تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية//
أثارت حرب أسعار النفط التي أشعلتها السعودية مع رفيقتها العملاقة في تصدير النفط، روسيا، حيرةَ وارتباك حلفاء المملكة الخليجيين، فحربٌ كهذه ستفضي إلى تحطيم دفاعاتهم المالية على نحو مفاجئ، في وقتٍ هم في أمسّ الحاجة إليها لمواجهة الانتشار الوبائي لفيروس كورونا.
على الرغم من أن دولاً خليجية مثل الإمارات والكويت، إلى جانب جيرانهما الأصغر، تريد العودة إلى المحادثات مع بقية الدول المشاركة في تحالف “أوبك بلس”، فإن الأطراف الرئيسة للأزمة -وعلى رأسهم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان- ماضون في تعميقها، وفق تقرير وكالة Bloomberg الأمريكية.
في وقتٍ أفضى فيه انتشار الجائحة إلى إغلاق أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي، يسهم ذلك الوضع في مزيد من الانخفاض لأسعار النفط، ليصل إلى أقل من 10 دولارات للبرميل الخام، وهو ما يقلص بشدة من فوائض الاحتياطيات النقدية لاقتصادات الخليج التي ما تزال تصارع من أجل التعافي من آثار الانخفاض الأخير بأسعار النفط في عام 2014.
ثلاثة مسؤولين لديهم معرفة عميقة بسياسة النفط في المنطقة، بالإضافة إلى مطَّلعين على خبايا الصناعة، جميعهم قالوا إن القرار الذي اتخذته السعودية في وقت مبكر من هذا الشهر، والذي يقضي بخفض الأسعار ورفع الإنتاج، مدفوع برغبة السعودية وحدها ومثير لقلق شركائها الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على موافقة أوضاعهم، ودفع المسألة جانباً للتركيز على المشكلات الأفدح التي تسبب بها انتشار الفيروس.
مع ذلك، كلما استمرت المواجهة بين السعودية وروسيا، ازدادت القيود التي تفرضها على مساعي السياسة الخارجية الأوسع للخليج، والتي يأتي الالتفات عنها بأثمانه الخاصة، والباهظة في أحيان كثيرة. فقد عملت السعودية وجيرانها العرب معاً، وبدفعٍ من واشنطن، على تشكيل استراتيجيات وثيقة ومترابطة ترمي إلى احتواء دولة أخرى من دول الأوبك، هي إيران.
آثار تدميرية على منتجين خليجيين
تصف باربرا ليف، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الإمارات، الخلاف الجاري بأن له آثاراً بالغة التدمير على منتجين خليجيين آخرين، وتقول إنها كانت “خطوة اتخذتها السعودية أولاً، واتخذتها وحدها. ورغم أن الإماراتيين اصطفوا إلى جانب الرياض وأبدوا دعمهم، فإني لا أتصور أنهم بأي شكل يعتقدون أن حرب أسعارٍ مفتوحة مع موسكو قد تكون أفضل مسار للعمل”.
دعم الإمارات للسعودية في موقفها
تشعر الإمارات، التي لطالما افتخرت بكونها مورِّداً ثابتاً وقابلاً للتوقع، بالقلق على نحو خاص حيال الاضطراب الذي أحدثته حرب الأسعار في السوق، إلا أنها تميل إلى الامتناع عن بث خلافها مع الشريك الأكبر في العلن. وتعليقاً على ذلك، يقول دبلوماسي مقيم في أبوظبي، إن الإمارات لن تحيد عن شراكتها في مجال الطاقة مع السعودية. ومع ذلك، أبدى وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، نبرةً أكثر تصالحية من السعودية بعد انهيار محادثات النفط في فيينا.
حيث قال في 6 مارس/آذار: “نأمل أن يستغرق أصدقاؤنا من روسيا مزيداً من الوقت للتفكير في الأمر، وربما العودة والالتقاء مرة أخرى في أي وقت، يمكننا التقاؤهم في أي وقت”.
عقب الاجتماع مباشرةً، عملت أبوظبي بجدٍّ خلف الكواليس لسد الفجوة بين الرياض وموسكو واستعادة الاستقرار، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وتقول ليف إن الإمارات “ضاعفت جهودها لمحاولة إعادة الجميع إلى طاولة المفاوضات”. لكن حتى الآن، ليس هناك الكثير مما قد يشير إلى أن تلك الضغوط ستأتي أكلها في وقت قريب.
في ظل الحكم الفعلي للأمير محمد، تقول السعودية إنها مرتاحة لسعر يبلغ 30 دولاراً للبرميل، ملمحةً إلى أنها ستسعى إلى مضاعفة حجم الخسائر المالية التي يعانيها الكرملين، وذلك على الرغم من أنها اضطرت بالفعل إلى خفض الإنفاق المخطط لهذا العام بمقدار 13 مليار دولار. هذا الاتجاه يعزز الشكوك القائمة في سوق النفط من أن المملكة قد شرعت في سياسةٍ ترمي إلى إضعاف المنافسين هيكلياً، في وقتٍ تفرض الأزمة المناخية فيه إحداث ثورة بمجال الطاقة.
كانت روسيا والسعودية مهندستي اتفاق التعاون الذي جرى التوصل إليه في عام 2016 لإنهاء تراجع أسعار النفط، وحقق نجاحاً مبدئياً. مع مرور الوقت، أصبح التحالف غير متوازن على نحو متزايد، فقد تحمل السعوديون حصةً أكبر من تقييد الإنتاج، في حين خرقت روسيا التزاماتها. بلغت التوترات ذروتها عندما رفضت موسكو الطلبات السعودية بخفضٍ أكبر في الإنتاج لدعم أسعار النفط خلال الجائحة التي يعاني آثارها العالم.
الخليجيون يريدون مفاوضات جديدةً خلاف السعودية
لم يُتح للمسؤولين الحكوميين في الإمارات والكويت الإدلاء فوراً بتعليقات علنية بخصوص هذا الموضوع. وبعد ذلك، كتب وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، في تغريدة على موقع تويتر، أن بلاده تعتقد أن “اتفاقاً جديداً أمر ضروري للوصول إلى سوق متوازن وأقل تقلباً”.
تحتاج كل من الإمارات والكويت إلى سعر نفط يبلغ 70 دولاراً و54.7 دولار للبرميل على التوالي، لموازنة النفقات في الميزانية، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي. وكشفت الإمارات عن حزمة تحفيزٍ بلغت نحو 34 مليار دولار؛ لمواجهة التأثيرات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا، ومع ذلك فإن وضعها كمصدّر رئيس للنفط ومركز للتجارة والسفر عالمياً يعني أن اقتصادها معرَّضٌ على نحو خاص لمعاناة الآثار الناجمة عن اضطرابات الخطوط الجوية وحركة الشحن. ومن المتوقع ألا يزيد معدل النمو في القطاع غير النفطي لعام 2019 على نسبة 1.1 % مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ فيه 1.3 %، وكانت المخاوف قد انتشرت بالفعل من أن المعروض من السلع في مراكز التسوق وبقطاع العقارات في دبي بات يفوق الطلب.