لم تفلح كل منشورات التخويف من كورونا في اقناع اليمنيين بالتخفيف من التجمعات، وبمجرد اقتراب شهر رمضان، اكتظت الأسواق في العاصمة صنعاء، كما جرت العادة، حيث يعتبر قدوم شهر رمضان عند اليمنيين، موسم للتسوق، لا يمكن أن يوقفها “كورونا”، أو الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الناس بسبب الحرب والحصار.
وبالتزامن مع عودة الناس للاندفاع باتجاه الأسواق، وما يحدث من ازدحام شديد، يلاحظ الكثير من المواطنين، أن اجراءات السلامة الخاصة بمواجهة “كورونا” لم تعد تمارس بنفس الطريقة التي كانت عليها منذ قرار اللجنة الوزارية العليا في 14 مارس المنصرم.
وبمقابل استخفاف المواطنين بالوباء، لابد أن تتخذ السلطات اجراءات أكثر صرامة، في التعامل مع الموقف، وعدم السماح بإظهار اللامبالاة تجاه الوضع الخطر.
في حين يرى البعض أن التراخي المتبادل بين المواطن والسلطات قد يؤدي إلى حدوث كارثة وخيمة، سيكون وقعها في اليمن، أكبر من كل ماعرفته دول العالم بحسب توصيف وزير الصحة في حكومة صنعاء امام البرلمان في السادس من ابريل الجاري.
القليل من الحريات مقابل السلامة للجميع
من المعروف أن ديمقراطيات عريقة في اوروبا الغربية، ضربت بنظريات الحريات عرض الحائط، وشرعت في تنفيذ جملة من الاجراءات الاجبارية مثل حظر التجوال، ومنع التجمعات لأي سبب، إلا أن السلطات في اليمن، تبدو أكثر تسامحاً مع المواطنين على عكس باقي دول العالم.
تأخذ تحديات كورونا في اليمن، وضعاً مختلفاً، فمنذ أن بدأت حكومة الانقاذ في صنعاء باتخاذ التدابير الرامية، إلى منع حدوث أي اصابة في اليمن، عملت دول التحالف، وعلى رأسها السعودية، بكل مالديها من امكانيات على محاولة إدخال الفيروس إلى اليمن، حيث ارتفعت اعداد المزفرين اليمنيين من المملكة إلى اليمن، بشكل غير مسبوق، ولا يكاد يمر يوم دون ان تعلن السلطات في محافظة صنعاء عن ضبط متسللين تم نقلهم من المملكة إلى محافظة مأرب شرق صنعاء، إضافة إلى أصرار السعوديين والإماراتيين على ارسال تعزيزات عسكرية من دول دولهم المصابة بالوباء إلى اليمن.
لم يسبق للعالم أن عرف جائحة مثلما هو حاصل الآن مع فيروس كورونا، لكن الوضع يبدو أكثر تعقيداً في اليمن، فالبلاد تعاني اصلاً من ضعف في مستوى الخدمات الصحية، التي تراجعت أكثر بعد أن فقدت اليمن قرابة 57% من قدراته الصحية، بسبب الحرب والحصار الذي تمارسه دول التحالف للعام السادس على التوالي حسب تقارير المنظمات الدولية الصادرة في ابريل 2018.
ويرى مراقبون أن التحديات التي تعايشها اليمن، بسبب فيروس كورونا، تعد أكبر بكثير من الإمكانيات المتوافرة في البلاد، وبما يستدعي من السلطات في صنعاء اتخاذ تدابير حازمة للحد من الإزدحام في الأسواق، وبما يضمن بقاء الأمور تحت السيطرة.