تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
“لقد أعطانا الوطن كل شيء وجعلنا الشخصيات التي نحن عليها الأن، لا يمكننا تركه عندما يحتاج منا أكثر..”، “حان الوقت كي نأخذ مصيرنا، لقد وصل اليوم الذي طال انتظاره، وهو اليوم الذي قرر فيه الجيش الوقوف إلى جانب شعبه من أجل إنقاذ الغابون من الفوضى..”
على هذه الكلمات التي ردّدها نائب قائد الحرس الجمهوري في الغابون “كيلي أوندو أوبيانغ” استيقظ الغابونيين فجر اليوم. كلمات جاءت ضمن بيان لما أطلق عليها “حركة الشباب الوطني في قوات الدفاع والأمن الغابونية”، تعلن فيه الحركة انقلابها ضدّ الرئيس المختفي منذ توجهّه للسعودية في أكتوبر/تشرين الماضي “علي بونغو”.
السيطرة على الإذاعة وحظر التجول
الجماعة المنقلبة على نظام “بونغو”، سيطرة على مبنى الإذاعة الوطنية، منذ الساعة الرابعة من صباح يوم الاثنين بالتوقيت المحلي. وشوهدت لقطات عبر مواقع الإنترنت لدبابات ومركبات مدرعة في شوارع العاصمة ليبرفيل.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود عيان، سماع أصوات إطلاق نار في شارع تريفومال، في وسط العاصمة الغابونية ليبرفيل، في نفس الوقت الذي سيطرة فيه الضباط على مقرّ إذاعة التليفزيون الغابونية. وقال مراسل الوكالة الفرنسية إن قوات الأمن المدرعة في غابون منعت منذ الساعة السابعة الوصول إلى هذا الشارع.
وأعلنت وسائل إعلام محلية وأخرى دولية عن صدور قرار بفرض حظر التجول في مدن الغابون، فضلا عن قطع الانترنت هناك، ولم يتبين إلى الأن ما الذي يحصل بالتحديد في العاصمة ليبرفيل، غير أن العديد من التدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي تحدّثت عن مواجهات متفرقة بين عناصر من الجيش، وأيضا غلق للحدود والمطارات في البلاد.
“مجلس إصلاح وطني”
الضباط المنقلبون، قالوا في بيانهم إنهم سينشؤون ما سموه “المجلس الوطني للإصلاح”، “بعد التشاور مع جميع قوات الأمة لضمان استمرارية الدولة وضمان الانتقال لشعب الغابون.” وأضاف الضابط “كيلي أوندو أوبيانغ” في البيان، ” من أجل المصالح الفضلى للأمة، يُطلب من البنات وأبناء الوطن الجديرين الانضمام إلى الجمعية الوطنية: الجنرال جان فيليب نيتومبا ليباني، العقيد رابونتشومبو، ممثلو المجتمع المدني التالية: جان ريمي ياما كما تمت دعوة كل من مارسيل ليباما، وبوليت أويان، ولورانس ندونغ، وبرتراند زيبي، وجميع قادة الطوائف الدينية إلى الجمعية الوطنية. السياسيون، قادة الأحزاب السياسية المعارضة، لوسي ميليبو أوبيسون، ماريوس أسومو، الأمين العام للمدير التنفيذي.
ويقول ضباط حركة الشباب الوطني في قوات الدفاع والأمن الغابونية، في بيانهم إنهم “أصيبوا بخيبة أمل بسبب الرسالة الموجهة إلى الأمة المؤرخة في 31 كانون الأول / ديسمبر من رئيس الجمهورية علي بونغو.. رسالة بونغو لإغلاق النقاش حول صحته عززت الشكوك حول قدرته على تحمل العبء الثقيل المتعلق بمكتب رئيس الجمهورية.”
ومطلع يناير/كانون الثاني الجاري، قال الرئيس بونغو، إنه يستعد للعودة إلى بلاده قريبا بعد تحسن حالته الصحية، وذلك في مقطع فيديو مصور تم بثه من الرباط، وتناقلته وسائل إعلام غابونية ومنصات التواصل الاجتماعي، بمناسبة العام الجديد، في أول خطاب متلفز منذ وعكته الصحية.
