تقرير//عبدالكريم مطهر مفضل//وكالة الصحافة اليمنية//
وجه فيروس كورونا ضربة كبيرة للاقتصاد الإماراتي المتهالك، بفعل أزمة انخفاض أسعار النفط، ومشاركة حكام أبوظبي في الحروب الخارجية على اليمن وليبيا، والتي كلفتها المليارات من الدولارات، الأمر الذي وضع اقتصادها “على كف عفريت”، وأوصلها إلى مأزق أكثر فداحة من مأزق الأزمة التي حدثت في 2008.
ويرى خبراء الاقتصاد بأن تداعيات الفيروس على اقتصاد الإمارات سيكون كبيراً، خاصة وأن البلاد تواجه بالفعل صعوبات اقتصادية عدة.
وكشفت مذكرة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) الجمعة الماضية، بأن الإمارات ثالث أكبر دولة عربية خسرت من تداعيات الاحترازات الصينية بخفض الإنتاج.
وقالت رئيسة قسم التجارة الدولية والسلع التابعة لـ “الأونكتاد”، باميلا كوك هاميلتون، إن خسائر الإمارات من تدابير احتواء الفيروس في الصين بخفض إنتاجها، بلغت 150 مليون دولار، خلال الشهر الماضي.
وقالت مؤسسة “كابيتال ايكونوميكس” المالية الاستشارية ومقرها لندن، إن اقتصاد الإمارات يعد الأكثر عرضة لمخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد في ظل توقعات بأنه سيعمق المصاعب الاقتصادية في الخليج.
وأشارت المؤسسة إلى أن “اقتصاد الإمارات هو الأضعف وتهدد التداعيات بإثارة مخاوف متعلقة بديون دبي”.
خسائر فادحة لقطاع السياحة والنفط والبورصة
والإمارات بصفتها وجهة سياحية كبيرة في الشرق الأوسط فإن حظر السفر للبلدان المصابة بالفيروس، سيضرب اقتصاد الدولة ويؤثر على عمل الفنادق والمطارات والأعمال التجارية.
وأثار الهلع الذي تسبب به الفيروس، بشكل كبير على السياحة في الإمارات، خاصة أن السياح الصينيين يشكلون نسبة كبيرة من عملاء شركات السياحة الإماراتية.
وتعتبر الصين واحدة من أكبر 10 أسواق مصدرة للزوار إلى الإمارات، حيث يستفيد عدد متزايد من الزوار الصينيين من إجراءات الحصول على تأشيرات دخول عند الوصول لأي من منافذ الإمارات.
وبلغ عدد الزوار إلى دبي خلال الربع الأول من 2019 نحو 4.7 ملايين زائر، من بينهم 292 ألف زائر من الصين، بزيادة 13% مقارنة مع الفترة ذاتها من 2018م. وبلغ عدد الزوار الصينيين إلى أبوظبي 433 ألف سائح في الأشهر الخمسة الأولى من 2019م.
وتأثرت كثيراً شركات الطيران في الإمارات حيث أعلنت شركة طيران الاتحاد الإماراتية الحكومية، الخميس الماضي، إنها تلقت خسائر فادحة، خلال الأربع السنوات الماضية بلغت أكثر من 2،950 مليار دولار.
كما أعلنت شركة طيران الإمارات، الثلاثاء الماضي، منح العاملين فيها فرصة إجازة مدفوعة الأجر وغير مدفوعة الأجر، لمدة شهر، جراء انتشار فيروس كورونا وتأثيره على رحلات الطيران حول العالم.
وفي النفط فمن المتوقع “حسب وكالة الطاقة الدولية” في فبراير الماضي أن ينكمش الطلب بمقدار 435 ألف برميل يومياً في الربع الأول من العام الحالي 2020، وهو أول انخفاض فصلي للإمارات منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وتلقت البوصة الإماراتية خسائر فادحة خلال الأسبوع الماضي، حيث تراجع مؤشر بورصة دبي بنحو 2% ليصل إلى أدنى مستوياته منذ يوليو 2019، وهوى سهم إعمار العقارية بنسبة 2.7%. وتراجع سهم بنك دبي الإسلامي بنسبة 2.1%.
كما هبط مؤشر بورصة أبوظبي 2.8 %، إذ هوى سهم بنك أبوظبي الأول 5% ليبلغ أدنى مستوياته منذ يوليو 2018. وجرى تداول سهم أكبر بنوك الإمارات دون الحق في توزيع الأرباح، وتراجع سهم بنك أبوظبي التجاري 2.8 %.
