أطفال اليمن .. عصافير بلا أجنحة، ورود بلا سيقان.. ( أول حكاية من كتاب العدوان لطفلة فقدت ساقيها )
صنعاء // خاص // وكالة الصحافة اليمنية //
أســـــــوان.. حكاية أولى من كتاب العدوان
إن أردت رؤية ملاك فانظر في وجه طفل، وإن أردت ملامسة جمال الروح ومعانقة النبل والنقاء والبراءة فاستمع لحديث طفل، وإن أردت ادراك مدى ما بلغته همجية الإنسان وقبح سياساته وقسوة ما خلفته من آلام وجروح ودموع فتعرف على معاناة طفل..
في اليمن أطفال بعمر الزهور فقدوا أطرافهم وما بين عشية وضحاها سرقت منهم الابتسامة والفرح المسكون بالأمنيات الصغيرة كأحلامهم، الكبيرة كوجودهم في الحياة- ووجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرة ملاعب عالم لهوهم الطفولي البريء.. وتحولوا إلى عصافير فقدت أجنحتها ولم تعد قادرة على التحليق، وورود فقدت سيقانها وانتزعت جذورها وحرمت من ملامسة الارض..
في مركز الاطراف بالعاصمة صنعاء تتجسد الجروح والآلام والآهات التي خلفتها جرائم العدوان صورا وأسماء وقصصا يمكن لنا قراءتها في عيون الأطفال المثقلين بالحزن والمعاناة والانكسار، وما بين معاناة طفل فقد ذراعيه ومعاناة طفل فقد ساقيه تتوزع سيناريوهات العدوان التي استهدفت أكبادنا وذبحت الطفولة من الوريد إلى الوريد..
وكالة الصحافة اليمنية تلمست العديد من الحالات وستقوم بنشر فصول المعاناة من خلال استعراض قصص أطفال التهمت جرائم العدوان أجزاء من أجسادهم، وسواء استمر هذا العدوان الهمجي أو تم إيقافه فسيظل القصة الأبشع في ذاكرة اليمنيين وستظل سيناريوهاته متجسدة في عيون وأجساد الأطفال الذين حولتهم آلة حربه إلى عصافير بلا أجنحة وورود بلا سيقان..
أســـــــوان.. حكاية أولى من كتاب العدوان
كوردة متفتحة استيقظت أسوان، وكعادتها المرتبطة بلحظات بزوغ شموس الايام خرجت من منزلها لاستقبال الضوء والدفء وقراءة تفاسير الأحلام في كل ما يحيط بمنزلها الريفي من روعة وجمال..
ربما كانت أسوان تعتقد أن قريتها -الكائنة في عزلة اليوسفيين بمديرية “القبيطة” – بعيدة عن الحرب وأن منزلها الريفي المتواضع لا يمثل هدفا عسكريا لتمطره سحب العدوان بصواريخ الموت وقنابل الدمار، التي تستهدف اليمن واليمنيين، بل ولم تتوقع أن كل ما حولها من هدوء وجمال سيتحول إلى جبهة مواجهة، لكنها فوجئت بتلاشي كل ما كانت تنعم به من أمان وأدركت أن صباح يوم الـ9 من مايو 2017م لا يشبه كل ما كانت تعرفه من صباحات..
إخوة يوسف جاءوا مساءَ ومعهم آلة الحرب والموت والدمار ومخططات استهداف الأبرياء في عزلة اليوسفيين.
لم تكن هناك أهداف، لم تكن هناك ثكنات عسكرية ليستهدفها مرتزقة العدوان غير “أسوان” التي تزامن وصولها باحة المنزل مع وصول أول قذيفة مدفعية أطلقها المرتزقة باتجاه منزلها ومنازل الأبرياء..
انفجرت القذيفة التي لم تجد شظاياها غير جسد “أسوان” النحيل، هرعت الأسرة لإنفاذ أسوان لكن وفي اللحظة التي كان الجميع فيها يحاول لملمة الجروح وصلت القذيفة الثانية لتستهدف اسرة أسوان..
كانت الجريمة أكبر من أن تستوعبها أسرة الطفلة ومثلت فاجعة ستظل حية ومن الصعب تجاوزها..
الجريمة نتج عنها فقدان أسوان لساقيها واستشهاد جدها وإصابة والدها ووالدتها.