وكالة الصحافة اليمنية//
كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، أمس الإثنين، عن هدف دولة الإمارات العربية المتحدة من المشاركة في تحالف الحرب على اليمن، بقوله ” لم يكن إلا من أجل ترسيخ قدم أبوظبي على المضايق الدولية، وكذلك ظهورها عالمياً كقوة عظمى في مجال الطاقة.
وأضاف الموقع “قد يساعد جنوب اليمن، بموقعه الاستراتيجي وبنْيته التحتية الهامة، الإمارات في تحقيق طموحها الإقليمي والظهور على الخريطة العالمية بتأثير أقوى”.
وأشار الى أن سيطرة “الانفصاليين” على مدينة عدن الساحلية آخر تطوُّر بلغته الحرب، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص منذ انطلاق حملة القصف المستمر التي شنتها قوات التحالف، بقيادة السعودية، على اليمن، في مارس من عام 2015. ومع استمرار الحرب الطاحنة، ظلت الإمارات تخالف، وبشكل متزايد، التحالف السعودي من خلال اتباع أجندتها الخاصة، بحسب الموقع البريطاني.
ويضيف “ميدل إيست آي بالقول “بينما كانت الرياض مترددة حيال إرسال قوات برية إلى اليمن، كان لدى أبو ظبي قوات برية منتشرة على نطاق واسع بالبلاد فترة من الزمن. وقد لعب الإماراتيون دوراً رئيسياً في السيطرة على مدينة عدن الساحلية ، كما كانت لهم الريادة في مجابهة الاخوان المسلمين بجنوب اليمن منذ أكثر من عامين. وقد تحملت أبوظبي مسؤولية تدريب عشرات الآلاف من المسلحين اليمنيين في الجنوب، فضلاً عن استيراد المئات من المرتزقة ذوي المهارات العالية من أميركا الجنوبية، للقتال نيابة عنها”.
وفي الواقع، تدير الإمارات شبكة من السجون للتعذيب في جنوب اليمن، حيث يتم إخفاء الآلاف من المشتبه فيهم بممارسة الإرهاب.
وفي توزيع صارم للمهام، تمارس الإمارات التعذيب، فيما تضطلع الولايات المتحدة الأميركية بالتحقيق. وقد أنشأت دولة الإمارات بنْية أمنية موازية في جنوب اليمن، بحيث لا تتفاعل فيها قواتها المحلية إلا مع أبوظبي.
دعونا ننظر إلى حضور الإمارات في اليمن من زاوية أشمل؛ فالإماراتيون يسعون إلى إنشاء هياكل عبور إقليمية في الشرق الأوسط وخارجه، من أجل زيادة توسيع تجارة الوقود الأحفوري إلى أوروبا وأميركا الشمالية، وذلك من خلال التحكم في مراكز التجارة ذات الأهمية الاستراتيجية. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من أن تفرض أبوظبي سيطرتها على الطاقة والبنية الأساسية الأمنية في المنطقة بنسق سريع، مروراً بإريتريا وصوماليا لاند، وصولاً إلى قبرص وبنغازي في ليبيا.
و قد تجلت طموحات أبو ظبي في اليمن من خلال اتباع عدة طرق استراتيجية هامة، مثل السيطرة على جزيرة بريم في مضيق باب المندب، وتحويل جزيرة سقطرى بخليج عدن إلى مستعمرة سياحية وعسكرية تابعة للإمارات ، بالإضافة إلى الجهود تكللت بالنجاح في السيطرة على عدد كبير من موانئ اليمن.
الإماراتيون المحتلون
وبحسب الموقع البريطاني، غالباً ما يُنظر إلى القوات الإماراتية على أنها قوات احتلال. وقد سبق و اتهمها الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بأنها تتصرف كقوة احتلال أكثر من كونها قوة تحرير. فمنذ اندلاع الحرب، كانت الدعوة لتقسيم اليمن إلى شمال وجنوب تحظى برواج كبير. ومع ذلك، شددت أطراف الصراع الرئيسية التزامها بوحدة الأراضي اليمنية، على الأقل في المحافل الرسمية. ولكن منذ أكثر من عام، تكتسب القوى الانفصالية زخماً محلياً، بدعم قوي من أبو ظبي.
إلى ذلك، تسعى الإمارات بشكل طموح إلى تنفيذ مشروع”تقسيم اليمن”، وقد ظهر الخلاف عندما منع الإماراتيون الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي من دخول عدن، في إشارة رمزية لا تُنسى حول تقلُّب موازين القوى في البلاد.