شركات وبنوك على حافة الإفلاس
دفع هذا الواقع السيء للاقتصاد في الإمارات إلى إعلان مصرف الإمارات المركزي سيعيد تقييم توقعات نمو الاقتصاد الإماراتي خلال 2020، في ظل التأثيرات السلبية لفيروس “كورونا” (حسب ماجدة قنديل، رئيسة دائرة البحوث الاقتصادية في المصرف المركزي الإماراتي).
وقالت قنديل، إن النمو في الإمارات خلال 2020 سيشهد بعض التأثير لضعف النمو العالمي بسبب فيروس كورونا.
وكان المركزي الإماراتي قد وجه المؤسسات المصرفية والمالية بإعادة جدولة القروض، ومنح تأجيلات مؤقتة على دفعات القروض الشهرية، وخفض الرسوم والعمولات للعملاء المتأثرين بتداعيات الفيروس. كما وجه جميع البنوك وشركات التمويل بمراجعة وتحديث خطط استمرارية الأعمال الخاصة بها، بهدف ضمان جاهزية القطاع المالي للإمارات لأي تصاعد محتمل لفيروس كورونا.
كما أعلن بنك دبي الإسلامي، أكبر بنك إسلامي في الإمارات، الأحد الماضي، بأنه كلف بنوكا لترتيب إصدار الصكوك الشهر الماضي، كخطوة لإعلان إفلاسه.
وأعلنت أيضاً شركة “ان.ام.سي هِلث” لإدارة المستشفيات ومقرها الإمارات أنها ستطلب من دائنيها تعليقا غير رسمي لسداد الدَين، في حين أكدت تعيين مستشارا ماليا للمساعدة في محادثات مع البنوك.
وفقدت أسهم شركة الرعاية الصحية أكثر من نصف قيمتها منذ ديسمبر 2019، حين شكَّكت “مَضي ووترز” الأمريكية للبيع على المكشوف في بياناتها المالية.
الأزمة الاقتصادية تدفع الإمارات البحث عن قروض
تعاني البنوك والشركات الكبرى في الإمارات حالة ركود ضخمة دفعت العديد منها لإعلان الإفلاس، وذلك بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد منذ سنوات وزادت تداعياتها مؤخراً انتشار فيروس كورونا المستجد.
وكشفت وكالة “رويترز”، في 28 فبراير الماضي، عن مصادر حكومية، أن حكومة أبوظبي تجري محادثات مع بنوك بشأن قرض بقيمة ملياري دولار، في تحرك من شأنه أن يسمح للإمارة الغنية بالنفط باستغلال مصادر جديدة للسيولة في مرحلة تتسم بانخفاض أسعار الخام
وكانت أبوظبي قد باعت أحدث سنداتها الدولية في سبتمبر 2019، لتجمع 10 مليارات دولار لاستخدامها في أغراض الميزانية وتستقطب طلبات بنحو 20 مليار دولار.
إلغاء الفعاليات والمؤتمرات يفاقم الأزمة
ويهدد إلغاء أو تأجيل دول الخليج سلسلة من المؤتمرات والفعاليات بسبب مخاوف من فيروس كورونا المستجد، بتعميق الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها هذه الدول بفعل تراجع أسعار النفط.
ويهدد انتشار فيروس كورونا المستجد في الإمارات بتوجيه ضربة قاضية لمعرض إكسبو الدولي المقرر أكتوبر المقبل، وذلك في ظل موجة حملات مستمرة لمقاطعة الحدث احتجاجا على السجل الحقوقي الأسود لأبوظبي، وتخوفاً من إنتشار الفيروس.
وأثار تصاعد انتشار الفيروس مخاوف منظمي معرض “إكسبو” الدولي، حول مصير تنظيم المعرض في دبي في الوقت الذي تصاعدت فيه تحذيرات مؤسسات مالية دولية من إمكانية تضرر قطاع الضيافة بشدة في الإمارة خلال الفترة المقبلة.
وبالمقابل هاجم الإعلام الإماراتي، الإثنين الماضي، الإعلام الغربي بشأن الأخبار المتداولة حول إلغاء إقامة معرض (إكسبو 2020 دبي) بسبب انتشار فيروس كورونا في الإمارات.
وقال الصحفي الإماراتي سامي الريامي “الإعلامي المحسوب على ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد”، في مقال نشرته، صحيفة “الإمارات اليوم” مع كل أزمة عالمية، يظهر الإعلام الغربي بأبشع صوره، وأسوأ أشكاله، مندفعاً بدافع الخبث والحقد اللذين يضمرهما تجاهنا، فيتعمّد تكثيف الأخبار بصورة سلبية مقيتة”.
وكانت الإمارات تعلق آملاً كبيرة على المعرض في كسب أسواق جديدة وتعويض النفقات على التحضيرات لاستضافة المعرض الدولي.