تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
مجدداً تؤكد الإمارات العربية المتحدة متانة العلاقة التي تربطها بدولة الاحتلال الإسرائيلي، والشراكة التي تثبت توسعها لتشمل مفاصل عديدة داخل هذه الدولة الخليجية.
آخر الخطوات المُجسِّدة لمتانة علاقة الجانبين الإماراتي والإسرائيلي، كشفها تحقيق مطوّل نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية الثلاثاء (20 أغسطس)، تحدث عن إبرام أبوظبي صفقة ضخمة مع “إسرائيل”، بحيث تزودها الأخيرة بقدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتي تجسس حديثتين.
وأشار التحقيق إلى أن هذا الصفقة بدأت تتبلور قبل عقد من الزمان، برعاية رجل أعمال إسرائيلي يدعى “ماتي كوتشافي” (MK).
ولم تصدر أية تقارير إسرائيلية رسمية تؤكد ضلوع تل أبيب في هذه الصفقة.
الصحيفة العبرية لفتت الانتباه إلى أن ذلك يؤكد التقارير الصحافية الأمريكية التي صدرت خلال الأيام الأخيرة، وقد تحدثت عن وجود “تعاون أمني بين إسرائيل والإمارات، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية علنية بين البلدين”.
وقالت الصحيفة إن عدم وجود علاقة دبلوماسية علنية لا يمنع من وجود مصالح مشتركة تشمل العلاقات التجارية والعسكرية، والهدف واحد هو “العدو إيران”.
ووفقاً للصحيفة فإن الصفقة بلغت قيمتها نحو 3 مليارات دولار، جزء منها مدفوع نقداً.
وحسب “هآرتس” تضمنت الصفقة طائرتي تجسس، تسلمت الإمارات إحداهما قبل قرابة عام، على أن تسلمها “إسرائيل” الأخرى خلال العام المقبل.
وقالت إن الطائرة التي تسلمتها الإمارات بدأت “بالقيام بالفعل بطلعات جوية؛ تمهيداً لتسليمها رسمياً لجيش الإمارات”.
أما الطائرة الثانية فهي ما تزال قيد التطوير في بريطانيا، وتجري رحلات تجريبية شرقي لندن، وفقاً لـ”هآرتس”.
الصحيفة العبرية تدعي أن تسليم الطائرتين سيجعل قدرات الجيش الإماراتي الاستخبارية “متقدمة للغاية”، مضيفة: “هذه الطائرات قادرة على التشويش على أجهزة الاتصال، وكشف خرائط الأنظمة الإلكترونية لإيران، بما في ذلك أنظمة الرادار والدفاع الجوي التي تحمي المنشآت النووية”.
وبحسب التحقيق، فإن الذي كشف هذه الصفقة بين إسرائيل والإمارات، هو ظهور اسم رجل الأعمال كوتشافي في وثيقة سرية سربت من مكتب محاماة بسويسرا، وقد وصلت إلى صحيفة ألمانية والاتحاد الدولي للمحققين الدوليين.
وتقول الصحيفة: “إذا كانت القضية الفلسطينية في الماضي جعلت من الصعب تطوير هذه العلاقات، فقد أصبحت الآن موجودة، ولم تعد القضية الفلسطينية بين أولويات دول الخليج”.
ورفض كوتشافي التعقيب على الموضوع، بحسب “هآرتس”.
كوتشافي أخطبوط التجسس الإسرائيلي
في يوليو 2016 نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريراً للكاتب روري دوناغي، حول إعلان السلطات في أبوظبي إطلاق نظام مراقبة على مستوى الإمارة، مشيراً إلى أن “ميدل إيست آي” كشف فيه عن أن الشركة المنفذة للمشروع مملوكة إسرائيلياً.
وينقل التقرير عن مركز المراقبة والسيطرة في أبوظبي قوله: إن نظام “فالكون آي” للرقابة “يربط آلاف الكاميرات الموزعة في أنحاء مختلفة من المدينة، بالإضافة إلى آلاف الكاميرات الأخرى المنتشرة في المرافق والبنايات المختلفة في الإمارة”.
التقرير ذكر أن السلطات في أبوظبي لم تكشف عن أن الشركة التي طورت نظام “فالكون آي” يملكها رجل أعمال إسرائيلي، كان يعمل في المخابرات الإسرائيلية وهو ماتي كوتشافي.
وتطرق التقرير إلى ذكر تفاصيل مشروع “فالكون آي”، مبيناً أن الشركة السويسرية التي يملكها كوتشافي “آسيا غلوبال تكنولوجي (AGT)”، هي التي فازت بعقد قيمته 600 مليون لتركيب نظام مراقبة ضخم في أبوظبي.
تحقيق “ميدل إيست آي” كشف عن أن شركة “AGT” تستخدم استراتيجية “التقط كل شيء”، للرقابة في نظام “فالكون آي”، التي تعرف بـ”إنترنت الأشياء”.
