غطى تصويت البرلمان الإيطالي على قرار بإرسال مزيد من العسكريين إلى ليبيا، ليصل عدد الجنود الإيطاليين إلى 400 عنصر، على الحدث الأبرز الذي تشهده ليبيا وهو تجدد الاقتتال في طرابلس بين الميلشيات التكفيرية من جهة والعناصر السلفية الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، من جهة أخرى، فقد اعتبرت أطراف من الشرق الليبي أن تصويت البرلمان الإيطالي هو تشريع لاحتلال جديد للأراضي الليبية من قبل المحتل السابق لبلد عمر المختار.
كما أن الصمت العربي والدولي على هذا الاحتلال الجديد يبعث على التساؤل وبخاصة دول الجوار التي يبدو أنه لا يعنيها أن تتواجد قوات أجنبية على حدودها رغم ما يمثله ذلك من مخاطر على أمنها ومن إمكانية لعودة الاستعمار القديم إلى شمال إفريقيا من البوابة الليبية. وبدوره فإن المبعوث الأممي غسان سلامة لم يعترض على التعزيزات الإيطالية بالرغم من أن ليبيا هي تحت الوصاية الأممية ومن المفروض أن يكون لمنظمة الأمم المتحدة رأي.
الإرهاب والهجرة
وتتذرع إيطاليا بمحاربة الإرهاب للتواجد في ليبيا، شأنها شأن فرنسا وحتى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية المتواجدة بكثافة في المياه الإقليمية الليبية من خلال أسطولها السادس المرابط في البحر الأبيض المتوسط. كما أن لروما مصالح في ليبيا تتركز في الأنشطة الطاقية وتسعى لتأمينها من خلال التواجد في الميدان، حيث شركاتها بالأساس.
ولعل أهم ذريعة تتحجج بها إيطاليا للعودة إلى ليبيا هي التصدي للهجرة السرية إلى أراضيها بعد أن تدفق عليها مهاجرون من مختلف الجنسيات انطلاقا من الأراضي الليبية. فمراقبة الحدود البحرية المترامية، لم يكن أمرا هينا على الحكومات الليبية المتعاقبة بعد 17 فبراير 2011 في ظل حالة الوهن التي عاشتها هذه الحكومات وسط ميليشيات تسعى لإضعافها.
السراج ايطاليا
ويرى محللون أن البرلمان الإيطالي ما كان ليتخذ هذه الخطوة لولا يقينه بولاء رئيس حكومة الوفاق الليبية لمستعمره السابق. فإيطاليا هي من اختارت السراج وسعت لفرضه على مختلف الأطراف، لكنه إلى اليوم لا يحظى بتزكية البرلمان في طبرق وزاد خليفة حفتر من الطعن في شرعيته معتبرا أن انتهاء اتفاق الصخيرات في الزمن يؤدي إلى انتهاء صلاحية ما انبثق عنه، أي المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق.
يعتبر جمال المبروك الناشط الحقوقي والسياسي الليبي ورئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية التي تعنى بملف الهجرة في ليبيا في حديث لـ”موقع العهد الإخباري” أن “الهجرة السرية ليست الذريعة التي يتم التدخل في ليبيا من أجل القضاء عليها”. إذ يمكن، بحسب المبروك، “القضاء على الهجرة السرية بمراقبة المياه الإقليمية دون الحاجة إلى التواجد العسكري على الميدان، وهناك عملية صوفيا التي ينجزها الحلف الأطلسي بقيادة ايطاليا في البحر المتوسط وهي كافية للحد من الهجرة السرية برأي محدثنا”.
يضيف المبروك: “إن هدف إيطاليا من إعادة استعمار ليبيا هو وضع يدها على ثروات ليبيا الطاقية ونيل نصيب الاسد من الكعكة في منافسة مع فرنسا وحتى الولايات المتحدة وبريطانيا. لذلك لن تنسحب إيطاليا من ليبيا إلا متى أمنت مصالح شركاتها النفطية وضمنت تدفق ما يدره قطاع النفط والغاز من أرباح على خزينتها”.