تحليل خاص //وكالة الصحافة اليمنية//
كل يوم وكل لحظة يثبت الكثير من العرب والمسلمون أنهم لا يرون إلا ما تراه أمريكا ولا يغضبون إلا إذا غضبت أمريكا ولا يتفاعلون إلا إذا أمرتهم أمريكا بذلك ولا يخوضون حربا ولا ينتصرون لقضاياهم إلا إذا كان الانتصار سيضاف لقائمة الانتصارات الأمريكية ويخدم مصالحها في المنطقة والعالم.
من واشنطن أعلنت السعودية شن عدوان على اليمن وأنشأت تحالفا عربيا إسلاميا وغربيا واتجهت لشن حرب ابادة ضد الشعب اليمني، لكن ورغم كل الجرائم والمجازر التي لم يستثني تحالف العدوان فيها طفلا ولا امرأة ولا شيخا مسنا، لم نسمع اصواتا عربية واسلامية تستنكر ما يرتكبه التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أو تعلن مقاطعة السعودية ودول التحالف كما تتفاعل اليوم مع قضية المسلمين الايغور في اقليم شينجيانغ الصيني، الذين يتسابقون اليوم في الدفاع عنهم وتبني قضيتهم التي تمثل في حقيقتها قضية أمريكية تسعى من خلالها لتحقيق انتصار في حربها الاقتصادية مع الصين.
خمس سنوات من الحرب العدائية التي تشنها دول التحالف على اليمن، لم تحرك للعرب والمسلمين ساكنا ولم تؤثر، رغم همجيتها وقبح ومأساوية جرائمها في الضمير العربي والإسلامي، الذي ظل يدعمها بالتأييد والمباركة ويعتبرها حربا مقدسة تحظى بدعم العلماء وفتاواهم التي لا تختلف عن الدعم العسكري الأمريكي والغربي وأباحت للعدوان استباحة دماء الشعب اليمني، ولا فرق بين ما صنعته الفتاوى وبين ما تصنعه الأسلحة الأمريكية.
يكفي أن نقف قليلا لقراءة ما شهدته الأمة الإسلامية من أحداث خلال العقود الماضية لندرك أن العرب والمسلمين لا يغضبون ولا يخوضون حروبا من أجل الله وقضايا الأمة وإنما من أجل أمريكا والإنتصار لقضاياها في مختلف مناطق العالم.
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كان الاتحاد السوفياتي وأمريكا في أوج حربهما الباردة، وفي خضم تلك الحرب حولت واشنطن أفغانستان إلى خنجر في خاصرة موسكو واتجهت لشن حرب غير مباشرة من خلال أدواتها “ثوار ومجاهدي أفغانستان وما يسمى بـ” العرب الأفغان” الذين هبوا بحمية دينية وتمويل عربي لتحرير افغانستان وتخليصها من براثن الشيوعية الماركسية.
نجحت واشنطن في استنزاف السوفييت واخراجهم من أفغانستان لكن أفغانستان دخلت في صراعات بين أدوات واشنطن واقتتال دمر ما تبقى في البلد المدمر.. وحتى وإن كانت أمريكا قد انتصرت في حربها الباردة إلا إن أفغانستان لم تنتصر ولم تتحرر حتى الأن، والقصة طويلة.
اختفى الاتحاد السوفياتي من خارطة العالم السياسية لكن أمريكا لم تختفي ولم تختفي أدواتها التي تحرص واشنطن على الاحتفاظ بها كما تحتفظ بفيروسات الأمراض والأوبئة التي اختفت من على وجه الأرض وتعيش في مختبراتها العسكرية.
بعد وفاة الاتحاد السوفياتي ظهر التنين الصيني، كعملاق إقتصادي اكتسح العالم.. عملاق تقزمت أمامه أمريكا التي وجدت نفسها عاجزة وغير قادرة على منافسة الصين فقادها كبرياؤها الإقتصادي والعسكري إلى شن حرب إقتصادية ضد التنين الصيني الذي لم يهتز واستمر في المضي بخطى ثابتة في كل أرجاء العالم..
فشلت كل الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ووجدت نفسها عاجزة وغير قادرة على إيقاف جموح وعنفوان التنين الصيني وبعد أن استنفدت كل خياراتها لجأت لإستخدام سلاحها القديم وبدأت تحريك أدواتها وتوجيهها لإستهداف إقتصاد الصين، وها هي أدوات واشنطن تعلن مقاطعة منتجات الصين ومعاقبة الحكومة الصينية بمزاعم انها ترتكب مجاز ضد المسلمين الإيغور، الذين ظلوا يعيشون في سلام طيلة قرون ولم يكن لهم وجود في ذاكرة أدوات واشنطن الذين يدًعون اليوم حماية الإسلام والمسلمين، إلى أن ارتفع سقف الوجع الأمريكي وبدأت واشنطن تتأوه وتخشى مشروع طريق الحرير وسيطرة الصين إقتصاديا على العالم..
كان المسلمون الإيغور يعيشون في سلام لقرون طويلة لكن عودة المجاهدين الإيغور، الذين انضموا لتنظيمي القاعدة وداعش، واستخدمتهم واشنطن لإسقاط وتدمير سوريا وليبيا والعراق، نسفوا كل مبادئ التعايش السلمي في إقليم الإيغور واتجهوا بعد عودتهم- أو بالأصح إعادتهم- إلى الصين لتنفيذ أجندات واشنطن وإثارة الفوضى والدخول في نزاعات مع الحكومة والمجتمع الصيني واختلاق مشاكل المتضرر الأول منها المسلمون الإيغور الذين تستخدمهم واشنطن وأدواتها اليوم كسلاح ضد الصين وسرعان ما سيتحولون إلى ورقة لتحقيق صفقة سياسية وإقتصادية ومن ثم يتم التخلي عنهم، ليدركوا بعد فوات الآوان أن أمريكا والمتأسلمون الجدد وأنظمة قمة كوالالمبور تركوهم ليواجهوا مصيرهم ويعيشوا مأساتهم في صمت وأسى.