// تحقيق خاص // محمد محمود // وكالة الصحافة اليمنية //
تستثمر المنظمات الدولية العاملة في اليمن، معاناة اليمنيين من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية التي تصل كلفتها مئات ملايين الدولارات.
وبالإمكان القول أن المثل الشعبي القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد” ينطبق على المنظمات الدولية، التي تحتال على نسبة كبيرة من قيمة المشاريع تصل إلى 70% إجمالي تكلفة المشروع.
ويتصدر أكثر من 20 مليون يمني قوائم المنظمات الدولية من حيث انعدام الغذاء جراء تفاقم الكارثة الإنسانية، بحاجة إلى مساعدات طارئة، التي أعلنت الأمم المتحدة في نهاية 2018، عن حاجتها لـ 5 مليار دولار توفير المساعدات الإنسانية لحوالي 20 مليون يمني في 2019.
“وكالة الصحافة اليمنية” سعت في التحقيق التالي الكشف عن خفايا فساد المنظمات الدولية العاملة في اليمن:
تستأثر أكثر من 54 منظمة دولية بالتمويلات المخصصة للجوانب الإنسانية في اليمن، وتنفذ مشاريعها عبر شركاء محليين، ويتم تفريخ عدد من الشركاء، لإضفاء مشروعية على التلاعب بالأموال الهائلة بالتزامن مع غياب الرقابة الفعلية على أداء المنظمات من جهة، وانعدام الشفافية بحجم ما تنفقه من تمويل المانحين للمشاريع المختلفة في اليمن.
وأخفقت الأمم المتحدة في التخفيف من حدة معاناة المواطن اليمني في مجالات متعددة سواء في توفير الغذاء والدواء ومكافحة الأوبئة والأمراض القاتلة ومنها وباء الإسهالات المائية الحادة “الكوليرا” الذي أدت إلى وفاة أكثر من 125 حالة وإصابة 82 ألف حالة منذ بداية يناير وحتى منتصف مارس المنصرم، رغم المعونات المالية التي تحصلت عليها من المانحين مقابل استكمال العمل الإنساني.
لصوصية واحتيال
في مطلع فبراير الماضي كشف مدير مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية – رئيس مجلس ادارة الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث أحمد حامد، عن إحدى المنظمات الدولية ” لم يسمها” حصلت على مساعدة مالية بمبلغ 5 ملايين دولار، لكنها استولت على مبلغ 3.1 مليون دولار لنفسها تحت مسمى نفقات تشغيلية، وأقل من 2 مليون دولار هو ما وصل لليمنيين.
وأشار خلال مؤتمر صحافي لإشهار خطة العمل الانساني في اليمن للعام 2019، إلى أن منظمة أخرى حصلت على مساعدة دولية باسم الشعب اليمني مقدارها 750 ألف يورو ، ولم تقدم لليمنيين منها سوى مساعدات بقيمة 50 ألف يورو، وصرفت لنفسها بقية المبلغ 700 ألف يورو تحت مسمى نفقات تشغيلية”.
مراحل الاستغلال
وكشف وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للشؤون التنمية في حكومة الإنقاذ الوطني ـ يحيى قرواش في حديث لـ “وكالة الصحافة اليمنية” عن مراحل استغلال واستثمار المنظمات الدولية لمعاناة المواطن اليمني عبر حصولها على تمويلات من الأمم المتحدة “الاوتشا، و اليونيسيف” وغيرها لتنفيذ مشاريع في اليمن، والتي تستحوذ على 30% من قيمة المشروع، ثم تبحث لها عن شريك محلي ليأخذ 7% ، والشريك المحلي يبحث عن شريك آخر ويأخذ نسبة 2 % مقابل الرقابة والإشراف ، ليأخذ المنفذ 5% ، وكل ذلك دون نفقات المرتبات والقرطاسية والتنقلات وغيرها وما يصل سوى نسبة 20% من قيمة المشروع للمواطن اليمني.
مشددا في الوقت ذاته على الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث، أن تحزم مثل تلك التجاوزات، وتحقيق مبدأ الشفافية المطلقة مع المنظمات الدولية.
