تحاول دول التحالف استنفاذ صبر اليمن، من خلال التشدد بمنع دخول المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، الأمر الذي ضاعف من حدة الأزمة الانسانية في البلاد خلال الفترة الماضية.
حيث يلاحظ أن قوى التحالف، عملت على تشديد الحصار ومنع دخول سفن المشتقات النفطية، بالتزامن مع اطلاق مبادرات السلام التي قدمتها صنعاء في الـ20 من سبتمبر الفائت، لوقف تبادل الهجمات، ورفع الحصار.
ويرى عدد من المراقبين أن دول التحالف تسعى إلى خلق المزيد من الضغوطات على اليمن، في هذا الوقت الحرج، بهدف دفع اليمن إلى تقديم المزيد من التنازلات خلال أي جولة مفاوضات محتملة على ضوء الافاق التي فتحتها مبادرة صنعاء للسلام.
إلا أن هناك من يعتقد أن اصرار دول التحالف على مضاعفة المأساة الإنسانية، في البلاد سيؤدي إلى حالة ضغط في اليمن، تهدد بالعودة إلى مربعات الصفر.
حيث لا يمكن أن تراهن دول التحالف على صبر صنعاء، والتي بدأت تلوح بخطورة ما يمكن أن تؤدي إليه تصرفات القرصنة الغير قانونية التي تمارسها دول التحالف، على الملاحة الدولية، حيث اعاد الرئيس مهدي المشاط في خطابه الموجه لأبناء الشعب بمناسبة الذكرى الـ56 لثورة 14 أكتوبر، التحذير للمرة الثانية خلال أقل من شهر، من مغبة الاستمرار في حجز السفن نظرا لما يمثله هذا الإجراء التعسفي من استخفاف بمعاناة الشعب اليمني، وأكد المشاط أن الاستمرار في احتجاز السفن قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا تنسجم مع المساعي الأخيرة والجهود المبذولة من أجل السلام في اليمن والمنطقة.
ويرى عدد من المراقبين أن الدول التحالف تحاول الايحاء للعالم بأن الحصار على اليمن يتم بمعزل عن الحرب العسكرية التي تتعرض لها البلاد، إلا أن محاولتها تجزئة المعركة إلى حصار وحرب عسكرية، تبدو غير مجدية، خصوصاً أن العالم أصبح على معرفة تامة بحقيقة مايجري على شعب اليمن، على عكس البدايات الأولى للحرب.
حيث اعتبرت تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة المكلف بتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان في اليمن، أن الحصار لايتناسب مع الاهداف التي يسعى مجلس الأمن لوضعها في اليمن، وأن دول التحالف تستخدم سلاح التجويع ضد شعب اليمن بشكل ينتهك مبادئ القانون الدولي، كما تحدث التقرير الأخير لفريق خبراء الأمم المتحدة، أن الاجراءات التي يتخذها التحالف بالاصرار على احتجاز السفن و تجاهل التصاريح الممنوحة من قبل لجنة تفتيش الأمم المتحدة للسفن، خلق معايير مزدوجة فاقمت الازمة الانسانية في اليمن.
بينما سبق للمقرر الخاص في الأمم المتحدة لتنفيذ العقوبات الدولية وحقوق الإنسان ادريس جزائري أن اعلن في ابريل 2017 أن الحصار الذي تمارسه دول التحالف يتنافى مع القانون الدولي.
ويلاحظ عدد من المختصين القانونين أن دول التحالف تختلق الأعذار من أجل تشديد الحصار، فعندما كانت لجنة الأمم المتحدة تمنح التصاريح للسفن ، لجئت دول التحالف إلى الدفع بـ”حكومة هادي” لاصدار قرارات تمنع دخول المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، وبدلاً من أن تدعي دول التحالف انها تنفذ الحصار تلبية لرغبة مجلس الأمن، أصبحت أداة طيعة بيد “حكومة هادي” التي لم يسبق لدول التحالف أن اقامت لها وزن ! وبما يعني أن هناك حالة من المزاجية تطبق فيها دول التحالف اجراءات عقابية ضد شعب اليمن، من خلال الحصار، خارج مبادئ القانون الدولي.
وهي مواقف تؤكد في مجملها أن اقدام اليمن على ضرب بارجات التحالف الحربية، يأتي وقد امتلكت اليمن كل الحق في ضرب تلك البارجات، دون أن يكون لأحد في العالم قدرة توجيه اللوم لليمن، على أي اعمال قد تضطر صنعاء لاتخاذها في مواجهة تعسفات الحصار، وما قد ينتج عن ذلك من قلق لأمن الملاحة في البحر الأحمر.
خصوصاً أن صنعاء قد راكمت رصيداً هائلاً من الصبر تجاه كل الأعمال التعسفية التي تمارسها دول التحالف في حصار اليمن، اظهرت فيها اليمن ضبطاً للنفس حرصاً على عدم تضررطرق الملاحة في البحر الأحمر، وعدم جرها إلى مربعات الصراع، إلا أن دول التحالف فهمت ذلك الصبر بشكل خاطئ، عبر مضاعفتها لعمليات القرصنة على السفن القادمة إلى موانئ الحديدة.