// استطلاع خاص // وكالة الصحافة اليمنية //
تتجدد معاناة الأسرة مع بداية كل عام دراسي بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، لتصبح كابوسا مرعبا، جراء الأوضاع المعيشية الصعبة مع استمرار انقطاع المرتبات للعام الثالث على التوالي، وفرض الحصار على كافة المنافذ اليمنية من قبل تحالف العدوان.
حيث شهدت المستلزمات الدراسية من أدوات قرطاسيه وأزياء مدرسية، وحقائب وغيرها، خلال الأعوام الماضية موجة ارتفاع للأسعار بنسبة تجاوزت 120% لتشكل عبء مجحف بحق الأسرة اليمنية، تنعكس آثارها السلبية على الطالب وتؤدي إلى حرمانه من التعليم.
“وكالة الصحافة اليمنية” ناقشت قضية ارتفاع المستلزمات المدرسية، مع عدد من المواطنين ومالكي عدد من المكتبات ، وخرجت بالحصيلة التالية :
كابوس مؤلم
في إحدى مكتبات أمانة العاصمة التقينا المواطن يحيى حمود الشيخ، الذي أوضح أن ارتفاع الأسعار في احتياجات الطلاب الدراسية، باتت تشكل عبء وكارثة مالية تنهك أولياء الأمور في ظل استمرار انقطاع المرتبات، والأكثر من ذلك أصبحت مستلزمات الأولاد الدراسية كابوس مؤلم للآباء والأمهات،
وقال يحي الشيخ ” نعول على ترسيخ قيم التكافل المجتمعي في التخفيف عن كاهل الأسر الفقيرة عن طريق تبني مشاريع تستهدف توفير احتياجات الطلاب من أبناء الأسر الفقيرة كلا في منطقته.”
ودعا الشيخ منظمات المجتمع المدني إلى الاسهام الفاعل لتنفيذ مشاريع تسهم في عودة الطلاب للمدارس والارتقاء بالعملية التعليمية لاسيما توزيع الحقائب المدرسية والمستلزمات الطلاب من الزي والدفاتر والاقلام والحقائب وغيرها، لتحقيق التكامل والحفاظ على أجيال المستقبل من الضياع وقبل أن يستفحل الجهل بالكثير منهم.
الدعاية على ظهور الفقراء
إحدى منظمات المجتمع المدني، مع تدشين العام الدراسي الجديد 2019ـ 2020، عملت على توزيع حقائب دراسية ووضعت اسمها في واجهة الحقائب الدراسية.
حيث تداول ناشطين في محافظة ذمار صورة لأحد الطلاب قام بطمس اسم الجمعية من واجهة الحقيبة المدرسية، حفاظا على كرامته أمام زملاءه، نظراً لأن المنظمة لم تحافظ على مشاعر الطلاب المحتاجين من الفقراء أمام زملائهم.
الكثير من منظمات المجتمع المدني جعلت من مشاريعها الإنسانية وسيلة دعائية لها، إلا أن الطالب وجه رسالة هامة لكافة تلك المنظمات مفادها ” صحيح أننا فقراء، ولكننا نمتلك العزة والكرامة”.
هموم ومعاناة
من جهته أكد مدير مدرسة المتفوق النموذجية في مديرية معين في العاصمة صنعاء، الاستاذ عبده سنان السعيدي، أن الأسراليمنية تجد نفسها في مواجهة مع متطلبات العام الدراسي لأولادها، لتكتوي بنار الأسعار التي أصبحت لا ترحم أحد، بل يتضاعف سعيرها من عاما لآخر، وتزداد معها الهموم والمعاناة لرب الأسرة، الذي يقف مقهورا أمام عدم قدرته على توفير أبسط الاحتياجات الرئيسية لأولاده.
ويضيف السعيدي “هناك حقيقة ندركها هي أن كثير من الأسر لم يكن باستطاعتها الإنفاق على تعليم أبنائها، بل وعملت على الدفع بهم نحو سوق العمل للإسهام في توفير احتياجات الأسرة المعيشية من المواد الغذائية الضرورية وإعانتها للبقاء على قيد الحياة، خصوصا منذ بداية العام الدراسي 2016 ـ 2017، نتيجة لانقطاع المرتبات.
ودعا السعيدي الجهات المعنية والمسئولة إلى تكثيف الرقابة على كبار التجار الذي أصبح طمعهم وجشعهم يستهدف التعليم ، من أجل تحقيق أرباح خيالية واستغلال للوضع الراهن دون أي وازع ديني أو أخلاقي تجاه ما تتجرعه الأسر من القهر أمام أبنائها، التي تصل في أحيانا كثيرة إلى حرمانهم من الالتحاق بالتعليم.
