يعود مسلسل الاغتيالات بقوة إلى مدينة عدن جنوبي اليمن، في وقت يستمر فيه التوتر بين طرفَي المعركة الأخيرة في المدينة، ممثلَين في حكومة أحمد عبيد بن دغر و«المجلس الانتقالي الجنوبي».
ومع تجدد عمليات التصفية، التي تستهدف خصوصاً شخصيات أمنية وأئمة ومشايخ،تتجدد الاتهامات الموجهة إلى الإمارات بالوقوف خلف تلك العمليات، في مسعى منها للتخلص من خصومها أو حتى من تحتمل أنهم خصومها.
اتهامات لا يقتصر إطلاقها على القيادات والفصائل الجنوبية المناوئة لأبو ظبي، بل يشمل كذلك شخصيات «إصلاحية» لم تعد تجد حرجاً في انتقاد السياسات السعودية – الإماراتية، وتوصيفها بـ«الاحتلال»، و«البلطجة»، و«الميليشياوية»، خصوصاً أن أحدث عمليات الاغتيال استهدفت رئيس دائرة التنظيم والتأهيل في الحزب، شوقي كمادي.
المفارقة أن كمادي لا يُعدّ من ضمن الجناح السياسي في الحزب، وأن لشخصه ثقلاً ورمزية يتجاوزان حدود
«الإصلاح»، مثلما أثبتت ردود الفعل على حادثة مقتله، والمشاركة الشعبية في تشييعه.
وهذا ما يعيد إلى الأذهان عمليات اغتيال سابقة كانت قد استهدفت مشايخ سلفيين من المدرسة المناوئة لأبو ظبي، والرافضة للقتال تحت لوائها.
استهداف تقرأ فيه مصادر جنوبية محاولة للقضاء على مراكزالثقل التي تعتقد الإمارات أنها تشكل خطراً بعيد الأمد على نفوذها، خلافاً للسياسيين الذين تبدو المعركة معهم أكثر سهولة.
صباح أمس،أقدم مسلحان مجهولان ك
انا يستقلان دراجة نارية على إطلاق النار على كمادي، بينما كان متجهاً بسيارته إلى مقر عمله في مديرية المعلا، ما أدى إلى مقتله على الفور، فيما لاذ المسلحان بالفرار.
هذه الطريقة هي نفسها التي اغتيل بها، أيضاً، في الفترةالماضية، مشايخ سلفيون من بينهم عادل الشهري، فهد اليونسي، ياسين العدني، عبد الرحمن العدني، راوي العريقي، وغيرهم. ما يجمع بين هؤلاء جميعاً هو «تمردهم» على «البوتقة السلفية» التي أرادت أبو ظبي انضواء الجميع في إطارها تحت قيادة الوزير المقال، هاني بن بريك.
من هنا، سهُل توجيه الاتهام بالمسؤولية عن تلك الاغتيالات إلى الإمارات، خصوصاً أن الأخيرة لم تحجم، عبر أذرعها العسكرية والأمنية، عن تنفيذ عمليات تضييق واعتقال وملاحقة بحق السلفيين.
عمليات لم يسلم منها، كذلك، «الإصلاحيون» المعارضون لأبو ظبي، الذين بدا أمس وكأن الكيل قد طفح بهم، ولا سيماأن اغتيال كمادي يعقب صفعة قوية تلقتها ما تسمى «الشرعية» عبر سيطرة ميليشيات «الحزام الأمني» على معظم مقارها ومواقعها في عدن.
وفيما لم يتهم بيان النعي الصادر عن رئيس الدائرة الإعلامية لـ«الإصلاح» في عدن، خالد حيدان، طرفاً محدداً بالمسؤولية عن «حادثة الاغتيال الآثمة»، حمّلت الناشطة المعلّقة عضويتها في الحزب، توكل كرمان، الإمارات، المسؤولية عن مقتل كمادي، معتبرة أن أبو ظبي «ترعى، بصورة ممنهجة، اغتيال القيادات السلفية والإصلاحية في المناطق الجنوبية حتى يخلو لها ولميليشياتها الجو».
وقالت كرمان، في منشور على «فايسبوك»: «(إننا) سنحاسب محمد بن زايد ومحمد بن سلمان على كافة الجرائم التي ارتكبوها بحق أبناء شعبنا».
موقف متجدد من شأنه تسعير الجدل بين جناحَي «الإصلاح»، اللذين يبدو أن السعودية والإمارات تدفعان باتجاه إقصاء أحدهما، وتحديداً ذلك الذي تمثل كرمان أحد أبرز وجوهه.
لكن ما بدا لافتاً أمس أن بيانات النعي لم تقتصر على «الإصلاحيين»، بل شملت أيضاً مسؤولين رفيعين، من بينهم نائب هادي علي محسن الأحمر، الذي استنكر «هذه الجريمة البشعة»، مشدداً على «ضرورة ملاحقة الجناة وإلقاء القبض عليهم وإحالتهم على العدالة».
واتهم رئيس حكومة عدن أحمد عبيد بن دغر، بدوره، ما سماها «أيادي الغدر والخيانة» بالمسؤولية عن مقتل كمادي، فيما وصف وزير الشباب والرياضة في حكومة بن دغر، نايف البكري، ما حدث بأنه «فاجعة مزلزلة هزتنا وهزت عدن بأسرها»، ما يشي بأن عمليات التصفية دخلت دائرة أكثر خطورة، بعدما أطاحت في الأيام القليلة الماضية 3 قياديين أمنيين تقول منابر موالية لما تسمى بالشرعيةإنهم محسوبون عليها.