إيهاب شوقي
يحلو للبعض تشبيه الأحداث في اليمن والعدوان عليها وصمود المقاومة، بما جرى في فيتنام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهو تشبيه وجيه رغم الفروق الكبيرة بين الحالتين، وهو ليس تشبيها سيئا لكي ينفيه أصدقاء اليمن وأنصار المقاومة، فقد انتصرت المقاومة على الهيمنة الامريكية في فيتنام وسجلت سابقة مروعة في تاريخ الهزائم العسكرية والسياسية الأمريكية.
أبرز الفروق هنا هو أن فيتنام الشمالية كانت جزءً من المعسكر الشيوعي الشرقي المناهض للمعسكر غربي، وكانت المعركة مدعومة من كامل المعسكر لأنها تابعة لسياسة الاحتواء الأمريكية التي اتبعتها في مرحلة الحرب الباردة.
بينما المقاومة في اليمن هي معركة تحرر وطني خالصة، ويحاول معسكر العدوان تبرير هذا العدوان بمقاربة الأوضاع لوضع الحرب الياردة وأن اليمن واقعة تحت النفوذ الإيراني، وأن المعركة هي احتواء أيضا لتسليم السلطة لحكومة وطنية ليست خاضعة لنفوذ خارجي!
الحقيقة أن المقاومة وطنية صرفة وأن انتماءها ليس لدول وإنما لمحور مقاوم تتصرف بناء على قيمه وطنيا، فهو انتماء قيمي وليس تنظيمي، وهناك فارق كبير بين تحالفات القيم والتحالفات السياسية والعسكرية والتي تحبر أطرافها على الخضوع لمبادئ فوق وطنية قد تتعارض مع مصالح البلاد.
قد يقود التشابه بين الحالتين الفيتنامية واليمنية الى استقاء الدروس والسنن والتنبؤ بالنهايات، فرغم ما فعلته أمريكا من استخدام كافة القوى العسكرية – بما فيها القذرة – وجمعت الجنود من بلدان عدة، إلا أنها فشلت في كسر المقاومة وفشلت في الحصول على أية تنازلات الى ان تحولت القضية لازمة داخلية اجبرتها على الانسحاب.
كذلك لم تكن القضية متعلقة بأشخاص مهما عظمت قيمتهم، وانما تعلقت بعقيدة مقاومة، فقد توفي هوشي منة وسط الحرب ولم يفل ذلك من عزيمة المقاومين، وهو ما يسد الطريق امام سياسة الاغتيالات التي تحاول السعودية والامارات اتباعها املا في ان يشكل ذلك مكسبا استراتيجيا!
الدروس والعبر من الحرب الفيتنامية كثيرة، لكن قلة هم من يعتبرون.. اليوم ومع الصمود الاسطوري لليمن دون دعم من قوى عظمى، يحق لليمن أن يفتخر بمقاومته وبأنها الأعظم، واليوم أيضا نجد إرهاصات أزمات داخلية لدول العدوان، ولن نتطرق لازمات السعودية والإمارات، فهم وكلاء للمشروع الصهيو أمريكي، وهم لا يختلفون كثيرا عن حكومة الفساد في فيتنام الجنوبية هم ومن يتحالفون معهم بالداخل اليمني.
لكن على مستوى الاصلاء، فإننا نجد بوادر هذه الازمات تحديدا في المملكة المتحدة وامريكا.. فقد تعرضت المملكة المتحدة ، من بين حكومات غربية أخرى ، لانتقادات بسبب تأجيج الصراع من خلال بيع الأسلحة إلى التحالف.
نقلاً عن الإحصائيات الخاصة بإمدادات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية لاستخدامها في النزاع اليمني، يبين التقرير أن الحكومة البريطانية سمحت بتزويد 18،107 عملية تسليم ترخيص مفتوح للأسلحة والمعدات المزدوجة الغرض بين عامي 2015 و2017، دون الكشف عن الكميات أو القيمة المطلوبة.
لا تشمل الأرقام التراخيص بموجب تراخيص التصدير الفردية والوسيط. في حين أن عدد القتلى الرسمي في الأمم المتحدة قد توقف عند 10000، يقول المراقبون إن الرقم الحقيقي يقف بين 50،000 و80،000 شخص، يقتلهم العنف وسوء التغذية وأسوأ تفشي للكوليرا في التاريخ الحديث.
ووفقاً للإحصاءات التي قدمتها منظمة العمل غير الحكومية المعنية بالعنف المسلح ، بين عامي 2008 و 2017 ، أذنت حكومة المملكة المتحدة بتراخيص تصدير أسلحة تبلغ قيمتها 12 مليار جنيه إسترليني إلى هذه البلدان ، مع تراخيص إضافية للاستخدامات (للاستخدامات العسكرية وغير العسكرية) بقيمة 10 مليار جنيه إسترليني.
قال النائب عن حزب العمال لويد راسل مويل: “أشاطر المنظمات غير الحكومية قلقها من أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي غير فعال في محاسبة الحكومة على مخالفتها الروتينية لضوابط تصدير الأسلحة الخاصة بها. إنه أمر محترم للغاية بالنسبة للحكومة ، التي ترفض حتى أكثر التوصيات تكرارا. آمل أن يعمل الأعضاء هذا العام معًا لدفع الحكومة من أجل إجراء إصلاح جذري للترخيص والتطبيق والمراجعة.
وعلى الجانب الامريكي، قال مشرعون أمريكيون الأسبوع الماضي انهم يتوقعون أن يقر الكونجرس قرارا ينهي تدخل الولايات المتحدة في حرب اليمن وهو ما سيجبر الرئيس دونالد ترامب على اصدار أول حق نقض لرئاسته من أجل مواصلة دعم الائتلاف الذي تقوده السعودية.
وقال أعضاء في مجلس الشيوخ والنواب الجمهوريون والديمقراطيون إنهم يعيدون طرح قرار قوة الحرب الذي أقره مجلس الشيوخ بأغلبية 56 مقابل 41 في ديسمبر / كانون الأول، وتوبيخ ترامب وسط غضب المملكة العربية السعودية ليس بسبب مقتل مدنيين في اليمن فحسب، الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية سعودية في تركيا.
واعترض المشرعون – وهم تحالف من الديمقراطيين التقدميين والمحافظين الدستوريين الجمهوريين – على “الكارثة الإنسانية” في اليمن ، ولكنهم قالوا أيضًا إنهم يريدون من الكونغرس إعادة تأكيد سلطته الدستورية ليقرر ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تشارك في نزاع عسكري.
فلتستمر المقاومة في صمودها ولتتفاعل ازمات العدوان حتى اعلان النصر.