المصدر الأول لاخبار اليمن

“استطلاع خاص”: إصلاح القضاء يبدأ من المعهد العالي

ـ يجب إعداد القضاة إعدادا شرعيا وعلميا وقانونيا، بما يتناسب مع المهام الموكلة إليهم في النيابات والمحاكم.
ـ تحقيق الثقافة القانونية المجتمعية من خلال استحداث مادة لطلاب الثانوية العامة.

استطلاع: محمد العلوي : وكالة الصحافة اليمنية 

إصلاح القضاء ضرورة ملحة ، يبدأ من المعهد العالي للقضاء ..حيث تمثل جودة مخرجات المعهد لبنة اساسية في النهوض بحال أهم سلطة في البلد، والتي هي أساس العدل.

كما ان تفعيل التفتيش القضائي الميداني ومحاسبة القضاة المقصرين في مهامهم مسألة تتطلب نوايا صادقة ومسئولة.

وبالرغم من أن تغيرات طالت ” القضاء اليمني” ، إلا أن إصلاح القضاء لم يظهر جليا بهيبته التي يريدها أبناء المجتمع.

فما زالت ملفات وقضايا الكثير من المواطنين منظورة أمام المحاكم وترحل من عام لآخر ، تشكوا المماطلة والتطويل في الإجراءات.

“وكالة الصحافة اليمنية” حملت ملف القضاء ووضعته على طاولة قضاة ومختصين ومسئولين، وخرجت بالحصيلة التالية:

معايير وشروط

القاضي عبدالكريم النعماني ـ رئيس محكمة الاستئناف محافظة ذمار ـ يؤكد أن اصلاح القضاء يبدأ من باب المعهد العالي للقضاء والذي يعد الخطوة الأولى في البناء القضائي المؤسسي الصحيح، وذلك بوضع أنظمة ومعايير ومواصفات شخصية تعني بالطالب نفسه وحسن اختياره، ووضع آلية صحيحة في كيفية القبول والعناية، بالإضافة إلى تحديث المناهج في المعهد بشكل خاص، والمناهج التعليمية والتربوية بكل عام.

التفتيش القضائي

فيما يقول القاضي محمد بن علي داديه ـ عضو جمعية علماء اليمن” أن بداية إصلاح القضاء يبدأ من إعداد القضاة إعدادا شرعيا وعلميا وقانونيا، وبما يتناسب مع المهام الموكلة إليهم في مختلف النيابات والمحاكم”، مشيرا إلى ما يصاحب ذلك الإعداد الإيماني والخشية ومراقبة الله، ليكونوا أهلا لإقامة العدل وأداء الأمانة، وتدريب القضاة وتأهيلهم بشكل مستمر ودائم.

كما يجب إعادة النظر في بعض القوانين التي لابد أن تواكب الواقع وتطويرها في ضوء التقارير الميدانية والبحوث العلمية، واستحداث محاكم جديدة.

والأهم من ذلك كله الاهتمام بتنفيذ الأحكام، إلى جانب تفعيل دور ومهام التفتيش القضائي، واختيار العاملين فيه من ذوي الكفاءات والنزاهة والتقوى، بما يخدم سرعة البت في قضايا المواطنين والمستضعفين، مؤكدا على ضرورة احترام مبدأ استقلالية القضاء وإبعاده عن السياسة والحزبية أمر في غاية الأهمية.

قلة القضاة

القضاء منظومة متكاملة يبدأ من القاضي وينتهي بالحارس ” الشرطة القضائية” ولذلك لابد أن يتم تعيين القضاة المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة العلمية والشرعية والقانونية”، هذا ما أكد عليه المحامي صالح مذكور ـ رئيس منتدى التآزر الإنساني ـ  وفي سياق تناوله أوضح  أن قلة عدد القضاة لم يكن كافيا في عموم مديريات المحافظة، وان هناك أزمة حقيقية في عدد القضاة، الذين يغرقون بقضايا المواطنين، يؤدي إلى تراكم القضايا، وتكون موعد انعقاد الجلسات متأخرة جدا وينتج عنها اصدار احكام ضعيفة وأحيانا مجحفة، لأن القاضي لا يتمكن من دراسة ملف القضية كما يجب، وذلك لكثرة القضايا المحجوزة لديه وزحمة المتخاصمين.

