خاص//وكالة الصحافة اليمنية//
بالرغم من أن الخلافات بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأنصار الله وصلت نقطة اللاعودة في ديسمبر الماضي، وبالرغم من أن تلك الخلافات أدت الى مقتل صالح على أيدي أنصار الله _ إلا أن المعركة بين الطرفين قبل وبعد ديسمبر تحلت بالكثير من الأخلاق التي تستحق الإشادة بها والتوقف عندها لما لها من آثار حقيقية على المواطن اليمني بشكل عام، ولما تعكسه من أصالة اليمني في السلم والحرب، في الاتفاق وفي الاختلاف.
فمن المعروف عن أنصار الله أنهم لا يستخدمون أساليب الاصلاح في مواجهة خصومهم، بقدر ما يختلفون مع أي طرف من الاطراف بشكل مباشر وبطريقة “وجهاً لوجه” المعروفة لدى اليمنيين كافة، وحتى لو كانوا على خطأ فيحسب لهم أنهم لا يلجئون للدراجات النارية المجهولة والعبوات الناسفة لتصفية خصومهم خلال كل الفترات التي كانوا فيها طرفاً سياسياً وعسكرياً.
وقد أبدى أنصار الله وخاصة النخبة السياسية والاعلامية منهم إلتزاماً أخلاقياً وأدبياً خلال أحداث ديسمبر في نفس الوقت الذي استخدموا فيه كل ما لديهم من قوة لحسم الأحداث لصالحهم، ونتيجة لذلك الالتزام والانضباط بدت المعركة في يومها الأول وكأنها تسير لصالح المؤتمر برئاسة صالح، لكن الأيام الثاني والثالث كشفت عن المنتصر ووضعت حداً لكل الاشاعات التي كانت تضخ من قبل الأطراف الاخرى التي كان لها مصلحة في تأجيج الوضع العسكري وصب الزيت على النار.
مما سبق نود التطرق لنقطة هامة، ألا وهي الاخلاق التي تعتمدها القوى السياسية الثلاث “المؤتمر، أنصار الله، والاصلاح” في إدارة معاركهم السياسية والعسكرية ولماذا هذا الطرف أو ذاك ويخسر البقية.
وإذا راجعنا الطرح الذي اعتمده الاصلاح في خطاباته وتعليقاته على الاحداث التي كان طرفاً فيها أو لم يكن فيها، سنلاحظ أنهم يعتمدون وبشكل مفرط على الإشاعات والكذب المستمر الذي تتبناه أرفع كوادر الحزب، نزولاً الى لغة السخرية الأكثر إفراطاً والتشفي الذي يبعث على الغثيان من قبل قواعد الحزب.
فبعد أيام من مقتل صالح الذي حاولوا في بداية أحداث ديسمبر تأييده والشد على يداه والإشادة بموقفه وإعلان الوقوف الى جانبه والبدء بذكر وسرد بطولاته_ عادوا لنفس لغتهم السابقة والهابطة التي كانت ذروتها خلال ما سمي بـ “الربيع العربي”، لقد عادوا لممارسة الشماتة ووصف صالح بأنه “دجاجة مثلجة” بزعم أن جثته ما تزال في احدى ثلاجات الموتى، وهي نفس اللغة التي استخدموها عقب محاولة اغتياله في 2011م، عندما كانوا يؤكدوا حينها باشاعاتهم أن الرجل أصبح “دجاجة مشوية” وغيرها من المصطلحات التي يترفع عن استخدامها المواطن اليمني ولو مع خصمه أو عدوه.
ولأن تلك اللغة غريبة على المجتمع فإنها كانت ومازالت محل رفض شعبي ورسمي من قبل جميع الاطراف بما فيها مكون أنصار الله، ولقد تم رصد مجموعة من التعليقات لسياسيين وناشطين وشخصيات اجتماعية عبرت عن استنكارها لتلك اللغة الهابطة التي قالوا أنها قبيحة وتعبر عن ضحالة ورداءة الفكر الذي ينتهجه أعضاء حزب الاصلاح.
و قرأنا لأكثر من شخصية مؤتمرية عبرت عن استغرابها للغة حزب الاصلاح، وأشادت بلغة الأنصار الذين لم يشمتوا بصالح لا على مستوى القادة أو القواعد، رغم الوجع الذي أصابها بمقتل صالح، ويستطيع المتابع المحايد استخراج الفرق الكبير بين الأخلاق التي يتحلى بها أنصار الله وتلك التي يعتمدها حزب الاصلاح.
مؤخراً اطلق نشطاء المؤتمر هاشتاق يطالبون فيه مجلس الأمن الدولي برفع العقوبات عن العميد أحمد علي عبدالله صالح، في محاولة منهم للضغط على الأمم المتحدة لإطلاق سراح الرجل الذي وضعته الامارات تحت الاقامة الجبرية منذ سنوات، وهو الأمر الذي لم يعلق عليه أي من قيادات أو كوادر مكون أنصار الله لا سلباً ولا إيجاباً، غير أن قيادات ونشطاء الاصلاح انهالوا بالسخرية من العميد والاشتباك مع نشطاء المؤتمر في فيسبوك وتويتر واطلاق السباب للعميد ووالده وتحميله مسئولية الحروب والفساد وكل صغيرة وكبيرة.
الخلاصة أن اصرار الاصلاح على استخدام اللغة “السوقية” في مواجهة ومحاسبة خصومه مازال مستمر ولن يتوقف الحزب عن اطلاق الألفاظ النابية لوصف الآخر حتى بعد رحيلهم من السلطة أو من الحياة، وهي نفس اللغة التي يستخدمونها لمواجهة أنصار الله منذ بدء المعارك في دماج وحتى اليوم، بمعنى أنهم لا يعرفون متى تبدأ المعركة بالضبط ولا متى تضع الحرب أوزارها، تماماً كما لا يعرفون ما هي الاسلحة المطلوبة لحسم أي معركة أو خلاف سواءً كانت المعركة سياسية أو عسكرية.