وكالة الصحافة اليمنية//
نفد مخزون صالح من المال والسلاح والرجال، لكن مخزونه من الخطابات لم ينفد بعد، فالرجل الذي القى خطاب بعد ساعات من محاولة اغتياله في جامع النهدين وعاد لممارسة شغفه بالخطابة وحب السيطرة على الشاشة قبل أن ينزع الأطباء أيديهم من جسده في أحد مشافي الرياض، لا بد أن يفاجئ جمهوره بالظهور مجدداً على أي من القنوات ولو بعد يوم من مقتله، ولو بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة، ولو بخطاب مسجل.
مؤخراً تم إشعار أنصار الرئيس الاسبق علي عبدالله صالح بأنه تم العثور على خطاب له تم تسجيله قبيل مقتله بيوم أو يومين، ليبدأ أنصار صالح والمؤتمر بتوقيت ساعاتهم اليدوية والبيلوجية على الموعد الذي أعلنته قناة “اليمن اليوم” التي يديرها عادل الشجاع من القاهرة بدعم وتمويل إماراتي.
الخبر الذي نشر على صفحة القناة في الفيسبوك لقي رواجاً كبيراً لدى أنصار ومؤيدي صالح، وسرعان ما تحولت صفحاتهم لإعلانات مجانية للخطاب المسجل الذي لم تحدد القناة موعد بثه، لكنه طال انتظارهم دون أن يظهر زعيمهم على القناة أو على غيرها، لم يظهر صوتاً ولا صورة، ولا حتى منشوراً فيسبوكياً.
خبراء رأوا في إعلان القناة عن امتلاكها خطاب مسجل لم يكن سوى محاولة منها لإجبار مؤيدي ومحبي صالح على ضبط ترددات قناتهم الجديدة التي غيرت تموضعها وعكست رؤيتها الوطنية والسياسية والحزبية، وأن القائمين على القناة التي تبث من القاهرة ربما اضطروا الى بث تلك الاشاعة في محاولة منهم للحصول على مشاهدين للقناة ومتابعين لصفحتها على الفيسبوك لا أكثر.
وقال مراقبون أن القائمين على القناة استخدموا اقصى ما لديهم من الكذب، وأنهم عزفوا على وتر حساس بقولهم ان لديهم خطاب مسجل للرئيس الاسبق، لأنهم يعرفون حجم الانكسار وحالة اليأس التي لحقت بأنصار صالح بعد مقتله في مواجهات ديسمبر الماضي، و قللوا من أهمية تلك الشائعات وتأثيرها على الشارع المؤتمري، خاصة وأن صالح عجز عن تحريك الشارع في أيامه الأخيرة وهو على قيد الحياة، وتساءلوا : ماذا يمكن أن يصنع خطاب مسجل لصالح؟ إذا علمنا بأن صالح قد فشل في آخر خطاب له بالصوت والصورة !
اللافت في القصة التي اختلقتها القناة أنها لبت رغبة متابعيها “إن كان لها متابعين” الذين كان يطل عليهم الرئيس الأسبق بخطاب شبه يومي على أي من الشاشات التي يستطيع التنسيق معها، وبدون تنسيق مع القناة خاصته “اليمن اليوم” حينما كان وهي مقيمان في صنعاء.
وبنفس الحبكة التي اعتمدها الشجاع في وعده ببث الخطاب المسجل، يحبك نبيل الصوفي منشوراته من عدن، حيث أنه لا ينسى أن ينشر يومياً في صفحته على الفيسبوك معلومات يزعم أن الرئيس صالح قالها له في أحاديث جانبية، وكأن صالح لم يكن له إذاعة وقناة وصفحات في الفيسبوك وتويتر، وكأن صالح كان يتواصل مع مناصريه عبر الصوفي فقط.
الخلاصة أن كل من الشجاع والصوفي عرفا كيف يستثمرا صالح بعد رحيله، وكيف يدغدغا مشاعر أسرته وذويه ومناصريه ببعض الاخبار والمعلومات التي دأبا على ربطها به مباشرة، من جهة ليضمنا استمرار تدفق الاموال من أسرة صالح وأقاربه، ومن جهة أخرى يسلخان لنفسيهما جزءاً من الشعبية التي تركها صالح دون خطاب أخير.