تقارير (وكالة الصحافة اليمنية)
حاولت السعودية منذ مقتل خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول، التستر على جريمة القرن باساليب مختلفة تهدف جميعها الى تبرئة المجرم الاصلي، ولي العهد الشاب محمد بن سلمان، الذي ليس بوسعه اليوم انكار ضلوعه بالجريمة في ظل الفضائح التي يكشف عنها الاعلام العالمي واحدة تلو الاخرى، رغم دعم ترامب له.
أحدث الفضائح التي كشفت عنها “واشنطن بوست” هي قضية الرشاوي الضخمة التي قدمها إبن سلمان لابناء خاشقجي من أجل تكميم أفواههم وشراء صمتهم لصالحه.
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نقلا عن مسؤولين سعوديين حاليين وسابقين ومقربين من عائلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أن أبناءه الأربعة تلقوا تعويضات مالية ضخمة شملت منازل بملايين الدولارات في المملكة ومدفوعات شهرية كتعويض عن قتل والدهم.
وأضافت الصحيفة -نقلا عن ذات المصادر- أن أبناء خاشقجي (ابنان وابنتان) قد يتلقون تعويضات بعشرات ملايين الدولارات لكل فرد كجزء من مفاوضات قد تعقب انتهاء المحاكمات في قضية اغتيال خاشقجي، لضمان استمرارهم في الامتناع عن الإدلاء بتصريحاتهم العامة بشأن مقتل والدهم.
وبموجب تسوية أولية، سلمت الرياض لأبناء خاشقجي منازل في مدينة جدة تصل قيمة الواحد منها أربعة ملايين دولار، فضلا عن تعويض شهري قيمته عشرة آلاف دولار لكل منهم.
ونقلت “واشنطن بوست” عن مصدر بنكي في مدينة جدة، أن صلاح -الابن الأكبر لجمال خاشقجي- هو من تولى التفاوض مع السلطات السعودية في موضوع التعويضات.
في المقابل تولى التفاوض مع جانب السلطات شقيق ولي العهد وسفير السعودية السابق في واشنطن الأمير خالد بن سلمان الذي يشغل حاليا منصب نائب وزير الدفاع.
وحسب الصحيفة فإن صلاح خاشقجي قرر البقاء في السعودية، بينما يُتوقع أن يبيع باقي أبناء خاشقجي ممتلكاتهم في المملكة ويستقرون في الولايات المتحدة، وهم عبد الله ونهى ورزان.
كما نقلت الصحيفة عن المسؤولين السعوديين أن التعويضات المالية -التي لم يعلن عنها سابقا- جزء من جهود السعودية للتوصل إلى تفاهم طويل الأمد مع عائلة خاشقجي.
ووصف مسؤول سعودي هذه التعويضات بأنها جزء من عادات المملكة في دعم ضحايا الجرائم العنيفة وضحايا الكوارث الطبيعية، نافيا أن يكون الهدف منها إجبار أبناء خاشقجي على التزام الصمت.
ورغم ما خلفته جريمة خاشقجي من غضب وانتقادات في العالم لسياسات المملكة، خصوصا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن أسرة الصحفي المغدور لم توجه أي انتقاد لاذع للسلطات السعودية.
وكذلك، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” فيلما وثائقيا يروي الأحداث المحيطة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول، والاتهامات الموجهة لولي العهد السعودي بالضلوع في عملية الاغتيال، وموقف إدارة الرئيس دونالد ترامب من هذه القضية.
ويستعرض الوثائقي في 24 دقيقة جريمة تصفية خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكيف يسعى أشخاص من ذوي السلطة لإسكات أصوات معارضة، حسبما جاء في الفيلم.
ويتضمن الفيلم مقابلات مع ناشر صحيفة واشنطن بوست فريد راين ومحررة مقالات خاشقجي كارين عطية، وشهادات صحفيين عملوا على تفاصيل القضية، إضافة إلى أصدقاء لخاشقجي في تركيا.
وفي ثنايا الفيلم يتم تسليط الضوء على الاتهامات الموجهة لولي العهد السعودي بالمسؤولية المباشرة عن قتل خاشقجي، ويشير إلى القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الأميركي في ديسمبر/كانون الأول الماضي بتحميل بن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي.
كما يشير إلى الدور الذي لعبه مقربون من ولي العهد السعودي في استدراج خاشقجي وقتله، ومن أبرز هؤلاء سعود القحطاني.
ويستعرض الوثائقي أيضا ارتباك السلطات السعودية في التعامل مع حادثة تصفية جمال خاشقجي، حيث أنكرت في البداية قتله داخل القنصلية، قبل أن تعترف بذلك، كما أنها قدمت روايات متناقضة عن ملابسات الجريمة ومصير جثة الراحل التي لم يعثر لها على أثر، ويعتقد أن السعوديين ذوبوها أو حرقوها بعد تقطيعها.
وفي ما يتعلق بموقف إدارة ترامب من هذه القضية، يستعرض الفيلم المعلومات التي قدمتها الاستخبارات الأميركية والتي تفيد بأن لولي العهد السعودي يدا في عملية الاغتيال.
كما يتضمن الفيلم مقاطع مصورة لمواقف داعمة للإصلاح والديمقراطية والمحاسبة عبر عنها خاشقجي في مناسبات مختلفة.
التحقيقات البريطانية
في الأثناء، طلبت وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية “إيميلي ثورنبري” من وزير الخارجية “جيرمي هانت” أن يقدم توضيحا عن ملابسات التحقيق الذي تجريه السعودية في اغتيال خاشقجي قبل ستة أشهر.
وأضافت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستمر في الإفلات من العقاب.
من جهته، رد وزير الخارجية البريطاني بأن بلاده ما زالت تتابع عن كثب مجريات المحاكمة التي تجريها السعودية في موضوع اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وأوضح أن بريطانيا ترسل مراقبين لمتابعة تفاصيل المحاكمة.
بدورها، قالت منظمة العفو الدولية إنه بعد مرور ستة أشهر على مقتل جمال خاشقجي لا وجود لأي مؤشرات حقيقية على تحقيق العدالة أو المساءلة الدولية.
وأضافت المنظمة في بيان إنه من الجلي أن السلطات السعودية والحكومات الأجنبية تتستر على القضية حفاظا على التعاون الأمني وصفقات الأسلحة.
وقالت المنظمة إن المحاكمات التي تجريها الرياض تفتقر إلى المصداقية والشفافية، مضيفة أنه من غير المقبول أن يصمت الدبلوماسيون الأجانب إزاء هذه الانتهاكات.
كما أكدت أن إجراء تحقيق دولي مستقل هو السبيل الوحيد لتفادي طمس آثار الجريمة.
وحثت المنظمة الدولية الرياض على إنهاء الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، والسماح للنشطاء الحقوقيين بالتعبير عن رأيهم، وضمان سلامتهم.
المصدر: العالم