بعد الغوانتانامو الإماراتي في اليمن والذي أزكمت رائحة ضحاياه أنوف العالم؛ خرج إلى العلن اليوم غوانتانامو جديد، لكن هذه المرّة بطعمٍ سعوديٍّ خالص، حيث كشفت تقارير إعلامية وحقوقية أنّ قوات الشرطة العسكرية السعودية، تُدير سجناً سريّاً على الحدود اليمنية السعودية وتحديداً في منفذ الخضراء الحدودي السعودي.
غوانتانامو سعودي
صدمة مدويّة هزت العالم اليوم السبت (20/1/2018) بعد أن كشفت تقارير إعلامية النقاب عن عمليات تعذيب ممنهجة تقوم بها الشرطة العسكرية السعودية في سجنٍ سريٍّ لها على الحدود مع اليمن، حيث يقوم الجنود السعوديون بضرب الجنود والضباط اليمنيين وتعليقهم بـ “الكلبشات” على شبابيك السجن، وذلك بعد انتزاع هواتفهم المحمولة، ليدخلوهم بعدها إلى زنازين انفرادية ويصبون عليهم أنواع التعذيب، وذلك بهدف انتزاع اعترافات حول إخفاء السلاح والاختلاف مع قادة الألوية العسكرية.
صحيفة العربي الجديد القطرية والصادرة في لندن كشفت عن أنّ ضباط وأفراد عسكريين يمنيين مخفيين قسرياً منذ أكثر من عام في ذلك السجن، كما أفرجت الشرطة العسكرية السعودية في التاسع من يناير/ كانون الثاني الحالي عن 17 جندياً وضابطاً من قوات هادي، بينهم قائد عسكري برتبة عالية، وكان قائداً لإحدى الكتائب في قوات هادي، وذلك بعد اعتقالهم لمدّة فاقت الشهرين.
وأشار ناشطون إلى أنّ الموقوفون اليمنيون يتعرضون لكافة صنوف التعذيب وأساليبه على يد جنود وضباط سعوديين يتبعون للشرطة العسكرية الخاصة، التابعة للقوات البرية السعودية، والتي تتولى مهمة الضبط العسكري ومراقبة تنفيذ العسكريين للأنظمة واللوائح.
تعذيب ممنهج
ناشطون حقوقيون يمنيون طالبوا المجتمع الدولي بالتدخل فوراً لإيقاف عمليات التعذيب الممنهج التي يمارسها الجنود السعوديّون لإنقاذ حياة عشرات الجنود والضباط اليمنيين من قسوة الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرضون له، وأشارت التقارير الصحفية إلى أنّ بعض الجنود اليمنيين المعتقلين دخل في صدمة نفسية في غرف السجون الانفرادية، وأشار الناشطون إلى أنّ الجنود الذين يتم تعذيبهم في السجون السعودية هم جنود وضباط تركوا مدنهم اليمنية وأسرهم وأطفالهم وفضّلوا “الدفاع عن الأراضي السعودية”،
ناشطون مؤيدون للعدوان السعودي على اليمن استغربوا إدارة السعودية لهكذا سجون، خصوصاً وأنّ نزلائها هم من الجنود والضباط اليمنيين الذين يؤيّدون ويشاركون السعودية عدوانها على اليمن، مشيرين إلى أنّ أكثر من 40 جندياً وضابطاً من قوات هادي من المقاتلين على الحدود اليمنية السعودية لا يزالون داخل الغوانتانامو السعودي.
مجلة الإيكونيميست البريطانية كانت قذ ذكرت في تقريرٍ لها أنّ ضباطاً وجنود يمنيين يبيعون الأسلحة المقدمة لهم ومعلومات استخباراتية إلى جماعة أنصار الله اليمنيّة أو تنظيم القاعدة للحصول على المال، الأمر الذي قد يفسر بحسب مراقبين سبب ما يتعرض له الجنود والضباط اليمنيون في السجون السعودية.
أخطاء بالجملة
بعد كل مجزرة سعودية أو إماراتية يخرج مُتحدثوها العسكريين مبررين حدوث تلك “الأخطاء” التي باتت وكما يقول متابعون هي الأصل، الأمر الذي دعا الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام “توكل كرمان” والمعروفة بقربها من حزب الاصلاح، لإدانة ومهاجمة قوات العدوان الذي تقوده السعودية على الشعب اليمني، مؤكدة أن الرياض تقوم باستهداف اليمنيين بشكل عشوائي وأن الغارات السعودية أغلبها تشن على أماكن سكنية في صنعاء، وذلك في عملية انتقامية بعد أحداث مأرب، حسب تأكيدها.
كرمان المحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين، والتي أيدت في البداية العمليات السعودية على بلادها، عادت عن موقفها بعد سقوط عدد كبير من الضحايا المدنين في اليمن، وخاصة مع تزايد الغارات العشوائية التي تنفذها القوات السعودية والامارتية رداً على مصرع عدد كبير من جنودهما في مأرب الجمعة الماضية، وأشار ناشطون إلى أنّ موقف كرمان هذا سبقه لها عدد من مؤيدي العدوان على اليمن، حيث باتت “الأخطاء غير المقصودة” هي الأساس الذي تقوم عليه غارات العدوان السعودي.
وبنظرة أكثر دقّة على “الأخطاء غير المقصودة” التي اعترفت بها قوات العدوان يتّضح أن الطيران السعودي نفّذ أكثر من 800 مجزرة مروعة بحق المدنيين ففي الأيام الأولى للعدوان أغارت طائرات التحالف على حي النصر وخلّفت (24 شهيد)، وفي منطقة فجّ عطان خلّفت (844 شهيد)، وفي سوق شعبي في مديرية سبأ بمحافظة حجة خلّفت غارات العدوان (117 شهيدًا بينهم 25 طفلاً)، وفي سوق خلقة بمديرية نهم محافظة صنعاء ارتقى (41 شهيد)، وبمدينة عمال الكهرباء في مدينة المخا بمحافظة تعز ارتقا (120 شهيد)، كما ارتكبت قوات التحالف مجزرة الصياديين في جزيرة عقبان بمحافظة الحديدة راح ضحيتها (200 شهيد وجريح)، كما شّنت قوات التحالف غارات على حفل زفاف في منطقة واحجة في محافظة تعز راح ضحيته (130 شهيد) وفي الصالة الكبرى خلفت الغارات حوالي 700 شهيد وجريح، أما أقسى تلك الغارات فقد نفذتها قوات التحالف على مدرسة للأيتام في حارة الحرير في محافظة تعز راح ضحيتها 12 طالباً وطالبة ومعلمتهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ تقارير حقوقية أكدت أنّ القوات الأمريكية تُشارك في استجواب المعتقلين في بعض المواقع باليمن إلا أنها تترك أمر التعذيب للقوات المدعومة إماراتيا وبأوامر من أبو ظبي، وتضع قوائم أسئلة يطرحها آخرون لاحقاً على السجناء، ومن ثم تتلقى تقارير عمليات الاستجواب من الحلفاء الإماراتيين، وقالوا إن القيادة العسكرية الأمريكية على علم بعمليات التعذيب في تلك السجون، وسبق لها أن درستها، لكنها اكتفت بالتأكد من أن العسكريين الأمريكيين لم يكونوا حاضرين خلال حدوث الانتهاكات، وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد حمّلت القوات الإماراتية ووكلائها اليمنيين المسؤولية عن تدهور صحة المختطفين في السجون السرية، وطالبتها بسرعة الإفراج عنهم.
المصدر : موقع الوقت التحليلي