تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
حكايا القصور الخليجية الموصدة ملأى بالأسرار، واتّضح أنها مثقلة بالفضائح أيضاً، فعلى الرغم من درجة الكتمان العالية التي تُفرض على ما يجري داخلها فإن بعضها يظهر إلى العلن ولو بعد حين.
وبطبيعة حال العديد من الحكام في الإمارات فإن تعدّد الزوجات والطلاق ضرورة يفرضها واقع الثراء والسلطة.
وهنا يؤدّي شعور الحاكم تجاه طليقته دوره ليصل في بعض الأحيان شعور الكره إلى أن يفرض عليها وعلى ذرّيته منها قرارات قاسية تصل إلى الحبس.
ويفرض حكام الإمارات على زوجاتهم درجة عالية من التكتّم والسرية، التي إن ظهر ما تخفيه فقد تهزّ العروش، لا سيما مع وجود إعلام حرّ ينقل الأخبار وينشرها بسهولة.
وتفيد الكثير من التسريبات بوجود خلافات عائلية داخل بعض الأسر الحاكمة في الإمارات، لكن ما كان يُدفن من أسرار بوفاة أصحابها لم تعد كذلك اليوم بوجود عالم إعلامي مفتوح ومتاح للجميع.
“ورطة” آل مكتوم
هروب الأميرة هيا بنت الحسين، زوجة حاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، كان له الدوي الأكبر تجاه مشكلة عائلية إماراتية وخليجية وقعت مؤخراً.
فالمحاكم البريطانية ستكون الحكم الفاصل في قضية طلاق قد تكون الأشهر خليجياً، بحسب ما جاء في صحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية، الخميس (4 يوليو الجاري)، في تقرير حمل عنوان “طلاق حاكم دبي الكبير يحسمه القضاء البريطاني”.
بينت الصحيفة في تقريرها أن الأميرة هيا وزوجها يخوضان معركة قضائية حول حضانة طفليهما، يتوقع كثيرون أن تكون “الأكثر تكلفة في تاريخ القضاء البريطاني”.
ويوضح التقرير أن بن راشد رفع دعوى طلاق على الأميرة هيا، التي استمر زواجه بها 15 عاماً، أمام المحكمة العليا في لندن، التي يُنتظر أن تبدأ جلسات الاستماع في القضية في الثلاثين من الشهر الجاري.
ووكَّل الطرفان أفضل المحامين المعروفين في البلاد، إذ بين التقرير أن “الأميرة هيا، شقيقة ملك الأردن وأشهر زوجات حاكم دبي، قد غادرت الإمارات حسب التقارير الشهر الماضي، متجهةً إلى ألمانيا قبل أن تتوجه إلى لندن حيث تقيم غالباً بقصر العائلة المالكة الإماراتية الذي يبلغ ثمنه 107 ملايين دولار”.
ويوضح التقرير أن الأميرة تتحرك في دوائر العائلة المالكة ببريطانيا، حيث إنها ترتبط بعلاقة صداقة مع دوقة كورنوول وأمير ويلز، مشيراً إلى أن الانتقادات طالت الأميرة في السابق، لدورها في تبييض وجه الإمارة بعد واقعة هروب الشيخة لطيفة، نجلة حاكم دبي.
ويضيف التقرير: إن “الأميرة هيا هي الشخصية الثالثة المقربة من بن راشد التي تحاول الفرار من الإمارة خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث حاولت ابنتاه الشيخة شمسة والشيخة لطيفة الفرار من الإمارة قبل أن تعترضهما السلطات الإماراتية بناء على طلب من والدهما”.
ويقول: إن “الأميرة هيا هي حاملة الأسهم الرئيسة في شركة كاندل لايت للخدمات التي وسَّعت نشاطها نهاية العام الماضي”.
وتقدَّر ثروة بن راشد الخاصة، وفق أرقام غير رسمية، بنحو 15 مليار جنيه إسترليني (19.6 مليار دولار تقريباً)، تشمل استثمارات ضخمة في المملكة المتحدة.
ليست الفضيحة الأولى
هروب الأميرة هيا ليس القضية الأولى التي تفضح وجود مشاكل داخل آسرة آل مكتوم الإماراتية، فقضية الشيخة لطيفة بنت حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم، سبقتها بأكثر من عام.
ففي مارس 2018 ظهرت الشيخة لطيفة في تسجيل مصوّر نُشر على الإنترنت، معلنة أنها فرّت من منزل عائلتها من أجل “استعادة حياتها”، تأكيداً لتناقض حكام البلاد.
وكشفت شبكة “بي بي سي” البريطانية، الأربعاء الماضي، أن الأميرة هيا تختبئ في العاصمة البريطانية لندن، وتخشى على نفسها بعد فرارها من زوجها، إثر حصولها على معلومات تتعلق بابنته الهاربة.
