تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
دأب الموساد “الإسرائيلي” خلال السنوات الماضية، على تصفية كثير من العلماء العرب والغربيين المتخصصين في مجالات تهدد -بحسب النظرية الإسرائيلية- وجود دولة الاحتلال، وفي مقدمتها التكنولوجيا النووية.
وحظيت دول عربية، في مقدمتها فلسطين ومصر ولبنان، بنصيب كبير من الاغتيالات، وكان جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي “الموساد”، المتهم الأول باغتيالهم، رغم إخفاء الدلائل المباشرة على تلك الاغتيالات.
ومع إعلان الحكومة المصرية، في 5 سبتمبر 2019، وفاة عالم بهيئة الرقابة النووية الرسمية في ظروف غامضة، في أثناء حضوره مؤتمراً دولياً بالمغرب، تشير المعلومات إلى أن تلك الوفاة قد تكون مرتبطة بحادثة اغتيال جديدة يقف وراءها “الموساد” الإسرائيلي.
وفاة عالم مصري بالمغرب
يوم الخميس 5 سبتمبر 2019، تُوفي رئيس الشبكة القومية للمرصد الإشعاعي بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية في مصر، “أبو بكر عبد المنعم رمضان”، في ظروف غامضة.
وقال رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، سامي شعبان، في تصريحات نقلتها صحيفة “الشروق” المصرية: إن “هناك اهتماماً على أعلى مستوى” بمتابعة تفاصيل وفاة العالم المصري، الذى وافته المنية في مدينة مراكش المغربية.
وأوضح أن “الخارجية المصرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تتابعان مع السلطات المغربية والسفارة المصرية لدى المغرب ما يتم اتخاذه من إجراءات وخطوات لحظة بلحظة”.
وكشف أن “العالم المصري كان يشارك في فعاليات ورشة عمل كانت تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمغرب”، داعياً إلى “عدم استباق التحقيقات، التي ستكشف بالتفصيل أسباب الوفاة الحقيقية”.
نتائج سريعة.. هل لإخفاء فرضية الاغتيال؟
وسريعاً وعلى غير المتوقع، خرجت القاهرة بتصريحات تقول إن العالم المصري بهيئة الرقابة النووية الرسمية أبو بكر عبد المنعم رمضان، توفي بالمغرب إثر عارض صحي طارئ، في حين نقل سفيرها في الرباط عن السلطات المغربية، أن الوفاة نتيجة “سكتة قلبية”.
وقال بيان مصري، إن سفير القاهرة في الرباط أشرف إبراهيم قال إن العالم “رمضان” تُوفي إثر إصابته بعارض صحي طارئ داخل غرفته في الفندق.
وأضاف: إنه “شعر بإرهاق شديد في أثناء الاجتماعات، واستأذن للصعود إلى غرفته؛ وهو ما دفعه إلى إبلاغ الفندق، الذي حاول جاهداً نقله إلى المستشفى، إلا أنه كان قد توفي”.
وقال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إن فرضية اغتياله هي الأجدر بالحديث عنها، مشيرين إلى أن “السُّمَّ يتحلل ولا يظهر في الدم عند التحليل، بعد تجلُّط الدم ويُسبب الوفاة، التي علاماتها تُشابه السكتة القلبية”، مستغربين في الوقت ذاته من سرعة نفي فرضية الاغتيال.
ونُشرت صورة على “تويتر” للعالم المصري قبل إصابته، وبيده كأس عصير، وقالوا إنه شعر بالوعكة الصحية عقب شربه ذلك العصير، وهو ما يؤكد فرضية الاغتيال.
لماذا قد تغتاله “إسرائيل”؟
تأسست الدولة العبرية على أساليب القتل والقمع والاغتيال، وتخصص “الموساد” في تنفيذ عمليات القتال، التي خصص جزءاً منها لتصفية العلماء العرب، خاصةً المتخصصين منهم في مجالات اعتُبرت -وفقاً للنظرية الأمنية الإسرائيلية- تشكل تهديداً على دولة الاحتلال.
