مشهد ضبابي يلف الوضع السياسي الراهن في تركيا مع تفاقم حدة الخلافات في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم وسلسلة الانشقاقات التي عصفت به مؤخراً وكشفت اتساع الشروخ وحجم التصدعات في النظام التركي مع إصرار رئيسه رجب طيب أردوغان على التفرد بالحكم وانقلابه على أصدقاء الأمس لتصفية الحسابات العالقة.
المشهد السياسي التركي بتجلياته ينذر بوضوح باقتراب بداية النهاية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم حيث تتوالى الاستقالات ضمن صفوفه وتتعمق الأزمة داخله في ظل خطوات تصعيدية يتخذها أردوغان ضد عدد من أصدقائه المقربين بمن فيهم رئيس وزراء نظامه السابق أحمد داود أوغلو ومساعي الحزب لفصل الأخير وثلاثة مشرعين آخرين من عضويته بحسب ما كشفه مسؤول تركي لوكالة رويترز.
المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته أوضح أن اللجنة التنفيذية المركزية لحزب العدالة والتنمية طلبت في اجتماع ترأسه أردوغان أمس فصل أربعة من الحزب بينهم داود أوغلو وثلاثة نواب سابقين عن الحزب وهم أيهان سفر أوستون نائب سابق عن بلدية صقاريا وسلجوق أوزداغ نائب سابق عن بلدية مانيسا وعبد الله باشجي نائب سابق عن بلدية اسطنبول ومن المنتظر أن يصدق ما يسمى “مجلس التأديب” في الحزب على هذه الخطوة في غضون أيام قليلة.
الخطوة التصعيدية الجديدة من قبل أردوغان تأتي وسط معلومات عن أن من تركوا حزب العدالة والتنمية يسعون لتشكيل حزب منافس في أعقاب هزيمة قاسية تعرض لها الحزب في الانتخابات المحلية الأخيرة في اسطنبول.
وبحسب تقارير فإن علي باباجان نائب رئيس الوزراء السابق من الحزب والرئيس التركي السابق عبد الله غول يعتزمان تأسيس هذا الحزب خلال العام الجاري.
أردوغان الذي يشعر بتضيق الدائرة عليه بسبب الأزمة المالية الخانقة التي أدخل تركيا بها جراء سياساته والمشكلات السياسية المتتالية التي تهدد حكمه انتقل إلى مرحلة دفاعية يمهد خلالها للانتقام من أصدقائه السابقين الذين وصفهم بـ “الخونة” محاولاً النجاة بنفسه بشن هجمة استباقية ضدهم.
انقلاب داود أوغلو أثار غريزة الانتقام لدى أردوغان بعد انتقاداته المتتالية لسياسات الأخير وإعلانه مؤخراً أنه سيكشف العديد من ملفات الفساد والإرهاب لحزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان ويفضح علاقته بتنظيمات إرهابية ولا سيما تلك المتصلة بالأزمة في سورية.
على أن تورط النظام التركي، بدعم الجماعات الارهابية في سوريا، لم يعد بحاجة إلى اثباتات من أوغلو أو غيره، خصوصاً أن حكومة اردوغان لم تدخر جهداً لدعم الجماعات الارهابية ضد سوريا.