سياسات السعودية تمنع اليمن من التنقيب عن النفط
تقرير//وكالة الصحافة اليمنية// تتعالى أصوات شعبية ورسمية في اليمن من حين إلى آخر تقول صراحةً: إن “السعودية تقف وراء عدم الاستكشاف والتنقيب عن الثروة النفطية في بعض المناطق اليمنية”، بل إنها تذهب إلى أن “المملكة أجبرت الدولة اليمنية على عدم الإنتاج من مناطق أكدت عمليات استكشاف أنها تحتوي على نفط”، كما في محافظة الجوف الواقعة […]
تقرير//وكالة الصحافة اليمنية//
تتعالى أصوات شعبية ورسمية في اليمن من حين إلى آخر تقول صراحةً: إن “السعودية تقف وراء عدم الاستكشاف والتنقيب عن الثروة النفطية في بعض المناطق اليمنية”، بل إنها تذهب إلى أن “المملكة أجبرت الدولة اليمنية على عدم الإنتاج من مناطق أكدت عمليات استكشاف أنها تحتوي على نفط”، كما في محافظة الجوف الواقعة شرقي البلاد والمتاخمة للحدود السعودية.
ما يعزز هذه الاتهامات توقف عمليات التنقيب فجأة من خلال شركة “هنت” الأمريكية بمحافظة الجوف في ثمانينيات القرن الماضي. وتشير الروايات إلى أن زعامات قبلية موالية للسعودية وقفت خلف منع عمليات التنقيب قبل أن تعود في عام 2013، بتوجيه من الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، إلى إعادة عمليات الاستكشاف والتنقيب، التي استهدفت حفر أربع آبار في منطقة الخسف بالجوف فيما يُعرف بالقطاع 18؛ لكنها واجهت تصعيداً سعودياً من خلال ملف ترحيل المغتربين اليمنيين. وما يزيد الأمر غموضاً عدم إعلان الشركة نتائج أعمالها التي توقفت دون إيضاح.
ليكشف تصريح حكومي يمني في ديسمبر 2013، عن ممارسات سعودية تهدف إلى منع التنقيب عن النفط في المناطق الحدودية معها، وفقاً لما نقله موقع “الخبر” اليمني عن وزير الإدارة المحلية حينذاك علي محمد اليزيدي، الذي تحدث أمام وفد من حضرموت.
ووقعت السعودية واليمن عام 2000 في مدينة جدة اتفاقية تقضي بألا يتم التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في منطقة تبعد 40 كيلومتراً عن الحدود، إلا بموافقة كلا الجانبين اليمني والسعودي.
الاتفاقية التي نصت على تبادل المعلومات المتعلقة بالثروات النفطية في المناطق الحدودية، لم تلتزمها السعودية، حيث كشفت صحيفة “الشارع” اليمنية، في فبراير من عام 2014، عن رسالة من وزير النفط اليمني الأسبق، رشيد بارباع، إلى رئيس الوزراء اليمني آنذاك، أكّد فيها أن الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود قال إنه سيوجه وزارة النفط في السعودية بتزويد اليمن بالمعلومات بشأن النفط والمعادن الموجودة في الأراضي الحدودية بموجب “اتفاقية جدة” لترسيم الحدود، إلا أن الأمر لم يتم ولم تفِ السعودية بتعهداتها في هذا الشأن.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة السعودية تجاهلت رسائل الحكومة اليمنية بهذا الشأن، وعندما أرسل اليمن وفداً إلى السعودية أبقوه في الفندق، وعاد من دون أن يحصل على أي معلومات.
من جهته، أكد دبلوماسي يمني برتبة “سفير”، عمل سابقاً ضمن البعثة الدبلوماسية اليمنية، في حديث لـ موقع”الخليج أونلاين”، أن السعودية تقف وراء منع التنقيب، ليس فقط في محافظة الجوف، بل الحُديدة أيضاً.
السفير، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، قال: إن “المملكة استغلت ضعف إمكانات الحكومة اليمنية، التي لا تستطيع تحمُّل نفقات عمليات التنقيب والاستكشاف الضخمة، كما أنها كانت تعرقل أي محاولة اتفاق مع شركات أجنبية أخرى”.