التدريب والتأهيل

وشدد المحامي صالح مذكور على ضرورة توسيع وتفعيل الشرطة القضائية من أجل احضار الخصوم والأهم في تنفيذ قرارات وأحكام القضاء ليكون له هيبته عند الآخرين.

ويتفق المحامي مذكور، مع ما طرحه القاضي داديه، بضرورة اخضاع القضاة والإداريين في المحاكم والقضاء للتدريب والتأهيل المستمر وتحديث المعلومات لديهم لأن الأغلب منهم يعيش الجمود ولسنوات، بالإضافة إلى ان يكون الموظف مؤهل علميا ومن ذوي التخصص والكفاءة والإخلاص والأخلاق الوظيفية، من أجل إنجاح المهام القضائية لتحقيق الهدف العام وهو العدل بين الناس.

إلا انه طرح مشكلة تواجه القضاء وقد تكون أحد الأسباب الجوهرية، وهي ان العاملون في مجال المحاماة يسهمون وإلى حد كبير في عرقلة وتأخير قضايا المواطنين وإطالتها، وبحسب ما يراه المحامي مذكور للأساليب في الردود والتعقيبات التي لم يكن لها أي داعي لإطالتها في كثير من الإجراءات والعمل على تمييع قضايا المواطنين، وهذه الأساليب تعمل على تتويه القضاء والقضايا وتدخلها في متاهة بعيدة.

شخصية القاضي

وأوضح القاضي محمد بن إسماعيل عبد القادر – رئيس محكمة استئناف أمانة العاصمة لـ ” وكالة الصحافة اليمنية” أن إصلاح القضاء يبدأ من اختيار القاضي، وتحديداً من المعهد العالي للقضاء في تخريج الكوادر القضائية النوعية وفقاً لمتطلبات المرحلة الراهنة والقادمة، ويتفق مع ما تناوله القاضي النعماني في هذا السياق، بالإضافة إلى الإعداد والتدريب والتأهيل واختيار قضاة ممن يتمتعون بالكفاءة والنزاهة في تولي القضاء.

والتدريب بالتأكيد يسهم في بناء شخصية القاضي وتنمية وتنوع مهاراته وأساليبه المختلفة، لاسيما وهو يتعامل مع العديد من الشخصيات والفئات الاجتماعية وفي قضايا مختلفة ومتعددة، مشدداً على أهمية وضرورة تفعيل دور التفتيش القضائي الميداني، وذلك لمعرفة أوجه القصور وكشفها لدى القضاة والمحاكم نفسها.

وأرجع  أسباب تعثر القضايا منها تعود للخصوم، ومنها راجعة لقانون المرافعات، واستغلال بعض نصوص القانون في تأخير القضايا، ومنها تعود للقاضي وللمحاكم نفسها والمتمثلة في ازدحام القضايا في المحاكم الرئيسية.

ولكن الشيء المهم والأبرز هو تأخير وعدم إيصال المضبوطات من قبل أعضاء النيابة للمحاكم، وبأعذار متعددة، من أبرز أوجه القصور في إعاقة القضايا الجزائية، وحينها يضطر القاضي تأجيل الكثير من محاكمة القضايا ولعدة جلسات لافتا أن قضايا الأراضي والعقارات تعد من أبرز القضايا التي تتصدر المشهد القضائي وأكثرها تعقيداً في محكمة استئناف أمانة العاصمة.

