مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
حاول وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو عبر مؤتمر صحفي عقده الاربعاء ، عقب بدء الاعتداء التركي على الاراضي السورية ، حاول الايحاء بان هذه العمليات تاتي في اطار القوانين الدولية ، لكن ردود الفعل الدولية حيال هذه الخطوة العدوانية كشفت عن ان هذا الاعتداء الذي يذكر بالاطماع التوسعية العثمانية لا يمكن هضمه وفق اي منطق .
والطريف في هذا البين هو ان ترامب الذي يرى الكثيرون ان اردوغان بدء عمليته بضوء اخضر منه ، سارع الى نشر تغريدة ادعى فيها :” لقد كنت قد عبرت بوضوح لتركيا ان العمليات العسكرية في سوريا فكرة سيئة للغاية ” .
بمنأى عن كذب او صدق ترامب فيما يخص دعوة اردوغان لضبط النفس فان الرئيس الامريكي كان قد وضع قشر الموز تحت اقدام اردوغان منذ فترة طويلة ، وبالتحديد حين اعلن سحب دعمه للاكراد منذ عدة اشهر وأغراه بالقيام بهذه الخطوة ، وقد عزز من هذه الاغراءات خلال الاسابيع الاخيرة لتتحول تلك الاغراءات الى “نزعة مشفوعة بالطمئنة ” .
ربما يكون ترامب قد انتقم بخطوته هذه من ازدواجية مواقف اردوغان حيال امريكا وروسيا خلال الاعوام الاخيرة ، او بتعبير آخر من خلال جر نظيره التركي الى مستنقع باسم شمال سوريا ، عاقبه على شراء منظومة اس 300 وسائر سياساته المعارضة لواشنطن .
رد فعل بورصة اسطنبول وسقوطها في الساعات الاولى من الاعتداء على سوريا ترسم مستقبلا ضبابا وقاتما لاردوغان ، وعلى قول المثل ، اول الغيث قطر .
يبدو ان اردوغان يعتقد ان عملية “نبع السلام” ستكون مثل عملية “درع الفرات” عندما احتل مدينتي “جرابلس” و “الباب” دفعة واحدة، والحق بها “عفرين” في مرحلة تالية ، هذه المرة ايضا سيكون بامكانه ان يفصل “عين العرب” عن الحسكة بضربة عسكرية قوية ، كما سيحتل ” تل ابيض” و” راس العين” ، وبذلك يكون قد اضاف شيئا الى رصيده الانتخابي داخل تركيا من جانب ، ومن جانب اخر يخلق هوة عميقة بين الاكراد و”قسد”. ولكن في هذه الاثناء قد يطل “عفريت داعش” برأسه مرة اخرى، بالاضافة الى حدوث موجة نزوح جديدة ، ستكون كارثة على المنطقة واوروبا، كما ستزداد بالمقابل احتمالات ان يقترب الاكراد اكثر من الحكومة السورية.
لحد الان المنتصر في هذه المعركة هو ترامب، الذي نجح بتأجيج صراع في شمال سوريا من دون ان يتهمه احد بانه تخلى عن حلفائه الاستراتيجيين ، صراع سيساعد ترامب في حرف الانظار قليلا في الداخل الامريكي عن قضية عزله، هذا من جانب ، ومن جانب اخر يبقي على التواجد الامريكي في سوريا لبعض الوقت، ومن جهة ثالثة ستكون له اليد العليا على صعيد التنافس مع روسيا في المنطقة .
المصدر : قناة العالم