فاجأت الحكومة المغربية، الكثير من المراقبين، يوم الجمعة الماضي، بقرار الانتقال من نظام صرف ثابت للدرهم إلى نظام مرن (تعويم)، ابتداء من غد الإثنين، بمباركة من صندوق النقد الدولي، الذي نصح الرباط بتحرير تدريجي لسعر الصرف، على اعتبار أن هذه الخطوة تتيح للاقتصاد “امتصاص الصدمات الخارجية والحفاظ على تنافسيته”.
وكانت بعثة الصندوق قد زارت المغرب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، بعد أن قررت الحكومة في يوليو/تموز من نفس العام تأجيل تحرير سعر صرف الدرهم، في خطوة مغايرة لرغبة البنك المركزي، الذي اعتبر أن كل الترتيبات وضعت من أجل تحقيق هذه الخطوة.
وترتبط المملكة باتفاق ائتماني يتيح لها الحصول على 3.47 مليارات دولار، في حال تعرض الاقتصاد لصدمات خارجية. ولم يستعمل المغرب ذلك الائتمان، غير أن الحكومة تنظر إليه باعتباره، دليل ثقة في الوضع المالي للمغرب، وهو ما يمكن أن يساعد على كسب ثقة السوق المالية الدولية.
ودأب محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، على التأكيد على أن ذلك الخط الائتماني غير مرهون بشروط، غير أن العديد من الخبراء يعتبرون أن يد الصندوق لم تكن بعيدة عن الكثير من القرارات التي اتخذها المغرب في الجانب المالي، منذ ستة أعوام.
ويقول الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنه رغم الطابع السيادي لتعويم العملة المحلية، فإن هذه الخطوة جاءت وفق توصيات لصندوق النقد.
ويضيف الفينا أن الحكومة تنتظر من القرار تأمين رصيد من النقد الأجنبي وتشجيع التصدير والحد من المديونية، إلا أنه
سيكون له تأثير سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، في حال عدم اللجوء إلي خفض الضرائب.
ويبدي الكثير من المغاربة مخاوفهم من تعويم العملة، رغم الطابع التدريجي الذي تعهدت به حكومة سعد الدين العثماني.
وتواصل الحكومة الحالية ما تصفه بالإصلاحات الهيكلية، التي بدأتها حكومة عبد الإله بنكيران السابقة، والتي اتجهت بتشجيع من صندوق النقد، إلى خفض مخصصات الدعم عبر الموازنة بتحرير أسعار البنزين والسولار، بالموازانة مع السعي للضغط على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية، والانخراط في إصلاح نظام التقاعد في الوظائف الحكومية.
ورمت الحكومة من وراء ذلك إلى خفض عجز الموازنة، الذي تتوقع وصوله إلي 3% خلال العام الحالي. غير أن محمد الهاكش، القيادي بالاتحاد الزراعي العمالي، يرى أن الإصلاحات التي يرعاها صندوق النقد، لم تفض إلى نمو مرتفع يمكن أن يوفر فرص عمل في ظل وصول معدل البطالة إلى 10.5%.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الرهج، أن السياسة التي سارت عليها الحكومة في مجال تقليص الدعم، رفعت مستوى أسعار البنزين إلي مستويات قياسية، في ظل أسعار متوسطة في السوق الدولية، متسائلا حول ما سيؤول إليه الحال عند بلوغ البرميل 70 أو 100 دولار.
وتشير المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) إلى أن معدل التضخم لا يتجاوز 2%، لكن خبير الاقتصاد إدريس الفينا، يقول إن هذه النسبة لا تعكس الوضع الحقيقي للأسعار، التي يتوقع أن ترتفع أكثر بعد قرار تعويم الدرهم.
وكالات