واستخدم “الموساد” لعمليات الاغتيال طرقاً مختلفة، “خنقاً، وحرقاً، وقتلاً بالرصاص، وبقنابل لاصقة ومغناطيسية وتفجيرات عن بعد، وحوادث مرور مفتعلة”.
وقالت صحيفة “الموجز” المصرية: إن مصر “سجلت تعرُّض عدد من علمائها للقتل والاغتيال، بتدبير من دول معادية أو أجهزة مخابراتية أو عصابات، والتي لا تريد لمصر التقدم أو الازدهار علمياً، كما أن هناك بعض الرموز من الكُتاب الذين لم يَسلموا من القتل، بسبب معاداتهم لإسرائيل والولايات المتحدة”.
وكان عبد المنعم في زيارة لمراكش للمشاركة في مؤتمر علمي، ويُذكر أنه كان مكلفاً في السابق دراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية في ديمونة بإسرائيل وبوشهر في إيران.
علماء عرب تم اغتيالهم
يحيى المشد (1932- 1980)
عالم ذرة مصري، اشترك في البرنامج النووي العراقي، بعد تجميد البرنامج النووي المصري في عهد الرئيس أنور السادات، لكنه اغتيل في فرنسا (يونيو 1980)، حيث عُثر على جثته في غرفة بفندق المريديان في باريس، بعد أن ضُرب بآلة حادة على رأسه.
وتم تقييد القضية ضد مجهول، وبحسب ما أورده برنامج “سري للغاية” في حلقته التي بُثت على قناة “الجزيرة” عام 2002، أشارت الشرطة الفرنسية في تقرير لها، بأصابع الاتهام في اغتيال المشد إلى ما وصفتها بـ”منظمة يهودية لها علاقة بالسلطات الفرنسية”.
جمال حمدان (1928- 1993)
مؤرخ مصري، اغتيل في 1993، عقب احتراق شقته في العاصمة المصرية القاهرة، ووُجد محترقاً نصف جسمه إثر تسرُّب غاز، حسب الرواية الرسمية، لكن شقيقه قال إنه رأى آثار ضربة بأداة حادة في رأس جثة جمال، واختفت ثلاثة كتب من البيت انتهى حمدان من تأليفها، أهمها “اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل”، كما اختفى أجنبيان (رجل وامرأة) أقاما شهرين ونصف الشهر في شقة تقع فوق شقة حمدان.
سمير نجيب
عالم ذرة مصري، وأستاذ في جامعة ديترويت بالولايات المتحدة الأمريكية، اغتيل في 1967، عندما قرر العودة إلى بلاده بعد حرب 1967 بين مصر و”إسرائيل”، وفي ليلة سفره وفي أثناء قيادته لسيارته، اصطدمت شاحنة كبيرة بسيارته التي تحطمت ولقي مصرعه فوراً، وقُيّد الحادث ضد مجهول.
حسن كامل الصباح
عالم لبناني من نوابغ المخترعين وكبار المكتشفين ورائد من رواد العلم البارزين على مستوى العالم، واغتيل في الولايات المتحدة، وأحاط حادث اغتياله الغموضُ إلى يومنا هذا.
حدثت الوفاة المفاجئة في 31 مارس 1935، فسقطت سيارته في منخفض عميق ونُقل إلى المستشفى، ولكنه فارق الحياة وعجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة.
رمال حسن رمال (1951-1991)
وفاة أو اغتيال العالم اللبناني رمال حسن رمال، في مختبر للأبحاث بفرنسا، ما زالت إلى اليوم لغزاً مُحيِّراً، فمجلة “لو بوان” الفرنسية وصفته بأنه “أحد أهم علماء العصر في مجال الفيزياء”.
نبيل فليفل
عالم فلسطيني درس الطبيعة النووية ولم يتجاوز 30 سنة من عمره، واختفى فجأة ثم عُثر على جثته في منطقة “بيت عور”، غربي رام الله، في 28 أبريل 1984، ولم تحقق السلطات الإسرائيلية في مقتله.
