لا يحظى “اتفاق الرياض” بين المستقيل هادي وحكومته من جهة، وبين المجلس الانتقالي من جهة أخرى، ورعته السعودية والإمارات ، بأي رضا في أوساط النخب السياسية اليمنية، ليس فقط نخب أنصار الله والقوى الوطنية في العاصمة اليمنية صنعاء، ولكن أيضاً من عديد قوى كانت مؤيدة لتحالف العدوان على اليمن.
ويوم الثلاثاء الفائت، وبعد تأجيل فرضته أرضية هشة بين طرفين مرتهنين للرياض وأبوظبي، أجبرت السعودية الطرفين التوقيع على اتفاق كانت تفاصيل مؤامرة خبيثة، هي استكمال لما بدأته السعودية والإمارات في اليمن منذ مارس 2015، حاضرة وظاهرة ومستفزة لكل يمني يعتز بسيادة بلده ولا يقبل المساومة عليها أبداً.
يقول يحيى عمار، وهو ناشط سياسي :” تواصل السعودية مؤامراتها الدنيئة في اليمن، وبمشاركة من الإمارات، وعملاء يمنيين”.
وأضاف:” اتفاق الرياض، ليس إلا تأصيلاً للاحتلال السعودي – الإماراتي، على محافظات اليمن الجنوبية، بطريقة قانونية، أو هكذا تظن قائدتا العدوان على اليمن”.
ولفت يحيى عمار إلى أن أي اتفاق يأتي من الرياض لا يمكن أن يعيش طويلاً ، وغالباً ما يكون مدمراً .. والتاريخ يؤكد ذلك”.
أجندة مشبوهة وأهداف شيطانية
وشنت القيادية في حزب الإصلاح والناشطة اليمنية توكل كرمان هجوماً حاداً على اتفاق الرياض وموقعيه، بعد ساعة من اعلان توقيعه، وقد اكدت رفضها المطلق للاتفاق الذي رأت فيه تكريساً للوصاية السعودية على اليمن.
وقالت كرمان:” ليست المشكلة في الرياض، وليس في نصوص الاتفاقيات الموقعة في الرياض والمرعية من الرياض، دائماً كان للرياض أجندة مشبوهة وأهداف شيطانية غير منصوف عليها هي التي تسعى لتحقيقها هذه هي مشكلتنا القديمة المستمرة مع الرياض”.
وعقبت مؤكدة:” لكننا سنسقط وصايتها واجندتها إلى الأبد وسيبقى اليمن سيد على كل من في الجوار.. ونرفض ملاحق الاتفاقية التي نصت على وصاية الرياض وهيمنتها على اليمن ، هذه الوصاية والهيمنة نرفضها ونعدها ضربا من الاحتلال الذي ندعو اليمنيين للاصطفاف لإسقاطه كأولوية وواجب وطني لا يعلو عليه شيء ولا يسبقه شيء”.
إهانة هادي بروتوكولياً
ورصد الصحفي اليمني محمد الخامري، أخطاء بروتوكولية حصلت أثناء التوقيع على اتفاق الرياض الثلاثاء بين الرئيس المستقيل هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال والمدعوم من الإمارات.
وقال الخامري :” كان يفترض أن يكون راعي الاتفاق ملك المملكة شخصياً، ولكن ونظراً لقيمة الضيوف السياسية تم إنابة ولي العهد، ومن حقه الجلوس في صدر المكان نيابة عن والده الملك”.
لافتاً إلى أن هادي كان يجب، بروتوكولياً، على يمين راعي الاتفاق، والطرف الآخر الأقل قيمة سياسية على شماله.
وتابع :” محمد بن زايد ولي عهد وليس رئيس دولة، وحضوره شرفي وليس طرفاً في الاتفاق إلا إذا كان ممثلاً للانتقالي فيكون مكانه شمال الراعي”.
وختم الخامري، ملاحظاته متسائلاً بسخرية :” أين مراسم الرئاسة وبرتوكولات الدبلوماسية وحصافة المضيف واحترامه لضيوفه.. من يهن سهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام”.
وغير بعيد عن رصد ملاحظات هامة أثناء توقيع اتفاق الرياض، نشر الخامري صورة للدكتور ناصر الخبجي، مشيراً داخل الصورة على وضع الخبجي لعلم الانفصال في بدلته، في دلالة على أن الاتفاق شكلي ولن يُكتب له النجاح.
