واشنطن/ وكالة الصحافة اليمنية//
كتبت الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد مقالا في صحيفة “واشنطن بوست” قائلة إن السعودية تقوم بحملة ضد الكتاب الذين يتحدّون محمد بن سلمان ورؤيته الضيقة.
وقالت إن حملة قمع جديدة للمدونين والكتاب في السعودية هي آخر دليل على أن ولي العهد يشعر بالجرأة لترهيب مواطنيه، وهذا بسبب دعم الشركاء الغربيين له خاصة الإدارة الأمريكية. فالدعم الذي لم يتزعزع من الرئيس دونالد ترامب، منح الرياض صكا أبيض ليس لأنه تفلت من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي ولكن لاحتجاز الناشطين والكتاب.
ولا يعرف بعد ماهية الاتهامات الموجهة للمعتقلين الجدد، مع أنهم يشتركون في شيء واحد: جريمة الصمت، فجميع الكتاب المستقلين فشلوا في تقديم الدعم الحماسي للأمير ومبادراته الجديدة. وكانوا جميعا من المتحمسين للربيع العربي عام 2011 إلا أنهم التزموا بالصمت منذ وصول الأمير إلى السلطة في عام 2017 وتجنبوا توجيه النقد لسياساته.
ومن الواضح أن هذا لم يكن كافيا، فقد كان عليهم الانضمام للآلة الدعائية التي تسيطر عليها زمرة من مساعديه. وتحول الميل لعبادة الشخصية إلى حالة واسعة ومنتشرة وباتت منزهة عن النقد ويجب على المواطنين عبادتها بشكل دائم. فمن يفشل بتقديم البيعة “لابن الملك” يرتكب جناية الغفلة.
ومن بين المعتقلين الصحافي الشهير بدر الراشد والذي عمل في الصحافة ولكنه حافظ على استقلاليته، وكتب وساهم في عدد من الكتب. وتتسم كتاباته برؤية تصحيحية للقومية العربية. ومثل معظم المفكرين العرب الشباب، رفص القومية العروبية الشعبوية التي انتشرت في ستينات القرن الماضي مثل الناصرية والبعثية، اللتين ارتبطتا بالحكم الديكتاتوري الذي سيطر على العالم العربي. وبدلا من ذلك أصبح الراشد من العروبيين الجدد، وسموا بذلك لأنهم قاموا بفصل فكرة العروبة عن الأيديولوجيات المهترئة التي بررت للديكتاتورية.
لم تعجب أفكارهم العميقة والشعبية محمد بن سلمان، فعروبي جديد مثل الراشد سيعثر على طرق للجمع بين الوطنية والالتزام بالوحدة العربية الإقليمية، ورؤية كهذه ستنافس شعارات محمد بن سلمان مثل “السعودية أولا” و”السعودية أكبر”، وهي شعارات تردد الهتافات الشعبوية لترامب في واشنطن.
فرؤية محمد بن سلمان الجديدة من الوطنية السعودية لا تهتم كثيرا بالوحدة الاقتصادية الإقليمية، وتركز على شن الحروب، كما في اليمن والتدخل في الثورات العربية وإفشال المسار الديمقراطي.
فشعار “السعودية أكبر” يعني بقاء الديكتاتورية كعلامة سائدة ليس في المملكة ولكن في كل المنطقة، لأن العظمة مرتبطة دائما بنجاة الحكم المطلق.
ورغم فشل الموجة الاولى للانتفاضات العربية، إلا أن التهديد بحركات احتجاج والتي تزداد قوة في العراق ولبنان والجزائر وبقية الدول، هي تذكير بأن الانتفاضات تغلي دائما تحت السطح. فوحدة المظالم العربية عبر الحدود تلاحق ولي العهد كما هو حال حلفائه الديكتاتوريين في القاهرة والبحرين وأماكن أخرى.
واستهدف الأمير كتابا شبابا آخرين بسبب ما كتبوه سابقا على منصات التواصل الإجتماعي حيث حاولوا البحث عن رؤى جديدة عن السياسة العامة والقضايا الإقليمية.
فقد أنشأ فؤاد الفرحان “رواق” كأكاديمية مفتوحة وحرة لتدريب الطلاب والمدرسين، فمبادرة مستقلة كهذه تعتبر خطيرة لأن مخالب بن سلمان لم تطلها. فالإصلاح الديكتاتوري الذي عززه ولي العهد لا يتسامح مع المبادرات الشبابية التي تقع خارج نطاقه. فـ”ليبراليته” تقضي بأن يكون الترفيه والفن تحت سيطرته.
ومن هنا فالنسوية الشرعية هي تلك التي يصادق عليها، أما بقية المفاهيم النسوية الأخرى والحركات فيتم تجريمها وسجن المدافعات عنها مثل لجين الهذلول. وتشترط الوطنية السعودية كما يراها الأمير أن تكون السعودية للسعوديين، والتي تعني فصل السعودية من تراثها الذي هو جزء من المنطقة العربية. ولأن الكُتاب الذي اعتقلوا في الحملة الجديدة لديهم مواقف مختلفة فيجب إسكاتهم و”تنفيس” رؤيتهم.
وتقول الرشيد إن محمد بن سلمان يقود وبالتأكيد السعودية إلى لا مكان، فخطته لإحياء الاقتصاد تتعثر، ولم تنجح خطة الإكتتاب العام لشركة أرامكو بتعبئة الدعم الدولي نظرا لعدم ثقة المستثمرين. ولكن محمد بن سلمان سيواصل حملات احتجاز وتعذيب الناشطين والناشطات النسوية طالما سكت رعاته في واشنطن على تجاوزاته. وستزيد حملات الاعتقال مع فشل مشاريعه العملاقة لأنه سيشعر بالنرفزة حول مستقبله كـ”ابن الملك”.