ويتابع الضابط، “وهكذا فإن حركة الشباب الوطنية لقوات الدفاع والأمن حريصة على إنقاذ الديمقراطية، والحفاظ على سلامة التراب الوطني والتلاحم الوطني قررت اليوم تحمل المسؤولية لهزيمة كل المناورات الجارية التي تهدف إلى مصادرة السلطة من قبل أولئك الجبناء الذين قاموا في ليلة 31 أغسطس/أب 2016 بقتل مواطنيهم الشباب بدعم من المؤسسات غير الشرعية وغير القانونية.”
ودعا الضباط المنقلبون جميع القوى الأمنية والشباب الغابوني للانضمام إليهم في العملية التي أطلقوا عليها “عملية الكرامة”، وطالبوا من أفراد قوات الدفاع والأمن خارج الثكنات، والعسكريين المتقاعدين والفارين من ارتداء زي موحد والنزول إلى الشارع في مهمة تهدف الى توعية الناس هناك. كما طالبوا من قوات الجيش السيطرة على جميع وسائل النقل والثكنات ونقاط التفتيش الأمنية والمستودعات والمطارات.
الحكومة: الوضع تحت السيطرة
في مقابل ذلك، قال وزير الاتصالات جاى برتراند مابانغو، والمتحدث باسم الحكومة الغابونية، إن وحدات من الأمن اعتقلت المنقلبين، مؤكّدا للإذاعة الفرنسية الدولية أن الوضع تحت السيطرة وسيستعاد النظام بالكامل خلال ساعتين أو ثلاث ساعات.
وفي وقت سابق من صباح اليوم، قال مصدر مقرب من الرئاسة للإذاعة الفرنسية إن “النقاط الاستراتيجية تحت السيطرة، وإن الجيش لا يريد استخدام القوة ضد أولئك الذين سيطروا على الراديو”، في إشارة للانقلابين.”
مخاوف وشكوك حول صحة “بونغو”
تأتي محاولة الانقلاب هذه، في ظلّ تواصل غياب الرئيس “علي بونغو” عن البلاد، وكان بونغو قد اختفى بعد يوم من وصوله إلى السعودية، في 23 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، للمشاركة في المؤتمر الدولي “مستقبل الاستثمار”، بالعاصمة الرياض، ولقائه الملك سلمان عبد العزيز.
وأمام تزايد الشكوك حول اختفاءه، اضطرت الحكومة الغابونية لاصدار بيان قالت فيه، إنّ بونغو “كان يعاني من الدوار في فندقه بالرياض، في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما استدعى حصوله على الرعاية الطبية في مستشفى الملك فيصل بالعاصمة السعودية”.
وحسب وكالة “الأناضول”، فإن بونغو أصيب بالشلل بعد فترة قصيرة من وصوله إلى الرياض، وتم نقله إلى غرفة العمليات ودخل في حالة غيبوبة اصطناعية، فيما أكد مصدر مطلع لوكالة “فرانس بريس” أن الرئيس بونغو أصيب بسكتة دماغية.
ونهاية شهر نوفمبر/تشرين الأول، قالت الخارجية المغربية إن بونغو قد وصل إلى الرباط قادما من الرياض لقضاء فترة نقاهة في مؤسسة استشفائية، وجاء في بيان للوزارة أن القرار “يأتي وفق رغبة فخامة الرئيس بونغو في اتفاق تام مع المؤسسات الدستورية لجمهورية الغابون وتماشيا مع رأي الأطباء المعالجين”.
ووصل علي بونغو إلى الحكم سنة 2009، بعد وفاة والده عمر بونغو الذي ترأس الجمهورية مدة 42، وأعيد انتخابه لمأمورية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 27 أغسطس/آب 2016. ويُتهم بانغو بأنه اتسعت ممارسات الفساد في فترة حكمه، وسبق أن أوقفت السلطات الفرنسية مدير ديوانه بتهمة تلقي رشا من شركة أجنبية مقابل منحها صفقة، وقد أثارت الحادثة توترا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ويغذي انعدام المعلومات الدقيقة حول الوضع الصحي لعلي بونغو أونديمبا، المخاوف والشائعات في ليبرفيل، ويتذكر الغابونيون التعتيم حول مرض والد علي، الرئيس عمر بونغو الذي نقل في 2009 بسبب مرضه الشديد إلى برشلونة، ووفاته التي أعلنت رسميا في 8 حزيران/يونيو 2009، كشفتها في اليوم السابق مجلة اسبوعية فرنسية، لكن رئيس الوزراء آنذاك جان ايغي ندونغ نفاها.
……………………………………….
المصدر: noonpost