خاص// وكالة الصحافة اليمنية//
بدأت الإمارات كشف النقاب عن استثمارات هادي التجارية عبر اضطلاع سياسيين وناشطين إماراتيين وجنوبيين بفتح ملفات ما يسمونه “فساد الواجهة التجارية لهادي ونجليه، أحمد العيسي”، والذي يشغل منصب نائب مدير مكتب رئاسة هادي للشؤون الاقتصادية ورئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم.
وكشف الكاتب والناشط السياسي، الإماراتي هاني مسهور، عن وثائق تظهر فساد شركات مجموعة أحمد العيسي التي هيمن عبرها على استيراد المشتقات النفطية للمناطق الخاضعة للتحالف وحكومة هادي منذ بداية الحرب، مستغلا نفوذه في مكتب رئاسة هادي ودعم نجليه.
مسهور قال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “بالوثائق فساد شركة ASA Energy FZCO إحدى شركات مجموعة أحمد العيسي والذي يشغل أيضا منصب نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية للشؤون الاقتصادية ورئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم”.
وتابع الكاتب والناشط السياسي، الإماراتي، هاني سالم مسهور يستعرض وثائق بمبالغ مديونية التعاملات مع الشركة المملوكة للعيسي، قائلا: ”تطالب وزارة المالية بتسديد مديونية الحكومة الشرعية والبالغة 107 ملايين دولار أمريكي حتى تاريخ 29 نوفمبر 2019”.
مليارات جمركية
تظهر الوثائق المسربة تهرب شركة نائب مدير مكتب “رئاسة هادي” للشؤون الاقتصادية احمد العيسي عن سداد مليارات الريالات مستحقة لبنك عدن المركزي رسوما ضريبية وجمركية عن شحنات المشتقات النفطية التي تحتكر استيرادها إلى المحافظات الجنوبية.
ووفقا لوسائل إعلام يمنية جنوبية، فإن “البنك المركزي في عدن رفض شيكات مقبولة الدفع قدمها العيسي تسديدا لمستحقات الدولة من رسوم الضرائب والجمارك، كونها غير قابلة للتغطية نقدا، وأصر أن يورد التاجر العيسي الرسوم إما نقدا أو بشيكات يمكن تحصيل قيمتها”.
مصدر في البنك أبلغ هذه الوسائل الإعلامية أن “إجمالي قيمة رسوم الجمارك والضرائب المستحقة على التاجر العيسي تقدر بما يقارب ثلاثة مليارات ريال ينبغي تحصيلها كونها موارد للدولة”. منوهة بأن “البنك المركزي حاليا يتخذ إجراءاته مع البنك المصدر للشيكات السابقة”.
وأفاد المصدر أن “قرار هادي فتح الباب أمام التجار والجهات والشركات الراغبة في استيراد المشتقات النفطية وتسويقها في المناطق اليمنية، وإعفاء المستوردين من الرسوم الجمركية لمدة 3 أشهر، خدم لوبي النفط حيث استمر الإعفاء منذ مارس 2018م، ولم تكن الرسوم تدفع من سابق”.
منافسة صورية
الوثائق المسربة، تجاوز ما كشفته تهرب شركة العيسي من دفع رسوم الضرائب والجمارك، في وقت تشدد “حكومة هادي” و”لجنة عدن الاقتصادية” تقييد تدفق المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة واحتجاز السفن عرض البحر ومنع دخولها ميناء الحديدة بدعوى “دفع الرسوم الضريبية والجمركية لبنك عدن المركزي”.
ووفقا لمصادر في “حكومة هادي” نقل عنها موقع “عدن تايم” فإن هيمنة العيسي على سوق النفط واحتكار شركته استيراد المشتقات النفطية، إمتد إلى “تأسيسه شركتين اضافتين تتبعانه للمشاركة في مناقصات الاستيراد تجعل المنافسة صورية، وتصب بالنهاية لمصلحة العيسي”.
المصادر أوضحت أن “تقديم العطاءات كان منحصرا على الشركات المؤهلة لدى شركة مصافي عدن، والتي جميعها مملوكة للعيسي وهي شركة عرب جلف، بجانب شركة asa وشركة أخرى باسم QZY اللتين اسسهما واستطاع بنفوذه تصنيفهما كشركتين مؤهلتين لدى مصافي عدن”.
انكشاف اللعبة
وأرجعت المصادر “انكشاف احتيال العيسي على لجنة مناقصات استيراد المشتقات”، إلى السبت الماضي حين “سارعت مصافي عدن لإعلان مناقصة رقم 8 خاصة بشراء وقود لمحطات الكهرباء في العاصمة عدن، تضمنت شراء 62 الف طن من مادة الديزل، و30 الف طن مازوت لتموين محطات توليد الكهرباء”.
وفقا لمصادر في “حكومة هادي”، فإن “شركة مصافي عدن حذفت لاحقا إعلان المناقصة بتوجيهات حكومية وعللت حذف الإعلان على صفحتها الرسمية في فيس بوك بأنه تقرر تأجيل نشر الإعلان إلى موعد سيحدد لاحقا”. فيما الأسباب الحقيقية هي تفاقم تداعيات احتكار العيسي لاستيراد المشتقات والتحكم بسعر بيعها.
وهو ما أوضحته المصادر بقولها إن “إعلان المناقصة 8 جاء في وقت يرفض العيسي تنفيذ المناقصة رقم 7 التي أرسيت عليه قبل أحداث أغسطس واستغلاله الاحداث ببيع الوقود في السوق المحلية وترك محطات الكهرباء دون وقود، ومطالبته مؤخرا رفع قيمة هاتين الشحنتين من الديزل والمازوت بنسبة 30 %”.