ويستدرك التقرير: “على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين حرصوا دائماً على الحديث عن علاقاتهم بالإمارات، لكن العلاقات الأمنية بين البلدين لا يتم الحديث عنها في العلن، حيث يزور كوتشافي الإمارات بشكل منتظم، مع أنه يحظر رسمياً دخول المواطنين الإسرائيليين، لكنهم لا يمنعون من ذلك عملياً إلا ما ندر”.
وبحسب دوناغي، فإن كوتشافي يعيش في أمريكا، حيث حقق ثروة كبيرة في سوق العقارات، قبل أن يعمل في مجال الأمن، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، لافتاً النظر إلى أن صحيفة “هآرتس” العبرية نشرت تقريراً يفيد بأن كوتشافي “أنشأ علاقات”مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وأن شركته “AGT” أصبحت في عام 2013 تعمل في خمس قارات.
ويبين الموقع أن كوتشافي حصل على أول عقد له مع حكومة أبوظبي عام 2008، بعد أن أنشأ “AGT” عام 2007، وتم الاتفاق مع شركته على عقد قيمته 816 مليون دولار؛ “لحماية المرافق الحيوية في أبوظبي”، بحسب تقرير في صحيفة الاتحاد الإماراتية.
ويكشف التقرير عن أنه تم الاتفاق مع كوتشافي وشركتين محليتين، وهما “أدفانسد إنتغريتد سولوشنس” و”أدفانسد تكنكال سولوشنسز”؛ لتطوير نظام “فالكون آي”، بمبلغ 600 مليون دولار في فبراير 2011.
ويختم “ميدل إيست آي” تقريره بالإشارة إلى أنه عندما تحدثت صحيفة “الخليج تايمز” عن المشروع، فإنها وصفته بأنه يهدف إلى إمداد “وكالات تطبيق القانون المحلية بحلول متكاملة، تتضمن أنواعاً مختلفة من المجسات، مدمجة في نظام أوامر وسيطرة واحد”.
“إم كيه” يضع الإمارات تحت سيطرة “البلد سي”
في فبراير 2017 نشرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية تقريراً مطولاً حول التعاون الوثيق بين الموساد الإسرائيلي والإمارات، بطله ماتي كوتشافي.
ونقل التقرير عبارة لرئيس الموساد السابق شافيت، بدت مهمة؛ إذ قال: “يجب أن يكون كل شيء تحت الرادار”.
وعلى ما يبدو فقد تمكن كوتشافي بهذه الطريقة من شق طريق لـ”إسرائيل” إلى داخل منطقة الخليج، وأبرم صفقة تجهيزات أمنية لدولة الإمارات العربية بقيمة ستة مليارات دولار.
وجاء في تقرير بلومبيرغ: “باع كوتشافي للإمارات ما كان في ذلك الوقت يعتبر النظام الأمني الأشمل والأكثر تكاملاً في العالم”.
وأضاف: “فما بين عام 2007 وعام 2015 عملت شركة مملوكة لكوتشافي اسمها (إيه جي تي إنترناشنال)، مقرها زيوريخ، على تركيب آلاف الكاميرات والمجسات وأجهزة قراءة لوحات أرقام السيارات على امتداد حدود الإمارات الدولية البالغة 620 ميلاً، في مختلف أنحاء أبوظبي”.
وتناط- وفقاً للتقرير- مهمة تحليل البيانات الواردة من كل هذه التجهيزات بمنصة الذكاء الصناعي التابعة لشركة “إيه جي تي”، التي تسمى مجازاً “ويزدام” (أي الحكمة).
وذكر أنه من الناحية الشكلية يدير كوتشافي هذه العملية من داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومن سويسرا، لكن العقل المدبر في واقع الأمر يقيم في “إسرائيل”، في شركة أخرى مملوكة لكوتشافي اسمها “لوجيك إندستريز”.
التقرير يذكر أنه في أوج المشروع كانت طائرة من طراز “بوينغ 737″، مطلية باللون الأبيض، تنطلق مرتين في الأسبوع من مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب ثم تتوقف برهة قصيرة في قبرص أو في الأردن، وهو نوع من الغطاء السياسي، ثم تهبط بعد ثلاث ساعات في أبوظبي، وعلى متنها عشرات المهندسين الإسرائيليين، كثيرون منهم من داخل أجهزة الاستخبارات.
وفي أبوظبي يعيش هؤلاء معاً، ويأكلون معاً، ولا يرتادون المطاعم، ومعهم أجهزة تحديد مواقع وأجهزة إنذار لا تغادرهم بتاتاً، ويخفون جنسياتهم وأسماءهم العبرية، كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ويطلقون على إسرائيل اسم “البلد سي”، وأما كوتشافي فيطلقون عليه “إم كيه”، وفقاً للتقرير.
(الخليج أون لاين)