وبتهكم شديد قال الخامري ، وهو رئيس تحرير صحيفة إيلاف الإلكترونية اليمنية، إن دولة خليجية تدعم الانتقالي الذي يتمرد على ما تسمى بالشرعية ويشن عليها حرباً ويطردها من عاصمتها المؤقتة، وشقيقتها الكبرى ترغم تلك (الشرعية) على الاعتراف به كواقع مفروض بقوة السلاح بل والاعتذار له بالاتفاق معه.
ووصف الخامري، “اتفاق الرياض” بـ”مسرحية خليجية بالاتفاق مع الدنبوع؛ يفرض تموضعا جديدا للانفصاليين، ويُعد إسفين صلب في جسد الوحدة اليمنية”.
ويتساءل الخامري :”تقولوا متى سيفتح اول مكتب تمثيل للمجلس الانتقالي (على طريق فتح سفارة) وفي أي عاصمة خليجية؟!!”
تنازل عن السيادة
بدوره أكد الناشط اليمني بشير المصباحي أن “الاتفاق اليوم صراحة على تنازل الأطراف اليمنية الموقعة للسعودية و الامارات بالسيادة الكاملة على المحافظات الجنوبية”.. مضيفاً :”وهذا هو جوهر الاتفاقية ومضمونها وبقية الفقرات والملحقات مجرد تفاصيل تنفيذية”.
تجييش الجنوب
أما القيادي البارز فيما يسمى بالحراك الثوري الجنوبي ومجلس الانقاذ الوطني، حسن باعوم، فقد شن سخر من الاتفاق ووجه له انتقادات لاذعة.
وقال باعوم:”الحل للقضية الجنوبية ليس بتوزيع المناصب، ومن المؤسف أن يعد ذلك مكسباً في عقلية من وقعه والتزم به”.
وأعتبر باعوم، في بيان له، مساء الأربعاء الفائت، اتفاق الرياض بأنه “تجييش الجنوبيين من جديد لخوض حرب ليست حربهم”.
مشيراً إلى إن “اتفاق الرياض ينتقص من حق الجنوبيين في تقرير المصير وسيادتهم على أرضهم”.. مضيفاً “من غير المنطقي وصف الاتفاق بأنه اتفاق سلام”.
وقال: “الأحرار في الجنوب واليمن بشكل عام يرفضونه، كونه اتفاق يشرعن للإدارة الخارجية للبلد، ويعيد توحيد جهود الحرب ويرحل الأزمات”.
شرعنة الاحتلال
لم يتعامل مجلس الانقاذ الوطني الجنوبي، مع اتفاق الرياض، بدبلوماسية أو مهادنة، وقد أعلن صراحة رفضه القاطع له، معتبراً أن أعطى شرعية للاحتلال السعودي وحق إدارة الأمور المحلية.
رفض مجلس الانقاذ الوطني الجنوبي، جاء في بيان رسمي، أكد خلال تمسكه برفض الاحتلال وأزلامه ولن يقبل بأي اتفاق لا ينص على خروج القوات الأجنبية ويحافظ على الاستقلال.
مشيراً إلى أن “اتفاق الرياض تمت صياغته ليعطي شرعية للاحتلال السعودي وحق إدارة الأمور المحلية”.
واعتبر المجلس إن “الاتفاق يعطي شرعية للمليشيات المناطقية التابعة للخارج، ويجعل الوصول إلى السلطة مكافأة لمن يعتمد على قوة السلاح والغلبة”.
ودعا مجلس الإنقاذ ” القوى الوطنية كافة، إلى رص الصفوف والاستعداد لمواجهة الاحتلال وأزلامه واسقاط مشاريع”.
كما دعا إلى “الاتحاد لخلق شراكة وطنية حقيقية تهيئ الظروف لإعادة السلطة للشعب”.
يذكر أن مجلس الإنقاذ الجنوبي يسعى لوقف الحرب بالبلاد، ورفع الحصار المفروض من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات، وإنقاذ اليمن من حالة الانقسام والتشظي.
واختار المجلس، الذي أعلن عنه في الـ19 من شهر أكتوبر الفائت، هيئة رئاسية تمثله تنتمي لعدة محافظات جنوبية، وتم اختيار اللواء أحمد قحطان، عضو مجلس الشورى اليمني ومدير أمن المهرة سابقاً، رئيساً للمجلس.