مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
– لطالما شكّلت هضبة الجولان السورية المحتلة “نقطة فارقة” في طبيعة الصراع العربي – الإسرائيلي والذي بدأ يأخذ أشكالاً جديدة بعد أن تمكّنت أمريكا من أن تخترق قسماً يسيراً من الأنظمة العربية وتجعلها تخضع لقراراتها، ومع ذلك كان هناك تنديد دولي وعربي كبير لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن سيادة الاحتلال الإسرائيلي على مرتفعات الجولان التي احتلها الكيان الإسرائيلي في العام 1967 وضمّها في العام 1981، في إجراء يتناقض مع جميع القرارات الدولية حول هذه القضية.
عربياً
ندّدت الدول العربية بأغلبيتها بتصريح ترامب الذي أطلقه يوم الخميس الفائت عبر حسابه على موقع “تويتر” قال فيه: “بعد 52 عاماً حان الوقت لكي تعترف أمريكا بالكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان”.
ونددت الجامعة العربية بموقف ترامب، مؤكدة أن “الجولان أرض سورية محتلة”.
وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط مساء الخميس “التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأمريكية التي تمهّد لاعتراف رسمي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي”.
وأكد أبو الغيط أن “الجولان أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي”.
وتوالت التصريحات العربية المنددة بهذا القرار الترامبي الذي من المحتمل أن يوقّع عليه الرئيس الأمريكي عند زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن الاثنين.
التعاضد العربي “وإن كان مشكوكاً به” فيما يخصّ مسألة الجولان، يعدّ أمراً جيداً في حال تبلور هذا التكاتف خلال اجتماعات قمة الجامعة العربية التي من المقرر أن تجري في تونس نهاية الشهر الحالي، إلا أن ما فعلته بعض الدول العربية خلال الأزمة السورية يجعل الجميع يشكّك بحسن النوايا لاسيما أن كثيراً من هذه الدول فرشت السجاد الأحمر لمشاريع ترامب في المنطقة، خاصة “صفقة القرن” وبالتالي فإن التعاطي مع سوريا يحمل في طياته ازدواجية لها مبرراتها بالنسبة لهذه الدول، فعلى سبيل المثال تحاول أن تقول هذه الدول أنها لا تزال تدافع عن قضايا الأمة ومصيرها المشترك ومن ناحية أخرى تريد أن توصل رسالة مفادها أنها لا تأخذ قراراتها من أمريكا وليست دولاً “تابعة”، إلا أن ما يجري في كواليس العلاقات العربية – العربية يؤكد أن هناك دولاً تأخذ قراراتها من واشنطن بشكل مباشر، وإلا ماذا يعني أن يصرّح المتحدث باسم الجامعة العربية بأن موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية ليس مدرجاً على أعمال القمة، في الوقت الذي تتعرّض فيه سوريا حكومةً وشعباً لمحاولة “انتزاع” أراضٍ بالقوة بما يخالف جميع القرارات الدولية.
دولياً
تبنّى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدين احتلال “إسرائيل” لمرتفعات الجولان ويعتبرها أرضاً سورية، وطالب القرار “إسرائيل” الالتزام بالقرارات الدولية، رافضاً مبدأ السيطرة على الأراضي بالقوة.
وصوّت المجلس في آخر أيام انعقاد دورته الأربعين في جنيف على مشروع القرار الذي تقدّمت به باكستان باسم منظمة التعاون الإسلامي بموافقة 26 دولة، بينما عارضت القرار 16 دولة، وامتنعت 5 دول عن التصويت من بينها دول عربية “الصومال”.
بدوره، قال الاتحاد الأوروبي اليوم إنه لا يعترف بسيادة “إسرائيل” على هضبة الجولان.
ونقلت رويترز عن متحدثة باسم الاتحاد “موقف الاتحاد الأوروبي لم يتغيّر.. الاتحاد لا يعترف، كما يتماشى مع القانون الدولي، بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ يونيو/حزيران 1967 بما فيها هضبة الجولان، ولا يعتبرها جزءاً من السيادة الإسرائيلية”.
وفي باريس، قالت الخارجية إن فرنسا لا تعترف بضم “إسرائيل” لهضبة الجولان وإن الاعتراف به يتعارض مع القانون الدولي.
وقالت الوزارة بإفادة يومية “الجولان أرض تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وفرنسا لا تعترف بضم إسرائيل لها عام 1981” معتبرة أن الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان وهي أرض محتلة “سيتعارض مع القانون الدولي وخاصة الالتزام بألّا تعترف الدول بوضع غير مشروع”.
وفي روسيا، اعتبر الكرملين أن “دعوات كهذه من شأنها زعزعة استقرار الوضع بشكل كبير (…) في الشرق الأوسط” قبل أن يضيف “إنها مجرد دعوة الآن، دعونا نأمل أن تبقى كذلك”.
وفي تركيا، حذّر الرئيس رجب طيب أردوغان -خلال افتتاح اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول- من أن موقف ترامب يضع المنطقة على حافة “أزمة وتوترات جديدة”.
كما أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن صدمة بلاده بعد إعلان ترامب، وكتب في تغريدة “الجميع صُدم بمواصلة ترامب محاولة منح ما ليس له لإسرائيل العنصرية.. أولاً القدس والآن الجولان”.
أهمية الجولان
تبلغ المساحة التي تحتلها “إسرائيل” حوالي 1200 كيلومتر مربع من هضبة الجولان السورية، بينما لا يزال حوالي 510 كيلومترات مربعة تحت السيادة السورية.
ويكتسب الجولان أهمية كبيرة على اعتبار أن مرتفعاته تطلّ على لبنان وتتاخم الأردن، وبالتالي فإن موقعه الجيوسياسي يكسب أهمية كبيرة دفعت دمشق للتمسك بهذه الأرض وعدم التخلي عنها مهما كلّف الثمن، وجميعنا رأينا كيف حاول كيان الاحتلال استغلال الأزمة السورية وانشغال الحكومة السورية في محاربة التنظيمات الإرهابية ليسارع الكيان الصهيوني لتأزيم الأوضاع على حدود الجولان والسماح للجماعات الإرهابية بأن تنتشر في تلك المنطقة ظنّاً منها أنها تتمكن بذلك من توسيع دائرة السيطرة في تلك المنطقة إلا أن الجيش السوري وحلفاءه تمكّنوا من جميع المناطق التي سيطر عليها المسلحون في تلك المنطقة، وفيما يخص تصريح ترامب الجديد بسيادة “إسرائيل” على الجولان فقد شجبت دمشق القرار، وأكدت أنه لا يغيّر من حقيقة سوريّةِ الجولان.
وشددت وزارة الخارجية السورية على أن استعادة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي “بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي لا تزال أولوية في السياسة الوطنية السورية”، مضيفة إن “الإدارة الأمريكية بحماقتها وغطرستها لا تمتلك أي حق أو ولاية في أن تقرّر مصير الجولان العربي السوري المحتل”.
وأشارت إلى أن على مجلس الأمن “اتخاذ إجراءات عملية تكفل ممارسته لدوره وولايته المباشرين في تنفيذ القرارات التي تنص على إلزام إسرائيل بالانسحاب من كامل الجولان السوري المحتل”.
(المصدر : الوقت التحليلي)