مؤتمرات المانحين
حصلت اليمن على 5.7 مليار دولار، عبر 3 مؤتمرات للمانحين منذ إبريل 2017 وحتى 26 فبراير 2019، دون المساعدات المقدمة على شكل مساعدات عينية من مختلف الدول منذ بداية الحرب على اليمن، إلا أن عدم توفر آلية كفؤة وشفافة لإدارة وتوظيف أموال المانحين، لصالح الشعب اليمني، وغياب الرقابة والتقييم لما يتم توظيفه من أموال المانحين، فاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.
مساعدات ضئيلة
وأشار وكيل الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث لقطاع التنسيق ـ فيصل مدهش في حديث لـ” وكالة الصحافة اليمنية ” إلى أن المساعدات الإنسانية الدولية لا تغطي 40 % من حجم الاحتياج الفعلي من اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة للغذاء في المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى، مبينا أن أكثر من 80 % من سكان اليمن يحتاجون للغذاء، وفق قاعدة البيانات الخاصة بالهيئة.
وأوضح أن المواد الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، أشار مدهش بأنه ليس للهيئة حق الرقابة عليها كونها تأتي مواد غذائية من الخارج وليس من الداخل.
إيقاف 27 منظمة
إلا أن وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية يحيى قرواش أشار إلى أن هناك منظمات دولية، تحتوي شركاء محليين مناوئين لسلطات المجلس السياسي الأعلى، للعمل معها بطريقة سرية “غير شرعية” وبدون معرفة الجهات المعنية “الوزارة والهيئة الإنسانية” تم إيقاف عدد 27 منظمة يتقاضى رؤسائها وهم خارج اليمن، وبعضهم في عدن مؤيدين للعدوان مبالغ مالية تصل لأكثر من 3 آلاف دولار.
مبينا أن منظمات المجتمع المدني التي تم الترخيص لها بحدود 160 مؤسسة محلية ومنظمة، وفق معايير وآلية خاصة، من أصل 13 ألف منظمة وجمعية مسجلة في الوزارة.
تحديد سقف النفقات
وبخصوص المنظمات المحلية العاملة في المجال الإنساني، أوضح وكيل الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث لقطاع التنسيق “مدهش” أن الهيئة وعن طريق إدارة المشاريع، تقوم بدراسة المشاريع التي تنفذها المنظمات المحلية، وتحديد سقف للنفقات التشغيلية بحيث لا يتجاوز نسبة 30 %. من قيمة المشروع.
غياب الشفافية
وتطرق وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية قرواش إلى أن هوامير الفساد ونهب المال العام من قبل المنظمات الدولية وشركائها المحليين، لا تنتهج مبدأ الشفافية في موازنة المشاريع الخاصة بها، ليتم إرفاق أدبيات المشروع دون أي الموازنة التشغيلية من قبل المنظمات الدولية أو المحلية، لأنهم يدركون بأن مشاريعهم باطلة قائمة على النصب والاحتيال.
مساعدات نقدية
وكان مدير مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية – رئيس مجلس ادارة الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث أحمد حامد، طالب المنظمات الدولية العاملة في اليمن خلال إشهار خطة العمل الانساني في اليمن للعام 2019، في فبراير الماضي، بأن تعمل بـ” مثالية ومصداقية” وأن تكون الاحتياجات مدروسة ومنظمة تلبي الاحتياج الفعلي للشعب اليمني، وليس الرؤية الخاصة للمنظمات التي لا تخدم واقع العمل الانساني، لافتا إلى أن تكون المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية للنازحين والمواطنين اليمنيين نقدية بدلاً عن العينية.
الوجه الآخر للعدوان
وأعتبر المدير التنفيذي لمنظمة مساندة وإنجاز التنموية محمد عبده علي داديه، أن ما تبدو عليه المنظمات الدولية العاملة في اليمن، ومعها بعض شركائها المحليين من منظمات المجتمع المدني، يخوضون حربا أخرى على الشعب اليمني من أجل كسب الأموال، فاقم من معاناة الأوضاع الإنسانية وفق عملية ممنهجة تمثل الوجه الآخر للعدوان في استهداف المواطن اليمني، الذي أصبح رهن استغلال المنظمات الدولية التي ابتعدت كثيرا عن الأخلاق الإنسانية.