علاقات السعودية في العالم العربي أصبحت مخيفة، فهي متوترة مع سوريا والعراق ويغلب عليها طابع الغرابة مع مصر، ومرتبكة مع اليمن، وباردة مع الأنظمة الملكية في الأردن والكويت وسلطنة عمان والمغرب وكذلك مع دولة جمهورية وهي الجزائر، وباتت زيارات المسؤولين السعوديين الكبار إلى هذه البلدان نادرة، إن لم تكن معدومة.
حيث شهدت الدبلوماسية السعودية تدهورا كبيرا مع الكثير من الدول العربية” الكويت وعمان والأردن والمغرب وقطر والامارات” وغيرها، وذلك في ظل السياسة الطائشة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع تلك الأنظمة العربية، وتقربه وانبطاحه للأنظمة الغربية.
الأمر الذي أغضب والده وكبار الدبلوماسيين الذين رأوا كيف بدأت تضيع سنوات طويلة من الجهد لبناء العلاقات، خاصة في زمن تتراجع فيه قدرات المملكة المالية التي كانت أحد أبرز أسلحتها.
وكشفت صحيفة ” رأي اليوم” أن العاهل السعودي قرر التدخل لإدارة ملف العلاقات السعودية مع كل من الكويت وعمان والأردن والمغرب، وذلك بسبب تصاعد قلقه من تدهور علاقات المملكة التي يشرف عليها نجله القاصر سياسيا.
وقالت المصادر إن مكانة المملكة وهيبتها بدأتا في التراجع وبشكل متسارع في العامين الماضيين بسبب هذه السياسات الخارجية التي بدأت تعطي نتائج عكسية، وتعرض المملكة لانتقادات شرسة خاصة في أوساط الصحافة الغربية، الأمر الذي بات يثير قلق العاهل السعودي وبعض أعضاء الأسرة الحاكمة المقربين منه.
وبحسب دبلوماسيين، فإن المملكة كانت تتبنى معيارين أساسيين لتحديد طبيعة علاقاتها مع الدول الأخرى، وهما الموقف من الحرب التي تخوضها ضد اليمن، والحصار الذي تفرضه مع 3 دول أخرى “مصر والإمارات والبحرين” على دولة قطر، واتخذت مواقف تتسم بالمقاطعة مع أي دولة لا تؤيد الحرب في الملف اليمني، أو تقيم علاقات طبيعية مع دولة قطر، الأمر الذي أدى إلى فتور علاقاتها مع معظم الدول العربية، وخاصة الكويت والجزائر والمغرب والأردن، وأخيرا السودان.
وذكرت المصادر أن تأسيس جيش إلكتروني من آلاف الموظفين لمهاجمة دول عربية لا تلتزم بالسياسات السعودية بالكامل، والتطاول على رموزها لعب دورا كبيرا في تأزيم العلاقات مع هذه الدول، إلى جانب استخدام سلاح المساعدات المالية كورقة ضغط.
وأشارت إلى أن الكويت لم تسلم من حملات انتقاد شرسة من الجيش الإلكتروني السعودي بسبب موقفها الأقرب إلى الحياد في الأزمة الخليجية، حيث جرى نشر مقالات تذكرها بالدور السعودي الحاسم في تحريرها من الاحتلال العراقي، والتأكيد على أن الحياد ممنوع في الأزمة الخليجية لأنه يعتبر تأييدا مبطنا لدولة قطر.
كما لفتت إلى أن المغرب لم ينج من هذه الحملات، حيث هاجمت الصحافة السعودية الرسمية وشبه الرسمية الرباط في قناة “العربية” عبر بوابة الصحراء الغربية لموقف المغرب من محاصرة قطر، ورفض هذا البلد الانخراط في حملة السعودية والإمارات، بل وقام بإرسال مواد غذائية وطبية.
وأضافت المصادر أن دعوة “سلمان” للسلطان “قابوس بن سعيد” لزيارة المملكة والمشاركة كضيف شرف رئيسي في مهرجان الجنادرية، ومهرجان الملك عبد العزيز للإبل، تأتي كمؤشر على نواياه الجديدة في إصلاح العلاقات وتطبيعها مع السلطنة ودول ملكية أخرى.
ووفق ما نشرته الصحيفة نقلا عن المصادر التي لم تكشف عن هويتها، فقد امتد الاعتداء الدبلوماسي على سيادة الأردن بعد استدعاء رجل الأعمال الأردني “صبيح المصري” واعتقاله في فندق “ريتز كارلتون” برفقة أمراء قبل الإفراج عنه، وتدخل السفير السعودي في الأردن بطريقة اتسمت بالتعالي في الشؤون الداخلية الأردنية، الأمر الذي أزعج السلطات.
وكانت سياسة المملكة طوال العقود السابقة ترتكز على إقامة تحالفات استراتيجية عالية المستوى مع دول مثل المغرب والأردن إلى جانب دول الخليج، ودرست فعليا ضم البلدين المذكورين (الأردن والمغرب) إلى «مجلس التعاون الخليجي» باعتبارهما المخزون السني الرئيسي في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.
وفي ظرف شهور، تدهورت جودة العلاقات بين السعودية وأنظمة ملكية لتضاف إلى علاقات متوترة مع العراق وسوريا، وباردة مع تونس والجزائر والسودان.