الحشود السعودية ــ الإماراتية على حدود سلطنة عُمان في محافظة المهرة اليمنية، تشي بأن الإمارات التي حسمت الاستيلاء على عدن وبعض المحافظات الجنوبية تكشف عن مطامعها التاريخية في سلطنة عٌمان بدعم سعودي وغطاء أميركي. لكن ما مهّدت له في اليمن بذريعة الدفاع عن الشرعية قد ينقلب عليها في سلطنة عُمان سيفاً مسلطاً.
في المسار نفسه الذي دشّنته السعودية والإمارات ضد قطر، تحاول تجديده ضد سلطنة عُمان مستندة إلى دعائم مسلّحة لم تكن تمتلكها ضد قطر. فالعدوان السعودي ــ الإماراتي يتهم السلطنة بالانحياز إلى إيران لأنها لم تجارِ الرياض وأبو ظبي والبحرين في العدوان على اليمن ولم تشارك بالتدمير والحصار والتجويع بذريعة الدفاع عن الشرعية التي جهّزتها الرياض.
ذريعة التمهيد للعدوان هي اتهامات مباشرة للسلطنة بتهريب الأسلحة والمعونات لأنصار الله عبر منفذي ميناء نشطون وصرفيت على الحدود في محافظة المهرة اليمنية. وقد حشدت السعودية والإمارات مجاميع عسكرية وقبائلية إضافة إلى مجموعات من القاعدة و”داعش” قرب مقر المحافظة جنوبي ــ غربي اليمن سبيلاً لشن العدوان على اللجان والجيش اليمني الذي يمكن أن يقضم أراضي السلطنة بدعوى “مواجهة الانقلابيين في صنعاء” وشمالي اليمن.
في المباحثات التي جرت قبل ثلاثة أشهر بهذا الشأن، حاولت سلطنة عُمان اتخاذ إجراءات مشددة لضبط بعض عمليات التهريب عبر الحدود، في التنسيق الدائم بين “التحالف السعودي” وبين السلطة المحلية التي تميل إلى حماية العلاقات الأخوية التاريخية بين اليمن وسلطنة عُمان. لكن المباحثات أسفرت عن مطالبة سعودية ــ إماراتية بسحب التعاطف مع السلطنة من محافظة المهرة واستبدالها باستيطان سعودي في المحافظة، وتعزيز النفوذ الجماعات المتشددة الموالية للسعودية والإمارات. وهي الجماعات التي وُصفت بأنها مجموعات رديفة إلى اللوائين 123 و137 في المكلا وحضرموت.
استبدلت السعودية محافظ المهرة الموالي للمحافظة على العلاقات الأخوية في محافظة المهرة محمد عبد الله كدة، بالمحافظ الموالي للعدوان راجح سعيد باكريت دلالة على مساعي سعودية ــ إماراتية للسيطرة المباشرة على
محافظة المهرة كما استولت على عدن والجنوب. وأخذت على الفور توزيع العطايا على بعض القبائل ومجاميع مسلحة وشرعت بالتحريض على سلطنة عُمان ولا سيما الافتراءات التي وزعها سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العطية الذي يأمل في تركيز الجهود الدعائية في مركز “قشن” برئاسة يحي بن علي الحجوري مثل مركز دماج في صعدة.
الجدل الإعلامي بين السعودية والإمارات من جهة وسلطنة عُمان من جهة أخرى، تدل على أن السعودية تأمل تدمير اليمن وقتل اليمنيين في المراهنة على إمكانية تهديد نفوذها وسيطرة في منطقة الخليج، وعدم بروز أي دولة في هذه المنطقة يمكن أن تخرج عن طوعها وسيطرتها. لكن الإمارات تأمل في عدوانها إلى جانب السعودية الاستيلاء على ثروات منطقة الخليج الاقتصادية ومنها طرق إمدادات الطاقة من النفط والغاز.
الإمارات التي استولت على عدن والمحافظات الجنوبية، تشير في العديد من تحركات “المجلس الانتقالي” بزعامة عيدروس الزبيدي إلى طموح الاستيلاء على ميناء عدن في إطار مشاريعها التي تؤثر على قناة السويس، كما قام الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن. وفي هذا الإطار يتهم إعلام السلطنة الإمارات بالمراهنة على محافظة “مسندم” العُمانية التي تطل على مضيق هرمز شمالي الإمارات. وهي كما تشكل المهرة العمق الحيوي للسلطنة، تشكل العمق الوجودي في موقع السلطنة الجيو ــ سياسي الإقليمي والعالمي.
حول هذه الإشكالات الحيوية تدعي الإمارات ملكية بعض الأراضي العمانية، كما تدّعي السعودية. لكن السلطنة تثبت أن الجزيرة العربية كانت إلى وقت قريب تقتصرعلى دولتي اليمن والسلطنة وما عداهما طارىء في التاريخ والجغرافيا. وربما لهذا الأمر تلتقي السعودية مع الإمارات في الطموح إلى تدمير بلدان الخليج الأصيلة والاستيلاء على مقوماتها الحيوية. ولعل وزير الإمارات أنور قرقاش يجاهر بهذه الأبعاد في قوله ” موقف الإمارات مرآة للتوجه السعودي”.
(الميادين)