مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
وصلت إلى تركيا، الجمعة، الأجزاء الأولى من نظام الدفاع الجوي الصاروخي “إس-400” الروسي المتطور.
وتوقع مسؤولون أمريكيون هذه اللحظة منذ شهور، وحذروا تركيا من أن شراء المنظومة الروسية سيعرض استلام أنقرة لطائرات “إف-35” للخطر، والآن يجب على المسؤولين الأمريكيين أن يقرروا كيفية الرد.
فيما يلي نظرة على كيفية تهديد منظومة الصواريخ الروسية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وما تعنيه بشأن علاقات تركيا مع روسيا والغرب.
ما هي “إس-400″؟
تعد منظومة “إس-400” أحد أكثر الأسلحة الروسية المضادة للطائرات تطورا؛ فهي نسخة مطورة من “إس-300″، التي كانت ردا من الاتحاد السوفيتي على بطاريات صواريخ “باتريوت” الأمريكية التي تم إنتاجها خلال الحرب الباردة.
تحتوي منظومة “إس-400” على عدة مكونات: شاحنة تحمل وتطلق ما يصل إلى 4 صواريخ، ورادارات منفصلة تعمل على ترددات مختلفة، وتعمل كشبكة لمزيد من الدقة.
إن ما يميز “إس-400″عن الأنظمة الأقدم هو القدرة على استهداف ومهاجمة طائرات متعددة على مدى 250 كم، وعلى ارتفاع حوالي 82 ألف قدم.
وتم تصميم “إس-400” لتكون بمثابة العمود الفقري لشبكة الدفاع الجوي التي لديها عدة طبقات من الدفاعات، مثل الصواريخ قصيرة المدى، التي وضعت حولها. لكن ليس كل محللي الدفاع الغربيين ينظرون إلى تلك المنظومة كسلاح خارق.
وقال “مايكل كوفمان”، المحلل لدى معهد “CNA”، وهو معهد أبحاث لا يهدف إلى الربح: “رغم وصف إس-400 بأنها رصاصة سحرية للدفاع ضد طائرات الشبح التي تتجنب الرادار مثل إف-35، فإن رادارات إس-400 ستظل تواجه صعوبة في تتبع تلك الأنواع من الطائرات من أجل استهدافها.
وأضاف “كوفمان” أنه من غير الواضح أيضًا ما إذا كانت أنظمة “إس-400” التي تصدرها روسيا، مثل تلك التي سلمت إلى تركيا يوم الجمعة، تم تخفيض قدراتها مقارنة بالإصدارات التي تستخدمها روسيا للدفاع عن نفسها أم لا.
هل يجب أن تكون الولايات المتحدة قلقة؟
حاول “الناتو” بالفعل مساعدة تركيا في أنظمة الدفاع الجوي الشاملة، وليس من الواضح أن منظومة “إس-400” يمكن دمجها بسهولة، لكن مصدر قلق أمريكا الأكبر هو أمن المعلومات الحساسة المتعلقة بطائراتها من طراز “إف-35”.
تشعر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بالقلق من أن تركيا ستحتاج إلى فنيين روس لتدريب الأتراك ومعايرة نظام “إس-400″، وأنه في هذه العملية، ستتعلم روسيا الكثير عن أي طائرة من طراز “إف-35” قد يكون الأتراك قد حصلوا عليها، وهذه المعلومات يريد الأمريكيون الاحتفاظ بها سرا.
نتيجة لذلك، هددت البنتاغون بإخراج تركيا من برنامج” إف-35″ إذا استمرت في شراء “إس-400”.
لكن “كوفمان” قال إن مخاوف الأمريكيين مبالغ فيها، معتبرا أن وجهة نظرهم “غير صالحة من الناحية الفنية”.
وأضاف أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفعله “إس-400” مع راداراتها هو تتبع ملف رحلة الطائرة “إف-35″، وهو ما تفعله روسيا بالفعل في الشرق الأوسط ودول البلطيق، حيث أن منظومة “إس-400” في سوريا ومحطات الرادار في كالينينجراد تقوم بتتبع الطائرات الأمريكية من طراز “إف-35″ و”إف-22” طوال الوقت.
هل هذا يقود إلى إسفين في الناتو؟
إلى جانب المخاوف الفنية للبنتاغون، يثير الشراء عددا من الأسئلة الاستراتيجية والجيوسياسية.
يقول المحللون إنه لم يسبق له مثيل تقريبا أن يلجأ أحد أعضاء “الناتو” مثل تركيا إلى روسيا للحصول على مثل هذه المعدات العسكرية المتقدمة.
ويرى العديد من دول “الناتو” أن روسيا تشكل تهديدا أكثر خطورة للغرب، وبالتأكيد ليست موردا يستحق الثقة مع بعض المعدات الدفاعية الأكثر حساسية في البلد العضو.
لماذا تصمم تركيا على شراء “إس-400″؟
عززت التدخلات الأمريكية في العراق وسوريا الجماعات الكردية التي تعتبرها تركيا انفصالية إرهابية وتهدد وحدتها.
ويقول محللون إن هذا مصدرا رئيسيا لعدم ثقة تركيا بالولايات المتحدة وتعاونها المتزايد مع روسيا.
علاوة على ذلك، سعت تركيا لسنوات لسد فجوة في دفاعاتها عن طريق شراء نظام دفاع جوي أمريكي الصنع، لكن المحادثات مع واشنطن فشلت في التوصل إلى اتفاق. وبينما كان “الناتو” متمركزا على نظام “باتريوت” على الأراضي التركية منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، أصرت أنقرة على شراء واحدة منها.
مع انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة ورؤية روسيا كقوة إقليمية ناشئة، يبدو أن تركيا قررت تغيير رهاناتها.
لقد تجنبت تركيا وروسيا الاشتباكات خارج سوريا، وتعاونتا من خلال محادثات السلام بقيادة روسيا وتركيا وإيران.
لكن شراء “إس-400” يمثل مخاطرة للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”. لقد واصل “أردوغان” عملية شراء منظومة الصواريخ الروسية على الرغم من التحذيرات الأمريكية والأضرار التي يمكن أن تحدثها العقوبات على اقتصاد بلاده الذي يعاني بالفعل، بما في ذلك تجدد الانهيار في الليرة التركية.
ما هو موقف “ترامب”؟
لا يتماشى موقف “ترامب” تماما مع وجهة نظر مسؤولي الدفاع؛ فقد حملت البنتاغون تركيا المسؤولية، محذرة الأتراك من عواقب وخيمة حال شراء “إس-400”.
لكن “ترامب” ألقى باللوم على إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما”، قائلا إن الأتراك شعروا بأنهم مضطرون إلى شراء المنظومة الروسية لأن “أوباما” فشل في بيعهم أنظمة دفاع أمريكية الصنع بدلا من ذلك.
وقال “ترامب” في اجتماع مجموعة العشرين الشهر الماضي: “إنها فوضى.. وبصراحة إنه ليس خطأ أردوغان حقا”.