مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
على الرغم من انتخاب التونسيين رئيساً جديداً للبلاد إلا أن المشهد السياسي التونسي لا يزال يعجّ بالتناقضات والتكتلات ولا تزال هناك حالة غليان سياسي ترخي بظلالها على المجتمع التونسي، الذي يستعد لمعرفة من سيتولّى منصب رئيس مجلس الشعب يوم الأربعاء المقبل، حيث سيؤدي النواب المنتخبون القسم الدستوري في جلسة عامة للولاية البرلمانية الثانية منذ المصادقة على دستور الثورة في 2014 والتي تمتد لخمس سنوات.
لا أحد يعلم لمن سترجّح الكفة في رئاسة مجلس الشعب، خاصة وأن هناك تحالفات برلمانية قوية إلا أن الأمور معقّدة في الوقت نفسه، حيث من الممكن أن تتغير التحالفات حتى يوم الأربعاء، لاسيما وأن المفاوضات جارية بين الأفرقاء، وبالتالي فإن هذه التكتلات قابلة للزيادة والنقصان، خصوصاً أن النقاشات اتخذت مؤخراً نسقاً تصاعدياً لدمج عدد من الكتل، ويأتي ذلك في سياق البحث عن نفوذ أكبر داخل البرلمان.
ومن المنتظر أن يتألف المجلس النيابي الجديد من مجموعة من التحالفات البرلمانية، وتضم المجموعة الأولى النهضة وائتلاف الكرامة والاتحاد الشعبي الجمهوري وعدد من المستقلين، أي حوالي 76 نائباً أو أكثر.
هذا التكتل يعتبر الأقوى داخل قبة البرلمان لكن لن يستطيع حسم نتائج الانتخابات، حيث يتم انتخاب رئيس المجلس النيابي ونوابه بـ109 أصوات على الأقل، وبالتالي يجب أن تتحرك هذه التكتلات نحو جذب نواب آخرين سواء أكانوا مستقلين أم من تكتلات أخرى للفوز برئاسة البرلمان.
وتضم المجموعة الثانية التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وقد ينضم إلى هذه الكتلة نواب آخرون، سيكون عددهم حوالي 40 نائباً.
وهناك مجموعة أخرى تضم نواب قلب تونس بـ38 نائباً، وقد ينضم إليها نواب آخرون مستقلون أو من أحزاب تتقارب مع حزب قلب تونس في التوجهات.
الحزب الحر الدستوري بدوره يمثل ثقلاً مهماً داخل المجلس بـ17 مقعداً، مع إمكانية انضمام نواب آخرين إلى هذه الكتلة بعدما اختار صف المعارضة.
الأمر الذي يجب التنويه له أن قانون الانتخابات التونسي الذي تم سنّه بعد 2011 هو قانون مُعَقدٌ إلى حد كبير، حيث يمنع حصول أي حزب على أغلبية في البرلمان، ويسمح فيه نظام “أفضل البقايا” لأحزاب وجماعات صغيرة وأفراد من مستقلين بالفوز بمقاعد في البرلمان، وهو ما أغرى الكثيرين بخوض الانتخابات وتشكيل أحزاب، حتى تجاوز عدد الأحزاب في تونس المئتي حزب.
المرشح الأول لرئاسة البرلمان
قرّر مجلس شورى النهضة، الأحد، ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي، لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، مع الحفاظ على حق الحركة في تعيين رئيس الحكومة.
وقال محسن السوداني، عضو مجلس شورى الحركة: إن مجلس شورى الحركة، قرر في اجتماعه الذي انعقد على مدار اليومين، السبت والأحد، ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لمنصب رئيس البرلمان.
وأضاف إن المجلس أكد كذلك تمسّك الحركة بتعيين رئيس الحكومة، إلا أنه لم يحدد ما إذا كان من النهضة أو من خارجها.
والجمعة، أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي جرت في 6 تشرين الأوّل الماضي، حيث أفرزت فوز حركة النهضة بالمركز الأوّل بحصولها على 52 مقعداً من أصل 217.
بينما جاء حزب “قلب تونس” (ليبرالي) ثانياً بحصوله على 38 مقعداً، وحصل حزب التّيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي) على 22 مقعداً، و”ائتلاف الكرامة” (ثوري)، على 21 مقعداً، والحزب الدستوري الحُرّ (دستوري ليبرالي) 17 مقعداً.
وأعلن رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة، عبد الفتاح مورو، الجمعة، أن مجلس نواب الشعب المنتخب سيجتمع الأربعاء المقبل في جلسته الأولى لأداء اليمين.
وتبعاً لذلك، وجّه مورو الدعوة للأعضاء الجدد للاجتماع في جلسة عامة افتتاحية للمدة النيابية 2019-2024، المُقررة الأربعاء المقبل.
وقال مورو، في كلمته، مُخاطباً النواب: “ستكون هذه الجلسة لتسلّمكم مهامكم بشكل رسمي، وستساعدكم على إنجاز ما ينتظره الشعب، وأوّل ما ينتظركم هو انكبابكم على دراسة قانون المالية وميزانية (موازنة) الدولة لعام 2020″…
ومن المُرجّح أن يقوم بعد ذلك رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتكليف حزب حركة النهضة بتشكيل الحكومة.
ويترأس رئيس البرلمان المتخلي الجلسة التمهيدية ويدعو أكبر أعضاء البرلمان سنّاً لرئاسة الجلسة ويساعده أصغرهم وأصغرهن سناً، وبعد أداء القسم يتم فتح باب الترشحات لمنصب رئيس البرلمان ونائبيه، الذين يتم انتخابهم بأغلبية 109 أصوات على الأقل.
وسيدعو الغنوشي لدى ترؤسه الجلسة الافتتاحية على اعتبار أنه الأكبر سناً، النواب إلى أداء القسم بشكل جماعي، ويعلن إثر ذلك فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه الأول والثاني، الذين يتم انتخابهم بالأغلبية المطلقة أي 109 أصوات على الأقل، ولا يمنع ترؤّس العضو الأكبر سناً الجلسة الافتتاحية من الترشح لرئاسة البرلمان على غرار بقية البرلمانيين المنتخبين.
ومن المهام الموكلة للمجلس النيابي الجديد المصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2020، في ظروف اقتصادية ومالية صعبة تمرّ بها البلاد.
ويفرض الدستور التونسي ضرورة أن يصادق المجلس على ميزانية الدولة قبل 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
تعقيدات التحالفات
كلّف رئيس الجمهورية يوم 13 تشرين الثاني الحالي الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، وقد بدأت حركة النهضة فعلياً ومنذ أسبوع اتصالاتها الأولية بقادة عدد من الأحزاب الفائزة بعدد من المقاعد في البرلمان القادم، تريد مشاركتهم في تشكيل حكومة وتريد أيضاً ضمان تصويتهم حتى تنال الحكومة التزكية عند عرضها على البرلمان.
المفاوضات تدور في أجواء غير مريحة وتحت ضغط إعلامي كبير، أيضاً تحت اشتراطات تبدو مجحفة، خاصة من قِبل حركة الشعب ذات التوجه العروبي والتي تشترط عدم رئاسة النهضة للحكومة، وكذلك التيار الديمقراطي الذي يطول بوزارات مهمة، خاصة الداخلية والعدل، كشرط لمشاركته في حكومة النهضة.
(المصدر : الوقت التحليلي)