكومات البشير المتعاقبة خلال فترة الحكم الطويلة قامت بـ”تهميش أي صوت غيور حريص على المشروع الإسلامي، وأصبح الناس غريبين على الحركة وعلى المشروع ويبحثون عن مصالحهم”.
الجيش يحمي المتظاهرين
كان ملفتاً للأنظار ما حدث في عطبرة. فقد حمت قوات الجيش المتظاهرين هناك من قوات الشرطة والأمن، وهو ما ظهر في فيديوهات منتشرة على الإنترنت.
حيث تواجدت فرق من الجيش بأكثر من منطقة ومنعت الشرطة من التعامل العنيف مع المتظاهرين، بل في بعض الأحيان حمت المتظاهرين، في عطبرة والقضارف. بل إنه في ظنكلة، انضم جزء من الشرطة للمتظاهرين.
كذلك ما تداوله مستخدمو الشبكات الاجتماعية من صور قيل إنها لقائد الفرقة الثانية مشاة في مدينة القضارف اللواء الركن محي الدين أحمد الهادي وهو يقف في صفوف المتظاهرين، وهو ما يعني أنه يوفر لهم الحماية.
هذا الأمر أوحى لبعض المراقبين أن المؤسسة العسكرية تضع مسافة بينها وبين قائدها الأعلى المشير عمر البشير الذي يهتف المتظاهرون بسقوطه، بينما رأى آخرون أنها تكهنات غير صحيحة ومجرد خطوة لتهدئة المواطنين الغاضبين، خصوصاً أنه لم يصدر من هؤلاء الأشخاص أو مؤسسة الجيش أي بيان رسمي يفيد بأنها لم تعد تلتزم بقرارات الرئيس السوداني.
أين الأحزاب السياسية من ثورة الخبز؟