الوجه الآخر للعدوان
“وكالة الصحافة اليمنية” تجولت في سوق الحصبة في العاصمة صنعاء، للاقتراب من عملية بيع احتياجات الطلاب، حيث لاحظنا كيف تجري المفاصلة في عملية البيع والشراء بين إحدى الأمهات، ومالك محل لبيع الحقائب المدرسية، عندما دفعت أم عبدالله الذيفاني مبلغ 4200 ريال في حقيبة مدرسية، بينما أقسم صاحب المحل أن سعرها النهائي 5500 ريال، وكذلك كانت الأم تحلف بأنه لم يتبقى لها سوى قيمة المواصلات.
أم عبدالله الذيفاني تترجى البائع بالقول:” أتق الله يا أخي، والله ما فيش معي غيرها”، حاولت التدخل لمعرفة رأيها حول ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، حيث أوضحت أن التجار لم تعد في قلوبهم رحمة في البيع والشراء مع المواطنين، ووصفت الحال بالقول” عدوان علينا من الخارج، وعدوان علينا وعلى أطفالنا من أسعار التجار”.
أسعار غالية
أحد مالكي المكتبات طرحنا عليه ارتفاع المستلزمات المدرسية وطلبنا رأيه حول ذلك، إلا أنه أعتذر بالقول” الأسعار غالية جدا، والله أصبح البيع والشراء بالبركة لا أكثر”.
معاناة المواطن
فضل محمد سنان وهو صاحب إحدى المكتبات في شارع الدائري ـ مديرية معين بأمانة العاصمة،قال أن أسعار الحقائب المدرسية والأدوات القرطاسية من الدفاتر ازداد سعرها بنسبة 120% مقارنة مع بداية العام الدراسي 2015 ـ 2016، نتيجة الحرب على اليمن، بالإضافة إلى الحصار المفروض على الموانئ.
وكشف سنان عن تدهور عملية الشراء لدى المواطنين بحدود 60% ، قياساً بما كان عليه الوضع في السابق، حتى أن مفاصلة البيع والشراء مع بعض المواطنين تصل لأكثر من ساعة، هناك مواقف من المعاناة في تقاسيم أوجه الآباء ممن لا يستطيعون شراء متطلبات أبنائهم، ونتألم جراء ذلك، لم يكن بمقدورنا أي شيء نفعله نحوهم، إلا البيع بأقل الأرباح في أحيانا كثيرة مراعاة لظروفهم المعيشية والأكثر من ذلك فرحة الأبناء بالحصول على متطلباتهم.
أسعار تجار الجملة تقفز مع حلول الموسم
في ميدان التحرير تعج المكتبات بمختلف أنواع المستلزمات المدرسية والأدوات القرطاسية، إلا أن الأسعار تمثل للآباء صدمة مرعبة.
مالك أحدى المكتبات تحدث إلينا، وأشترط عدم ذكر اسمه، مؤكداً أن لهجة تجار الجملة تتغير مع بداية العام الدراسي، ويزداد طمعهم مع زيادة الطلب، إذ تتجاوز الزيادة في الكرتون الدفاتر 3 ألف ريال، من أسبوع لآخر.
وأوضح أن التجار يرجعون ذلك إلى ما أسموه زيادة الضرائب والجمارك المفروضة على بضائعهم، بالإضافة إلى كلفة نقل البضائع من ميناء عدن، التي كانت في السابق لا تتجاوز 250 ألف ريال للناقلة، و التي وصلت في الوقت الراهن أكثر من 1مليون و400 ألف ريال.
مشيرا إلى أن مستلزمات التعليم يجب إعفائها من الضرائب والجمارك، دعما وتشجيعا للأجيال في الأوضاع الراهنة مع استمرار العدوان والحصار المفروض على اليمن.
حملة لاعادة ابنائنا إلى المدرسة
على أن أسعار الزي المدرسي باتت باهظة جداً، في جملة من الظروف القاسية التي فرضتها حرب دول التحالف على اليمن، وهو ما يستدعي من الجهات الحكومية والمنظمات الأهلية، أن تتخذ موقفاً جاداً يساعد في منح الكثير من ابناء الأسر الفقيرة فرصة الحصول على الحق بالتعليم.
وأن على المجتمع اليمني أن يقوم بعملية جرد حقيقية للطلاب والطالبات الذين تخلفوا عن المدرسة هذا العام، واعادتهم إلى فصول المدرسة.