وبعد استثمار المليارات في البنية التحتية وتسليح الميليشيات الانفصالية في جنوب اليمن، تحصد الإمارات الآن محاصيلها الانفصالية. في الحقيقة، يعتبر الإماراتيون الجنوب اليمني محافظة تابعة لهم، أو بالأحرى إمارة ثامنة يمكن أن تمكّن الإمارات، بفضل جغرافيتها الاستراتيجية وقدرتها على توفير البنية التحتية للطاقة، من الصعود كقوة عظمى عالمياً في مجال الطاقة.
سقوط عدن
تمثلت الأداة الرئيسية لأبو ظبي لإسقاط عدن بالـ”المجلس الانتقالي” الذي شُكل في مايو 2017م، وبعد أن تجاهل هادي الإنذار النهائي من قِبل المجلس بفصل رئيس الوزراء أحمد بن دغر، الذي اتهمه بـ”الفساد”، اندلع قتال ضارٍ في عدن الشهر الماضي (يناير2018)، أسفر عن مقتل أكثر من 36 شخصاً وجرح مئات آخرين. وفي نهاية المطاف، سيطر المجلس الانتقالي على العاصمة عدن، بحسب الموقع البريطاني.
على أثر ذلك، رُفعت أعلام الانفصال عند بوابة مدخل القصر الرئاسي. كما تحدث بن دغر عن وجود “انقلاب”، في الوقت الذي أعلن فيه مسؤول رفيع المستوى بالمجلس الانتقالي الجنوبي أنها “انتفاضة”، ستستمر حتى تتم الإطاحة بحكومة هادي.
يذكر أن الإمارات تدعم ” الانتقالي الجنوبي”، من خلال تزويده بالأسلحة والدعم المالي والمشورة العسكرية. ومن المعروف أن رئيس المجلس، وهو المحافظ السابق لعدن عيدروس الزبيدي، الذي يعمل تحت رعاية الإمارات منذ سنوات.
كما تجلى ذلك المركّب العسكري الاستراتيجي بين أبو ظبي و”الانتقالي الجنوبي”، في الهجوم ضد القاعدة العسكرية للحرس الرئاسي التابع لعبد ربه منصور هادي في يناير 2018؛ فبعد أن قصفت المقاتلات الإماراتية القاعدة جوياً وأضعفت القوات الموالية للرئيس المستقيل، تمكن “الانتقالي الجنوبي” من الاستيلاء عليها براً. و تم ذلك بفضل الإمارات ، التي عملت على توفير الغطاء الجوي لقوات المجلس.
السعي وراء أهداف الطاقة
تُظهر الأحداث الأخيرة مرة أخرى أن الإمارات والسعودية تقفان على أطراف معادية في هذه الحرب المعقدة ومتعددة الطبقات. ففي الوقت الذي يدعم فيه السعوديون بحزمٍ الرئيس المستقيل هادي، يدعو مسؤول أمني إماراتي كبير علناً إلى الإطاحة به.
وفي أغسطس 2017، أظهرت رسائل البريد الإلكتروني، الصادرة عن مسؤولَين أميركيَّين رفيعَي المستوى، تسربات إلى موقع “ميدل إيست آي”، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، “يرغب في الانسحاب” من الحرب المكلفة التي بدأها منذ أكثر من عامين في اليمن. ويبدو أن إعادة هادي إلى السلطة هدف صعب المنال، فقد حوَّلت الرياض أنظارها إلى المهمة المحدودة جداً، والمتمثلة في تأمين حدودها الجنوبية ضد الحوثيين، بحسب الموقع البريطاني.
في المقابل، لا يبدو أن أبوظبي مهتمة بشأن “الحوثيين”؛ خاصةً أن قتالهم كان -منذ الوهلة الأولى- ذريعة لترسيخ وجود عسكري في جنوب اليمن. من ناحية أخرى، تتمثل المصلحة الوحيدة للإمارات في السيطرة على 2000 كيلومتر من الساحل اليمني، وهي الدعامة المركزية في مخطط أبوظبي لتصبح قوة عظمى في مجال الطاقة، وهي تسعى نحو هذا الهدف دون هوادة، عوضاً عن التفاوض على الاستخدام المشترك والمشروع للموانئ والاستثمارات في البنية التحتية للطاقة بالبلاد.