إبراهيم الظاهر
عالم ذرة عراقي، حاصل على الدكتوراه في هذا الاختصاص، عاد إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، أطلق النار عليه مسلحون مجهولون كانوا داخل سيارة أجرة، فسقطت سيارته في “نهر سارية”، ولما أخرجه الناس من النهر وجدوه فارق الحياة.
جاسم الذهبي
قُتل بالرصاص عند مدخل جامعة بغداد، وهو بروفسور وعميد كلية الإدارة والاقتصاد، واغتيل هو وزوجته وابنه بمدخل الكلية في 2 نوفمبر 2006، حيث أطلق قتلة محترفون الرصاص عليه، فأردوه قتيلاً.
محمد الزواري (1967- 2016)
مهندس طيران تونسي، ساعد كتائب عز الدين القسام في تصنيع طائرات من دون طيار من نوع “أبابيل”، وأنهى رسالة دكتوراه حول الغواصات المسيَّرة عن بُعد. اغتيل في مدينة صفاقس جنوب شرقي تونس، بإطلاق 20 رصاصة على جسده، وتحدثت وسائل إعلام عن خلية مشكَّلة من 8 أجانب وعرب شاركوا في عملية الاغتيال.
سميرة موسى
درست في بريطانيا الإشعاع النووي، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيراتها على المواد، حرصت الولايات المتحدة على تبنّي موهبتها وعرضت عليها التجنيس، لكنها رفضت وعادت إلى مصر، وأنشأت هيئة الطاقة الذرية، وعملت على تنظيم لقاءات دولية حول الطاقة الذرية وكيفية تسخيرها لخدمة الإنسان.
سافرت سميرة موسى إلى كاليفورنيا الأمريكية لزيارة معامل نووية هناك، ويوم 15 أغسطس 1952، كانت تقطع طريقاً وعراً في مرتفع بكاليفورنيا، وسرعان ما فاجأتها سيارة من الاتجاه الآخر، صدمتها وألقت بها في المنحدر، حيث لقيت ربها.
مصطفى مشرفة
التحق عام 1920 بالكلية الملكية في بريطانيا، وحصل فيها عام 1923 على الدكتوراه في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير تشارلز توماس ويلسون.
حصل “مشرفة” على الدكتوراه في العلوم من جامعة لندن عام 1924، وهي أعلى درجة علمية في العالم، حيث لم يتمكن من الحصول عليها سوى 11 عالماً في ذلك الوقت، وكان أول مصري يحصل على هذه الدرجة العلمية.
تُوفي في 15 يناير 1950 إثر أزمة قلبية، وهناك شك في كيفية وفاته؛ إذ يُعتقد أنه مات مسموماً، ويُعتقد أيضاً أنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي.
سعيد السيد بدير
عالم مصري تخصص في مجال الاتصال بالأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي، وتُوفي بالإسكندرية في 14 يوليو 1989، في واقعة يصفها كثيرون بأنها عملية قتل متعمدة.
أكدت زوجته أن إحدى الجهات المخابراتية تقف وراء اغتيال زوجها. وتؤكد المعلومات أن العالم سعيد بدير توصل من خلال أبحاثه، إلى نتائج متقدمة جعلته يحتل المرتبة الثالثة على مستوى 13 عالماً فقط بحقل تخصصه النادر في الهندسة التكنولوجية الخاصة بالصواريخ.
فادي البطش
عالم فلسطيني، اغتيل يوم 21 أبريل 2018، في ماليزيا، حاصل على جائزة أفضل باحث عربي في منحة خزانة الماليزية، وذلك بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية.
واتهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الماليزي، زاهد حميدي، آنذاك “إسرائيل”، دون أن يسميَها صراحة، بالمسؤولية عن اغتيال “البطش”.
وقال “حميدي” في تصريحات صحفية: إن “هناك دولة شرق أوسطية مستعدة لأن تعمل أي شيء من أجل قتل إمكانات وقدرات الشعب الفلسطيني، للحيلولة دون قيام انتفاضة جديدة ضد الاحتلال”.
(الخليج أون لاين)