من الطبيعي أن تكون عملية التنقل إحدى القضايا الرئيسة المهمة لأي قوة عسكرية، لذلك نرى أن عملية التنقل هذه تُعدّ أكثر أهمية لدى القوات البرية، خاصة تلك التي تعمل في قطاعي المدرعات والسيارات، ولهذا تعدّ قضية زيادة المرونة في عمليات نقل المعدات العسكرية إحدى القضايا التي تم التأكيد عليها مراراً وتكراراً من قبل العديد من دول العالم، وفقاً لذلك، تعتبر حاملات الدبابات والعربات المدرّعة جزءاً مهمّاً للغاية لنقل الكثير من الوحدات القتالية، وتلعب دوراً مهماً للغاية في زيادة قدرة تنقل الوحدات العسكرية من منطقة إلى أخرى، ولكننا هنا سوف نقوم بطرح هذا السؤال القائل، لماذا نحتاج إلى تلك الحاملات لنقل الدبابات في الوقت الذي تستطيع فيه الدبابات التحرك والتنقل بنفسها؟
للإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من العوامل المهمة التي يجب مراعاتها في هذا المجال: القضية الأولى: عند استخدام تلك الحاملات، سوف تتمكن القوات البرية من نقل الكثير من المعدات العسكرية لمسافات أطول وفي وقت أقل ومع استهلاك وقود أقل، والقضية الثانية: تتمثل في أن الدبابات والعربات المدرعة، سواء أكانت من ذات العجلات المطاطية أم الحديدة، لها عمر افتراضي أقصر مقارنةً بالسيارات العادية، والقضية الثالثة: هي الحاجة على الحفاظ على سلامة الطرق وذلك لأن الطرق تلعب دوراً حيوياً في نقل الركاب والبضائع والقوات العسكرية ولهذا فإنه من الضروري الحفاظ على سلامة كل الطرق.
حاملة الدبابات الامريكية “إم 1070”
قصة الشراء المشكوكة التي قام بها جيش الطاغوت!
تماشياً مع سياسة إرضاء جميع القوى العظمى، قام “محمد رضا بهلوي” شاه إيران السابق بشراء الكثير من المعدات العسكرية من الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية، إلى جانب المشتريات الكبيرة للأسلحة من الدول الغربية الأخرى وعلى رأسها أمريكا، وواحدة من تلك المشتريات كانت حاملة الدبابات “ماز 537” التي تم تصميمها لحمل دبابات يصل وزنها إلى 50 طناً وفي ذلك الوقت كان هذا النوع من الحاملات الروسية هو الخيار الأنسب لحمل الدبابات، يذكر أن حاملة الدبابات هذه كان لها القدرة على حمل دبابة “إم فور” الثقيلة التي كان وزنها يصل إلى 56 طناً ولكن وزن هذه الدبابة الثقيلة كان يزيد من شدة الضغط على محرك “ماز 537” ولهذا فلقد كانت عملية نقل مثل هذه الدبابة صعبة للغاية.
ومع بداية الحرب التي فُرضت على إيران عقب سقوط الشاه ومع افتقار البلاد لحاملات يمكنها نقل الدبابات في ساحة المعركة، حدثت العديد من المشكلات للجيش الإيراني الذي تضرّر بشدة من سياسات حكومة الشاه السابقة، وفي تلك الأثناء قام المهندس “أصغر غاندشي”، وهو مهندس بارز في صناعة السيارات الثقيلة، باستبدال بعض القطع في محرك تلك الحاملات، ما جعلها قادرة على تحمل الأوزان الثقيلة وهذا الأمر ساعد القوات الإيرانية على الصمود لثماني سنوات في تلك الحرب.
المهندس “أصغر غاندشي” على متن حاملة الدبابات “ماز 537”
بذل الكثير من الجهود للحصول على حاملات أفضل
كان أحد الخيارات المتاحة بعد انتهاء الحرب التي فرضت على إيران قبل عدة عقود، هو تطوير حاملات المعدات العسكرية التي كان يمتلكها الجيش الإيراني، وبالفعل قامت وحدة الصناعات العسكرية التابعة لقوات الجيش الإيراني في ذلك الوقت بالمضي قدماً في خطة تطوير حاملة “النمر 400” وغيرها من الحاملات التجارية التي كانت تُباع في الأسواق العالمية، ولقد تمكّنت القوات المسلحة الإيرانية خلال العقود الماضية من تصنيع وتجميع الكثير من هذه الحاملات العسكرية وكذلك صناعة وتطوير العديد من الصواريخ والطائرات الحربية والطائرات من دون طيار ويأتي هذا التقدم الكبير بعدما شعر القادة في إيران بالحاجة إلى مثل هذا الصناعات خاصة عقب دخول المنطقة في العديد من الأزمات وفرض أمريكا الكثير من العقوبات الاقتصادية والعسكرية على طهران.
كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء “محمد باقري” أزاح الستار يوم السبت الماضي عن الشاحنة حاملة الدبابات “كيان 700″، وجاءت إزاحة الستار عن هذه الشاحنة خلال الزيارة التفقدية التي قام بها اللواء باقري إلى قيادة الإنتاج والتطوير في مقر “الشهيد زرهرن” التابعة للقوة البرية للجيش الإيراني، والتي تولّت تصنيع هذه الشاحنة، وتبلغ قدرة محرك هذه الشاحنة 700 حصان وقدرة السحب 200 طن وقابلية نقل دبابتين زنة 60 طناً على الحاملة الثقيلة جداً “سليمان -3″، ويبلغ وزن هذه الشاحنة الحاملة للدبابات “كيان 700″، 17.5 طناً، وتعتبر حاملة الدبابات هذه من المعدات الحيوية للوحدات المدرعة، وذلك لأنه عندما يتعرّض جانب آخر من البلاد للتهديد، فإن وحدات الدبابات بحاجة إلى الانتقال بسرعة إلى هذه الساحة، ولذلك تعتبر حاملة الدبابات حيوية ومهمة في هذا المجال وهذا الأمر يُعدّ إبداعاً جديداً ومهماً في القوة البرية للجيش.
حاملة الدبابات الايرانية “كيان 700”
وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء العسكريين بأن هذه الحاملة الإيرانية تتميز بالعديد من الخصائص التي تفوّقت بها على حاملة الدبابات الأمريكية “إم 1070” والتي يبلغ وزنها تقريباً 18590 كيلو جراماً.
الجدير بالذكر أن القوة البرية للجيش الإيراني تحرّكت خلال السنوات الأخيرة في مسار التنمية وتعزيز القدرات ورفع الجاهزية وسرعة الحركة، وفي الوقت الحاضر فإنها تتمتع بجاهزية عالية لمختلف العمليات القتالية المحتملة، وإذا نظرنا إلى الوراء، فسوف نرى أنه خلال السنوات الأربعين الماضية تمكّنت وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية من قطع مسار طويل في مجال صناعة وتطوير العديد من المعدات العسكرية.