وقالت مصادر قريبة من الأميرة لشبكة “بي بي سي”، إنها اكتشفت مؤخراً حقائق مقلقة وراء العودة الغامضة للشيخة لطيفة، إحدى بنات حاكم دبي، العام الماضي، والتي هربت من الإمارات بحراً بمساعدة فرنسي، لكن تم اعتراضها من قبل مسلحين قبالة سواحل الهند وعادت إلى دبي.
ودافعت الأميرة هيا في ذلك الوقت، مع ماري روبنسون، المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، ورئيسة جمهورية أيرلندا السابقة، عن سمعة دبي في الحادثة.
وقالت سلطات دبي إن الشيخة لطيفة كانت “عرضة للاستغلال” وأصبحت “آمنة الآن في دبي”، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان قالوا إنها “اختطفت قسراً ضد إرادتها”.
ومنذ ذلك الحين، يُزعم أن الأميرة هيا علمت حقائق جديدة بشأن القضية، ومن ثم تعرضت لعداء متزايد وضغوط من أفراد عائلة زوجها حتى أصبحت لا تشعر بالأمان هناك.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” طالبت، في 5 مايو 2018، السلطات الإماراتية بـ”الكشف فوراً” عن مكان ابنة حاكم دبي؛ لكيلا يتم اعتبار وضعها بمنزلة “إخفاء قسري”.
الشيخة لطيفة تحدثت في شريط مصوّر، على متن يخت، عن سبب هروبها من دبي، مبيّنة أنه “بسبب التعذيب الذي تواجهه من قبل العائلة”.
وكانت الشيخة لطيفة وصلت إلى الهند وتم إرجاعها من هناك، في حين يقول مناصروها إنها فرّت أولاً إلى عُمان، وكانت تأمل الوصول من الهند إلى الولايات المتحدة، حيث كانت تحاول طلب اللجوء هناك، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، حينذاك.
هروب الأميرة شمسة!
وفي الفيديو قالت الشيخة لطيفة (33 عاماً) إنها واحدة من 30 من أبناء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإنها واحدة من 3 من بناته يحملن الاسم نفسه، وإن خلافها مع والدها بدأ عام 2001؛ عندما حاولت أختها الكبرى شمسة الهروب.
وتفيد تقارير ظهرت آنذاك أن الشيخة شمسة فرّت من ضيعة الأسرة في بريطانيا، وعُثر عليها ونُقلت على متن طائرة خاصة إلى دبي.
ولفتت الشيخة لطيفة في الفيديو الانتباه إلى أنها أيّدت موقف الشيخة شمسة، وأنها على أثر ذلك سُجنت ثلاث سنوات وعُذّبت.
ووفقاً لوكالة “فرانس برس”، قالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، سارة ليا ويتسن، في بيان: إن “السلطات الإماراتية يجب أن تسمح لها (الأميرة) بالاتصال بالعالم الخارجي، و توضّح وضعها القانوني”.
وأضافت: “إذا كانت محتجزة فيجب إعطاؤها حقوقها كمحتجزة، ومن ضمن ذلك المثول أمام قاضٍ مستقلّ”.
وكانت منظمة “ديتيند إن دبي” (معتقلون في دبي)، التي تتّخذ من لندن مقراً، وتقدّم نفسها على أنها جمعية تدافع عن حقوق محتجزين في الدول الخليجية، تصدر بيانات منتظمة عن قضية الشيخة لطيفة.
المجموعة أعلنت أنه تم بالقوة اعتراض قارب قبالة الشواطئ الهندية، في بداية مارس 2018، على متنه الأميرة مع عدد من الأجانب؛ بينهم صديقتها الفنلندية تينا جوهياينن، ومواطن أمريكي- فرنسي يُدعى إيرفيه جوبير، واجه في السابق مشاكل مع القضاء الإماراتي في قضايا “احتيال تجاري”.
وفي 17 أبريل 2018 خرجت حكومة دبي عن صمتها في هذه القضية الغريبة، مشيرة إلى تورّط فرنسي آخر هو كريستيان إيلومبو، متّهم بمساعدة الأميرة وموقوف حالياً في لوكسمبورغ.
الغريب في هذا الأمر أن إمارة دبي، التي تنال سمعة واسعة عالمياً بكونها من المدن التي وصلت إلى مكانة مهمّة تنافس فيها المدن المتطوّرة، تُعرف بأنها مدينة تتحلّى بحرية واسعة؛ فالمجال متاح للمرأة في جميع المجالات، وفيها تقام بطولات عالمية لرياضات تشارك فيها بطلات عالميات، بل إنها أسّست وزارة لـ”السعادة”.
ودبي مدينة استقطبت كبريات الشركات العالمية للاستثمار والعمل؛ كل ذلك لمّا تبيّن لتلك الشركات، ولجميع
البلدان، أن الحكومة في هذا البلد منفتحة ومتحرّرة، وتُولي حرية المرأة اهتماماً واسعاً وتمنع تقييدها، لكن في قصور الحكام يبدو الأمر مختلفاً عمَّا هو عليه خارجها.
(الخليج أون لاين)