خاص/ وكالة الصحافة اليمنية//
تدفع السعودية بتنظيم القاعدة لتصدُّر المشهد في اليمن، وتحديداً في مناطق سيطرتها جنوب وشرق البلاد، في الوقت الذي توسع فيه الرياض الصراع داخل بقية المكونات التابعة لها، فهل قررت الرياض العودة لليد القديمة؟
أخبار تنظيم القاعدة تتصدر المشهد في جنوب اليمن، حيث بلغ الصراع ذروته بين الانتقالي وهادي.. آخر الأخبار تفيد بعقد لقاء بين القيادي في القاعدة أبو زكي العابد، ومحافظ لحج العائد مؤخراً من الرياض، والأنباء تفيد عن توجه المحافظ أحمد التركي لتدجين عناصر العابد التي ظل يحشدها إلى معسكر اللواء الرابع التابع للإصلاح في طور الباحة خلال الأيام الماضية بفصائل هادي تحت مسمى “قوات مشتركة”، والهدف تسهيل دخول هذه العناصر إلى عدن، حيث تستعد السعودية لإخضاع معقل الانتقالي الموالي للإمارات، لوصايتها وفقاً لاتفاق الرياض.
السيناريو ذاته يكتب في أبين، حيث يواصل التنظيم تعزيز قواته في الخطوط الأمامية، وقد وصلت قيادات بارزة في التنظيم كمصطفى مهدي وأحمد محسن باصبرين خلال الأيام الماضية إلى شقرة، بالتزامن مع تحضيرات سعودية لإخراج قوات هادي والانتقالي من هذه المحافظة التي ظلت لعقود من الزمن معقلاً للتنظيم بدعم سعودي.
قد يكون التنظيم، وفق توقعات مصادر قبلية، الحل السعودي الأخير للسيطرة على المحافظات الجنوبية، بعد فشل تنفيذ اتفاق الرياض، فهذا التنظيم يحتفظ بشبكة علاقات كبيرة مع طرفي الصراع في الجنوب، عززها بصفقات أسلحة وانخراط عناصره في صفوف الطرفين مع بدء الحرب على اليمن في مارس من العام 2015م، وفقاً لاتفاقيات أبرمتها السعودية والإمارات، بحسب ما ذكرته تقارير غربية.. وربما قد تجد الرياض فيه فرصة لنشره كطرف محايد على خطوط التماس بين الطرفين، ناهيك عن تجنيد عناصره لحماية قواتها في عدن تحت مسمى “حماية المنشآت” التي تم تدريبها في الطائف ونقلت مؤخراً جواً إلى عدن، ويتوقع نشرها إلى بقية المحافظات الجنوبية كأبين ولحج والضالع.
ترتيب وضع القاعدة لا يقتصر على الجنوب فقط، فالمؤشرات الميدانية تؤكد بأن السعودية دعمت تمكين التنظيم خلال الأيام الماضية في البيضاء ومأرب.. في البيضاء كانت رسالة مشايخ وقادة فصائل ما تعرف بـ”المقاومة” لقائد القوات السعودية في عدن واضحة، وتعري السعودي التي أرسلت شحنتي أسلحة للتنظيم إلى مديرية الزاهر.
تضمنت الرسالة انتقاداً شديداً للسعودية، وعرَّتها أيضاً بأنها تدعم القاعدة في آل حميقان، لكن هؤلاء لا يعرفون بأن شحنات الأسلحة التي سلمت للقيادي المعروف بالتنظيم عبدالرحمن الحميقاني مؤخراً، كانت ضمن استراتيجية تحالف الحرب الهادفة لتمكين تنظيم القاعدة، والتي بدأت مؤشراتها في مأرب بإسناد مهام جبهة صرواح للقيادي في التنظيم عبدالقوي الحميقاني، والمدرج أصلاً على قائمة الإرهاب الأمريكية..
تمكين القاعدة يأتي على إيقاع انهيارات الإصلاح في نهم ومأرب والجوف وتركه من قبل السعودية يواجه مصيره وحيداً، ناهيك عن دفعه بخصومه ممثلين بجناح الإمارات في المؤتمر بقيادة طارق صالح للنيل منه، بغرزهم كسكين في خاصرته، سواء في مأرب عبر دعم نفوذ صغير بن عزيز، وفي البيضاء عبر التجنيد باسم العمالقة وإنشاء حزام أمني، إضافة إلى الصراع المحتدم مع الانتقالي في جنوب وشرق البلاد.. وجميعها مؤشرات على أن السعودية لم تعد تعول على الأدوات القديمة كالأحزاب التقليدية التي غذت تفكيكها بقدر رهانها على مثل هذه الجماعات وأولهم القاعدة.
فعلياً، كانت القاعدة جزءاً من تحالف الحرب على اليمن الذي تقوده السعودية، وقد نشرت عدة مقاطع فيديو تظهر لحظات مشاركتها في القتال ضمن فصائل التحالف ضد قوات صنعاء، وتحديداً في البيضاء ومأرب، ولا يزال التحالف يعتمد عليها كسلاح أيديولوجي، وفقاً لما نقلته صحيفة الـ”واشنطن بوست” عن ضباط إماراتيين في عدن بتقرير لها قبل عامين، لكن نشاطها داخل المدن ظل بعيداً عن أضواء الإعلام، وقد تحولت بفعل الاتفاق مع الإمارات والسعودية إلى جزء من السلطة هناك، غير أن توقيت إعادة تصديرها للمشهد يشير إلى أن السعودية أو بالأحرى تحالفها الغارق بالحرب على اليمن يحاول تحقيق أهداف بها على الصعيد الإقليمي وحتى الدولي.
إقليمياً، قد تشكل القاعدة خنجراً سعودياً ضد الإمارات التي تحاول دعم كيانات أخرى كـ،”داعش”، إضافة إلى استخدامها كسلاح أيديولوجي في محاولة لإبطاء تقدم صنعاء صوب المناطق الخاضعة لها نظراً لنشرها في الخطوط المتقدمة، وفوق هذا كله ستمكِّن القاعدة السعودية من ترتيب وضعها في مناطق النفط والغاز شرق اليمن بأريحية، فإن تستخدم لاستهداف خصوم الرياض كما عرف التنظيم خلال العقود الماضية، فهو سيبرر وجود سعودي – إماراتي- أمريكي وبريطاني طويل الأمد، إذا ما أخذ في الاعتبار توقيت تحريك القاعدة مع إنزال أمريكي بريطاني في السواحل الجنوبية والشرقية لليمن، بدءاً براس العارة في لحج وحتى الشحر في حضرموت، إضافة إلى سقطرى وشبوة.
تحاول السعودية إزاحة الفصائل والأحزاب والقوى السياسية التي خدمتها في اليمن لعقود ولو بإبرام اتفاق نظري بينها يبقيها قيد الصراع، لكن عينها على القاعدة، فهذا التنظيم قد يحقق لها الكثير من المكاسب لاسيما في هذا التوقيت الذي يدفع فيه المجتمع الدولي نحو سلام شامل تشترط فيه صنعاء الوحدة والسيادة وخروج “الاحتلال”.