مواجهة محسومة
تعاني عدن كما باقي مدن جنوب اليمن من استمرار انقطاعات التيار الكهربائي ولساعات طويلة، جراء انعدام المشتقات النفطية لشتغيل مولدات محطاتها، وارتهان توريدها لطرف وحيد يجمع بين النشاط التجاري والنفوذ السياسي، ممثلا في رجل الأعمال احمد العيسي، المدعوم سعوديا.
وإزاء تداعيات هذا الاحتكار والتحايل من العيسي، قرر رئيس “حكومة هادي” معين عبد الملك الأحد الماضي عقب “لقاء ضم وزير المالية سالم بن بريك ووزير الكهرباء محمد العناني ومدير شركة النفط بعدن انتصار العراشة؛ إعادة تشكيل لجنة مناقصات استيراد المشتقات النفطية لمحطات توليد الكهرباء في عدن”.
اللجنة أعيد تشكيلها من وزارت النفط والمالية والكهرباء، وبرر القرار تشكيلها بهدف “الرقابة على المناقصات وإتاحة الفرصة لجميع التجار، وفتح السوق للجميع والشراء المباشر، بما ينهي الاحتكار القائم والتلاعب بأسعار الوقود وافتعال الأزمات التي يعاني منها المواطنين”.
وبحسب المصادر نفسها في حكومة هادي، فإن “اللجنة فور تسمية أعضائها اجتمعت في شركة مصافي عدن لمناقشة وضع إلية جديدة للمناقصات وإقرار شروط وبنود مناقصة توريد وقود محطات كهرباء عدن، تمهيدا لرفعها لرئيس الوزراء للمصادقة عليها، على ان تكون تلك الالية مرجعية للمناقصات القادمة”.
فساد مدعوم
لكن مراقبين استبعدوا امكانية كسر لجنة المناقصات الجديدة نفوذ نائب مدير مكتب رئاسة هادي للشؤون الاقتصادية، وانهاء احتكاره استيراد المشتقات النفطية للمحافظات الجنوبية. منوهين بأن “فساد العيسي مدعوم من هادي ونجليه وعلي محسن الأحمر”.
الأمر الذي أكده ضمنيا مجلس اللجان النقابية لشركة النفط اليمنية في عدن. ورغم إشادته بـ “خطوات الحكومة لإنهاء احتكار استيراد المشتقات النفطية”، نوه بأن الحل الجذري لإشكالية توريد المشتقات النفطية وما يرافقها من تلاعب وفساد، تفعيل نشاط ومهام الشركة المجمد.
وأكد المجلس في بلاغ صحافي “استعداد الشركة للقيام بدورها الوطني الرائد في تسويق وبيع المشتقات النفطية وفق الأسس والأنظمة المتعارف عليها، والذي يضمن تقديم الخدمات للمواطنين وتعزيز مكانة الدولة”. مشددا على ضرورة “تفعيل دور مؤسسات الدولة المعنية بالخدمات والتسويق للمشتقات النفطية”.
المجلس أضاف: “لمنع أي احتكار من قبل التاجر الواحد الذي يتحكم بمصير شعب ويزيد من معاناتهم، فإن شركة النفط اليمنية عليها تقع مسؤولية تحديد الاحتياجات الفعلية من المشتقات بالتعاون مع الجهات الأخرى المتعلقة بالخدمات لتغطية السوق وإنهاء الاختلالات التي تنعكس على حياة المواطنين”.
وتابع: “لضمان وصول المشتقات عبر أطر رسمية ورقابية مسؤولة وتمتلك المقومات الفعلية لذلك وبسعر موحد ومعقول وبتعاون تلك الجهات؛ يجب الإعلان عن مناقصات شفافة يشارك فيها الجميع دون قيود مسبقة أو تتكفل الحكومة بالاستيراد المباشر من شركات عالمية بمواصفات وجودة عالية وأسعار مناسبة دون الحاجة لوسطاء ومستوردين بأسعار مضاعفة”.
ارتباط 7/7
يشار إلى أن بداية الارتباط التجاري بين هادي والعيسي يرجع إلى ما بعد حرب صيف 1994 التي كان هادي وزير دفاع قوات صالح وتجمع الإصلاح (الإخوان)، حين صادر هادي عددا من سفن القوات البحرية لدولة البيض سابقا وجرى تحويلها الى سفن نقل مشتقات نفطية، تابعة لشركة يملكها إسميا العيسي.
وبجانب تصدر تصفية الترسانة العسكرية السوفيتية لجنوب اليمن الاشتراكي قبل 1990 وتصفية القيادات الاشتراكية، اهداف دعم السعودية ودول الخليج تفجير حرب 94 بمشاركة هادي وقيادات “الزمرة” النازحة للشمال بعد هزيمتها أمام “الطغمة” في يناير 1986؛ لم يخل الأمر من تقاسم غنائم الحرب.
ويضاف إلى استثمارات هادي والعيسي في نقل النفط واستيراده، شركات خدمات نفطية تتمتع بامتيازات في عدد من الحقول النفطية في جنوب اليمن، وشركة “بلقيس للطيران الجوي”، وغيرها من الاستثمارات التجارية لهادي ونجليه ناصر وجلال، تندرج خلف الواجهة التجارية نفسها “مجموعة شركات العيسي”.