 

تفعيل القوانين

فيما يطرح القاضي محمد محمد غمضان ـ عضو رابطة العلماء ـ عضو الرابطة الشعبية لحكما وعقلاء اليمن ـ بأن الدول لا تبنى الدول الا بالعدل، ولهذا فإن إصلاح القضاء يبدأ من إعادة هيكلة القضاء واختيار القضاة والنظر الي القضايا الموجودة والعمل على حلها، مضيفا إلى أن تنفيذ الاحكام النافذة والمنتهية قضائيا.

يجب ان يكون رقابة كاملة واختيار القضاة من اهم ما يجب، أن يكون القضاء له السلطة على كافة سلطات الدولة وان تفعل النيابات في كل الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية.  أساس الحكم أبرز المشاكل التي أوصلت القضاء إلى هذا الحال هو فساد أخلاقي في القضاء.

ولذلك لابد من النظر في إعادة قانون الترافع عند إصدار أمر قهري ولابد أن يكون هناك تنفيذ وتفعيل القوانين، بعض القضايا لا تحتاج إلى أيام، ولكن تطال وتتأخر لسنوات، وكلما طالت اعطى القاضي فرصة للتعقيد والمغالطة والتزوير.

اختيار الكفاءة

كما يتفق القاضي محمد أحمد فاضل -عضو هيئة التفتيش القضائي مع ما طرحه القاضي عبدالكريم النعماني – بأن إصلاح القضاء يبدأ من بداية الالتحاق بالقضاء عبر معهد القضاء الذي يجب أن يتم الاختيار وفقاً لشروط الكفاءة حسب لائحة المعهد الذي يعد الأساس واللبنة الأولى من حيث المخرجات في نجاح القضاء.

ويجب أن يخضع خريجو معهد القضاء لثلاث سنوات في التدريب حسب القانون، ولا يرقى لمرتبة قاضي إلا إذا ثبت النزاهة لتولي القضاء، وإلا يعاد تدريسهم مرة أخرى، مع الاهتمام بأوضاع القضاة وتوفير متطلبات المحاكم من حيث الكادر المتخصص والتجهيزات وغيرها.

المعهد العالي للقضاء

حاولنا زيارة المعهد العالي للقضاء، كونه يعد البوابة الأولى في بناء شخصية القاضي، وفق المعايير والمواصفات التي يجب توافرها فيمن سيتولى قضاء البلد.

تكررت زيارتنا أكثر من مره للمعهد العالي للقضاء، وبسبب الإجازة الدراسية في المعهد لم نجد المسؤول الأول ولم يتم الرد على الهاتف، وتواصلنا المتعدد مع مدير مكتب العميد، الا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وجاء الرد النهائي بان عميد المعهد لا يصرح لأي وسيلة إعلامية، وأن من يريد أخذ أي تصريح صحفي، عليه الذهاب لوزارة العدل.

دور المعهد العالي للقضاء جوهري في ضعف القضاء العائد لضعف المخرجات الذي لا تستجيب للواقع القضائي، فالقضاء قيم وأخلاق في سبيل تحقيق العدل.

والتدريب والتأهيل الذي يجب أن يشرف عليها المعهد، بعد تخرج القضاة.

على طاولة السلطات

في نهاية هذا الاستطلاع نضع بين يدي وزارتي العدل والتربية والتعليم، العمل على تحقيق الثقافة القانونية بين أبناء المجتمع، وذلك عبر استحداث مادة ” ثقافة قانونية” على أن يتم تدريسها لطلاب الثانوية بمراحلها الثلاث، والذي بالتأكيد ستخلق جيلاً يحترم القانون، ويحرص على تطبيقه إذا أردنا الاتجاه نحو دولة العدل وتطبيق القانون وفق الشريعة الإسلامية السمحاء، لابد أن تكون الثقافة القانونية هي المدخل نحو الالتزام المجتمعي بتطبيق الأنظمة والقوانين، فتقدم الدول والبلدان وتطورها وعدم تفشي الفساد فيها، يعود لتطبيق الأنظمة والقوانين وبصرامة، وإدراك الشعوب وتطويعهم تحت سلطة القانون.

قد يعجبك ايضا