خاص//وكالة الصحافة اليمنية//
في الـ 21 من فبراير 2012م خضع اليمنيين لإرادة الدول الخارجية التي مولت الفوضى ودعمت ومولت وبثت مشاهدها عبر شبكة واسعة من القنوات الفضائية، ليعيش فصلاً جديداً من فصول المؤامرة والتدخلات المباشرة في شئونه الداخلية.
مرت 6 سنوات على انتخاب عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية اليمنية، بعد ثورة شبابية ومطالبات شعبية بتغيير النظام، صعد هادي من منصبه “الفاضي” الذي ظل فيه 18 عاماً كنائب رئيس للجمهورية، الى أعلى منصب في سياسي في البلاد، ليشهد العالم بعد ذلك اليوم تغييرات لم تكن في حسبان اليمنيين.
ست سنوات قضى منها هادي ثلاث في صنعاء، وثلاث في الرياض، في الثلاث سنوات الأولى ظل هادي في صنعاء كرئيس للجمهورية اليمنية باتفاق جميع الاطراف السياسية التي اشتبكت سياسياً وأمنياً في ربيع 2011م، وبالرغم من انتخابه كرئيس توافقي لجميع الفرقاء وفوزه من لحظة الاتفاق، إلا أنه ظل يمارس السلطة من منزله وكأنه لم يزل نائباً لرئيس الجمهورية.
ولأن الرجل صعد بناءً على اتفاقات سياسية داخلية وخارجية فقد ظل بعيداً عن الشعب وأكثر بعداً عن قضاياه وشئونه، غير أنه بقي على اتصال دائم مع قيادات وزعامات الاحزاب التي أوصلته للسلطة، وعلى اتصالاً ساحناً ومباشراً مع سفراء الدول العشر الذين حرصوا على وصوله للسلطة ومهدوا كل الطرق لذلك الغرض.
ثلاث سنوات في صنعاء قضى عام منها نائماً في منزله بشارع الستين، وعام في إدارة الـ “حَوَار” الوطني الشامل الذي ابتكرته الاستخبارات الغربية والخليجية لتقسيم وتجزئة اليمن وتفكيك جيشه وتدمير اقتصاده وتغيير مناهجه وقوانينه ودستوره.
بعد مرور ست سنوات على انتخاب هادي يتذكر اليمنيون ذلك اليوم فقط ليلعنوا أنفسهم ويسبون أصابهم التي “بصمت” أو وقعت على انتخابه، يتذكرون ذلك اليوم فقط لكي يلعنوا “الربيع العربي” والأحزاب السياسية اليمنية التي أجبرتهم على اختياره، يتذكرون ذلك اليوم ليعلنوا التوبة الى الله ورسوله مما فعلت أيديهم التي منحت الثقة لمن لا يستحقها ولا يؤتمن على عليها.
ذكرى انتخاب هادي، هي الذكرى التي يريد اليمنيين تغييرها أو التراجع عن المشاركة فيها، كونها تذكرهم بحجم الخطأ الذي اقترفوه بتأييدهم لذلك الرجل الذي تغير من نائب رئيس جمهورية الى “نائم رئيس جمهورية”، لتقتل البلاد بعدها وتقطع أشلاء العباد بطائرات آل سعود حتى وهم نائمون.
لم يجد هادي بعد مرور سنتين من حكمه وعام إضافي سمي بالـ “التمديد” له مكاناً في صنعاء فغادرها في الـ 21 من فبراير 2015م، بعد أن غادرها سفراء الدول العشر، كونه في حكمه ارتبط بهم مباشرة ولم يرتبط بقواعد شعبية كما كان يفترض، غادر صنعاء دون أن يحزم أمتعته وأغراضه، لأنه في الواقع لم يكن له أي أدوات حكم أو ملابس شعبية أو رسمية، كما لم يكن له أي تأييد شعبي، ففر هارباً بشكل سري من صنعاء الى عدن ومنها الى الرياض.
لم تمر أسابيع من مغادرة السفراء حتى وصل هادي الى الرياض فاراً من عدن التي سيطر عليها الجيش اليمني وحرروا في حرب واسعة ثمان محافظات من تنظيم القاعدة الذي احتمى به هادي وحاول مؤسسته ضمن وزارة الدفاع اليمنية ، لتعلن بعدها أمريكا والسعودية إنقاذ هادي وشرعيته المزعومة ، وتدشن عدوانا بربريا وغاشماً مباغتاً استهدف اليمن بشرا وحجراً وبكل وحشية وبمساندة مباشرة من أمريكا واسرائيل وعدد من الدويلات العربية الدائرة في فلك السعودية. ليحققوا بتلك الذريعة الهدف الأهم لأمريكا والمتمثل في حماية تنظيم القاعدة واعادة توزيع معسكراته ومكاثرتها في مختلف المحافظات الجنوبية لتتجلى امام الرأي العام المحلي والدولي حقيقة الدعم الامريكي لهذا التنظيم الاجرامي الذي ترعرع في احضان الـ CIA وخدم المشروع الأمريكي في مختلف بلدان العالم.
ومرت ثلاث سنوات أخرى لهادي وهو قابعاً في فندق بالعاصمة السعودية الرياض، ثلاث سنوات أخرى قضاها هادي بين النوم العميق واليقظة المؤقتة التي لا يصنع فيها شيئاً سوى التوقيع والموافقة على قرارات تعيين الوزراء والسفراء والمحافظين الذين لا يمثلون في الواقع اليمني أي ثقل سياسي أو شعبي، وقد يكون ثقل الأوراق التي وجه هادي فيها بتعيينهم أكبر من ثقلهم على أرض الواقع، بمعنى أن هادي استهلك خلال الثلاث سنوات الأخيرة في الرياض كمية كبيرة من الورق، أكبر من تلك التي استهلكها خلال الثلاث السنوات السابة في صنعاء وفندق موفمبيك.
مازال هادي يظن أنه رقماً مهماً في المعادلات السياسية بالرغم من أن دول وشعوب العالم باتت تعرف بأن كرته قد حرق منذ وقت مبكر، لقد تلقى بمناسبة مرور 6 سنوات على انتخابه برقية تهنئة وحيدة ويتيمة، لو قرأها بتمعن وهو مستيقظ تماماً لوضع حداً للمهزلة التي يعيشهاـ ولما غادر السلطة فقط، بل لغادر الفندق الذي يعيش فيه أسيراً ولغادر الرياض التي لا تحترم أي مواطن يمني مهما عظم شأنه أو ارتفع مقامه _ كانت التهنئة اليتيمة التي حصل عليها هادي من علي محسن الأحمر، قائد الجناح العسكري لحزب الاصلاح.