وفي المقابل، يرى خبير نفطي يمني تحدث لـ”الخليج أونلاين”، أن الاتهامات اليمنية الموجهة إلى السعودية تفتقد مسوغات منطقية، فهو يرى أنه لا وجود لأي مجال للمنافسة من ناحية، وعدم ثبوت أي خلافات حول السيادة على مناطق واعدة.
ولا يتجاوز الإنتاج النفطي اليمني 500 ألف برميل يومياً، وفقاً لما هو معلن من مناطق مأرب وشبوة وحضرموت، في مقابل 12 مليون برميل تنتجها السعودية باعتبارها أوَل منتِج للنفط في العالم، فضلاً عن احتياطيها الضخم.
واعتبر الخبير، الذي رفض الكشف عن هويته، أن إمكانات اليمن النفطية في حدود ما تم من اكتشافات حتى الآن متواضعة جداً.
وأضاف: “المناطق الواعدة لا أظنها بذلك الحجم الذي يتداوله الإعلام، ولا نتوقع أن ينافس اليمن أصغرَ جيرانه في الثروات النفطية طبعاً، هذا في المدى المنظور، ما لم يتم اكتشاف غير متوقَّع”.
وعن مسوغات إمكانية تأثُّر الآبار بعضها ببعض لو كانت متجاورة أو قريبة بعضها من بعض، أوضح الخبير اليمني أن “النفط يوجد في حقول تكون بأحجام ومساحات مختلفة من صغيرة إلى عملاقة، وبعض الحقول تتكون من مكامن، وربما مستويات إنتاجية متعددة، وأحياناً من مكمن واحد”.
ولفت إلى أنه “فقط، الآبار التي تنتج من المكمن نفسه ومن النطاق نفسه يؤثر بعضها في بعض، وإذا تمت عمليات الحفر التطويري وفق دراسات علمية دقيقة، تنتج كل بئر من المساحة والحجم المستهدَف بحفر البئر دون أن يتعدى ذلك إلى المساحة والحجم المستهدف لأي بئر مجاورة”.
وتابع: “أحياناً تكون المكامن والنطاقات متصلةً بعضها ببعض بشكل ما ولدرجة ما؛ ومن ثم تتأثر فيما بينها. طبعاً هذا بصورة مبسطة، لأن هناك تعقيدات وتشعبات وفق حالات متعددة”.
أما المتخصص بالشأن الاقتصادي اليمني هشام البكيري، فقد قال: إن “القطاع النفطي في اليمن ما يزال بِكراً وواعداً”، مشيراً إلى أن “هناك تقارير لمؤسسات غربية تتوقع وجود كميات نفطية كبيرة في باطن الأراضي اليمنية، إلا أن ضعف سلطة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والاقتصادية من أكبر العوائق التي تمنع الاستكشافات النفطية”.
ولم يستبعد البكيري أن “تقوم السعودية بهذه الممارسات، فلديها سوء نية تجاه اليمن. منذ قيام الثورة اليمنية، في فجر 26 سبتمبر 1962، والمملكة تتدخل بكل ثقلها في تشكيل البنية السياسية والعسكرية والاقتصادية للدولة اليمنية، وتعيد تشكيل مراكز نفوذ التركيبة الاجتماعية اليمنية بما يخدم إبقاء الدولة اليمنية في إطار نفوذها”.
وأوضح أن القطاع النفطي من أهم ركائز الاقتصاد اليمني؛ فهو يغطي أكثر من ثلثي الميزانية العامة رغم محدودية الاستثمارات بهذا القطاع الحيوي، “فأي إجراءات تتخذها السعودية لمنع اليمن من التنقيب والاستكشافات النفطية في الجوف، تعمل على إبقاء أوضاع اليمنيين الاقتصادية متدهورة، وتحت رحمة سياساتها الخاطئة، لجعل اليمن بؤرة فقر واحتراب يستنزف مقومات الدولة وطاقة اليمنيين للحيلولة دون بناء دولة قوية”.