تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
تواصل السعودية تخبطها في إصدار القرارات والقوانين المفاجئة ثم سحبها بعد مدة، وذلك منذ صعود ولي العهد، محمد بن سلمان، في سلم السلطة مع تولي والده، الملك سلمان بن عبد العزيز، حكم البلاد عام 2015.
وتسببت عدة قرارات ومراسيم بخسارة السعودية للكثير من الأموال والعمالة، والتي صدرت تزامناً مع إعلان خطة “2030” التي أعلنها بن سلمان، في أبريل 2016.
إعلان الفشل
ويعتبر ملف الحج والعمرة من النقاط الداعمة لاقتصاد المملكة المتراجع، إلا أن الإجراءات التي اتخذتها السعودية في الفترة الماضية حرمتها من عدد كبير من الزوار، الذين زادت القرارات الجديدة العبء المادي عليهم.
ويبدو أن السعودية واجهت خلال السنة الماضية انخفاضاً في عدد المعتمرين؛ بسبب فرض رسوم إضافية باهظة عليهم تتجاوز الـ500 دولار، عام 2016.
الانخفاض في أعداد زوار المملكة من المعتمرين دفع الرياض، على لسان وزير الحج والعمرة محمد صالح بنتن، لإعلان إلغاء رسوم تكرار العمرة، البالغة 2000 ريال سعودي (533 دولاراً).
وفي إشارة إلى أن القرار السابق كان يتعارض مع ما تطمح إليه خطة بن سلمان الاقتصادية، ذكرت صحيفة “عكاظ” المحلية، الاثنين (9 سبتمبر الجاري)، نقلاً عن الوزير قوله: “إن القرار يدعم الجهود الرامية لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 باستقبال 30 مليون معتمر بحلول 2030”.
وقدّرت الهيئة العامة للإحصاء السعودية عدد المعتمرين، خلال عام 2018، بـ18.3 مليون معتمر، بينهم 6.7 ملايين معتمر من الخارج، في حين أن معتمري الداخل وصل عددهم إلى 11.5 مليون معتمر.
ولكن في عام 2017 تجاوز عدد المعتمرين داخلياً وخارجياً 19.07 مليون معتمر، وفق ذات المصدر، ما يؤكد حقيقة تراجع أعداد المعتمرين بشكل كبير.
وكدليل على فشل قرارها، هدفت الرسوم التي فرضت في تلك الفترة لتحسين الوضع الاقتصادي بما يتناسب مع خطة “2030”، الرامية لزيادة مدخولات المملكة من إيرادات غير نفطية.
إصرار على القرار الخاطئ
ومن أجل تمرير رسوم العمرة الثانية عقد مجلس الشورى السعودي جلسة، في 26 ديسمبر 2017، وتمسّك برأيه حول التباين بينه وبين مجلس الوزراء في شأن الإيرادات غير النفطية (مرتبطة برؤية 2030)، مطالباً بعدم أخذ رسوم من القادمين للحج باعتباره فريضة.
في حين رأت الحكومة أن يستثنى من الرسوم القادمون للحج للمرة الأولى، وتؤخذ الرسوم في حال تكرار الحج، وفي حين لم يوافق المجلس على رسوم الحج، أكد أخذ رسوم من القادمين للعمرة للمرة الثانية، بحسب ما ذكرت صحيفة “الحياة” السعودية، آنذاك.
هذا القرار أثار استياء واسعاً في عموم العالم الإسلامي حينها، لما لذلك من أثر سلبي على المسلمين غير المقتدرين الراغبين بأداء العمرة.
كما أثر القرار بشكل كبير جداً في أصحاب المكاتب السياحية في الدول العربية، والذين قل عدد المعتمرين في أفواجهم بشكل كبير، حيث لم يعد زبائنهم قادرين على دفع الرسوم المطلوبة كالسابق.
وحينها نقلت وكالة “معاً” الفلسطينية عن شركات الحج والعمرة في فلسطين أن القرار الجديد سيحرم الآلاف من أداء العمرة سنوياً، في حين قالت لجنة السياحة الدينية بغرفة شركات السياحة في مصر: إن “الزيادة الجديدة تشكل عبئاً على الراغبين بأداء العمرة”.
لأجل “2030”.. يدفع الأجانب
ومن أجل الرؤية الاستراتيجية “2030” اتخذت السلطات السعودية العديد من الإجراءات التي عُدت صادمة بالنسبة للشعب السعودي، والمقيمين في المملكة من أجانب، ما دفع بمئات الآلاف لمغادرتها بسبب الرسوم الباهظة التي فُرضت.
فقد تغير إضافة إلى تأشيرة العمرة الثانية ثمن تأشيرات أخرى؛ إذ أصبح يستوفى 53 دولاراً لتأشيرة الخروج والعودة المفردة لمدة شهرين للمقيمين، و26.6 دولاراً عن كل شهر إضافي، بدلاً من السابق بواقع 53 دولاراً لمدة 6 أشهر كحد أقصى عدا الطلاب لمدة سنة.
وتشمل الرسوم الجديدة تأشيرة الخروج والعودة المتعددة إلى 133.3 دولاراً لمدة 3 شهور وكل شهر إضافي 53 دولاراً، بدلاً من السابق برسم 133.3 دولاراً كحد أقصى لمدة ستة أشهر عدا زوجات المواطنين لمدة سنة.
وبخصوص الوافدين غير المقيمين تمنح منافذ الجوازات تأشيرات دخول للعمالة المنزلية المرافقة لكفلائهم الخليجيين برسوم 80 دولاراً بدلاً من 13.3 دولاراً سابقاً.
وتأشيرة الزيارة المفردة برسم 533 دولاراً بدلاً من السابق 53 دولاراً، وتأشيرة الزيارة المتعددة برسم 800 دولار لمدة 6 أشهر بدلاً من السابق 133.3 دولاراً.
ويبدو أن فرض أو إلغاء المراسيم الملكية التي تصدر بين الحين والآخر يعود لفقدان المملكة لمليارات الدولارات على صفقات السلاح، والأزمة المتفاقمة في اقتصادها العام بسبب عدة ملفات من أبرزها حرب اليمن، ما زاد من أعباء المواطن السعودي، حيث يواجه الغلاء والضرائب ورفع قيمة الفواتير بشكل ضخم جداً، وكذلك طالت المقيم الذي فُرضت عليه أعباء مالية شهرية وسنوية غير محمولة.
وفي أغسطس 2018، أظهرت بيانات رسمية خروج 1.1 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص السعودي من وظائفهم خلال 18 شهراً؛ (منذ مطلع 2017) حتى نهاية يونيو 2018، وفق وكالة الأناضول.
يأتي ذلك بالتزامن أيضاً مع معاناة السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، جراء تراجع أسعار الخام، مصدر الدخل الرئيس للبلاد، عن مستوياته منتصف 2014.
يشار إلى أن بن سلمان حارب علماء وخبراء واقتصاديين ورجال أعمال وصحفيين، وزج بهم في السجون من دون محاكمات وتهم واضحة، عرف عنهم جميعاً انتقادهم لرؤية 2030 لإصلاح الاقتصاد، والتي يصفها العديد من التقارير الاقتصادية الغربية بـ”غير الواقعية”.
(الخليج أون لاين)