” تحقيق ” : تزييف العملات المحلية.. طعنة في خاصرة الاقتصاد المحلي
الأدلة الجنائية تسجل أكثر من 90 جريمة تزييف للعملة في أمانة العاصمة
تحقيق خاص: وكالة الصحافة اليمنية
تخوض دول العدوان حرباً شعواء على اليمنيين ، في جبهات عديدة ومن أهمها وأبرزها “الاقتصادية” ..ومن بينها العملات المزيفة سواء المحلية أم الخارجية.
وتكشف وكالة الصحافة اليمنية في التحقيق التالي عن ظاهرة تزوير العملات وكيف اثرت على الاقتصاد الوطني، وكيف تعاملت معها الأجهزة المعنية في صنعاء ؟.
وقد انتشرت مؤخرا العملات المحلية المزيفة فئة الـ1000ريال، والعملة الأجنبية، لاسيما “الدولار واليورو والسعودي”، من قبل عصابات منظمة تدار خارجيا تهدف إلى ضرب الاقتصاد المحلي، وتدمير العملة الوطنية.
وسجلت الأدلة الجنائية في أمانة العاصمة عدد جرائم تزييف العملة المحلية والأجنبية أكثر من 90 جريمة خلال العام الماضي، و 29 جريمة تزيف العملة المحلية خلال الشهريين الماضيين من العام الجاري.
وتنوعت اساليب العصابات التي تقوم بتزييف العملات المحلية والأجنبية، وفق تقنيات ومطابع خاصة ومتطورة في عملية التزييف النصفي للعملة المحلية فئة الـ1000 ريال، وذلك بأن نصف العملة صحيحة والنصف الآخر مزيف، والذي يعد من أخطر انواع التزييف بحسب العملة الوطنية والتأثير على الاقتصاد الوطني، كما وصفته الجهات الامنية.
في حين لا يدرك الكثير من أبناء المجتمع تلك الاخطار، لاسيما مالكوا المحلات التجارية الصغيرة التي لم يتنبه البعض لمثل ذلك، وعدم تفحصها عند تداولها، ويعود ذلك لغياب الوعي المجتمعي، وقصور الجهات المعنية ولاسيما وزارة المالية والبنك المركزي اليمني، والأجهزة الأمنية، في التوعية والذي يجب أن تسهم شركات الصرافة برفع مستوى الوعي بين ابناء المجتمع.
غياب الوعي
حاولنا معرفة وقياس درجة الوعي لدى البائعين دون أن يتم التعريف بمحور القضية، حيث تم توجيه ذلك لأحد المتاجر الصغيرة، مالك إحدى البقالات في شارع العدل عن مدى اهتمامه بتفحص صحة العملة وعدم الخداع والغش، حيث أكد وبكل صراحة بأنه لم يتفحص أي عملة ولم يتم التدقيق في كل ما يأخذه من الاهالي والمارة.
سائق الباص هو الآخر في حديث عن هذه القضية، أشار بأنه لم يقع في فخ العملات المزيفة، وكثيرا ما يأخذ العملة فئة الـ1000 ريال، ولكن لم يفكر او يشك بأن أحداها مزيفة، لافتا أنه يتسمع نادرا عن تزييف العملة من خلال تبادل الاحاديث عن ذلك بين الركاب، ولكنه لم يحرص بشكل مستمر في التدقيق نظرا للثقة من جهة، واستعجال البعض في أخذ باقي الألف ريال، أو فئة الـ500 ريال.
رواج خطير
من جهة ثانية كشف خبراء اقتصاديون أن رواج العملة المزيفة في الأسواق اليمنية ، يعد عملا إجراميا خطيرا من قبل العصابات التي تمارس مثل تلك الجرائم بحق الاقتصاد المحلي الوطني، وإصرارها على انتشار مثل تلك العملات المزيفة ولاسيما من العملة الوطنية فئة 1000 ريال، في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
محذرين من استثمار مثل هذه الأعمال الإجرامية في الصراع السياسي، والتي لا يقل خطرها من الجرائم التي ترتكبها قوات التحالف، بهدف تعطيل النشاط الاقتصادي، في حكومة الانقاذ الوطني، والمناطق الخاضعة لها، والتي تم الكشف وضبط مؤخرا أكثر من 100مليون ريال يمني من قبل الأجهزة الأمنية في محافظة ذمار، داعيين الجهات القضائية إنزال أقسى العقوبات بحق من بت تورطهم في توزيع وتزييف العملة الوطنية، ليكونوا عبرة للآخرين، ممن يسعون إلى تدمير الاقتصاد الوطني.
الأدلة الجنائية
الكثير يجهل انتشار العملة المزيفة التي يتم تداولها في السوق، نظرا لانعدام الثقافة والتوعية حول ذلك، وخصوصا من الجهات المعنية.. هذا ما أكده العقيد عبده محمد الجند ـ نائب مدير الأدلة الجنائية في أمانة العاصمة لـ” وكالة الصحافة اليمنية” ـ بأنه تم مطابقة أكثر من 95 جريمة تزييف من العملة خلال العام الماضي، لافتا أنه بلغت خلال الشهرين الماضيين من العام الجاري، أكثر من 25 عملة تزييف للعملات الوطنية والعربية والدولية.
وأوضح العقيد الجند بأن مهام الأدلة الجنائية هو فني في مطابقة وفحص العملات المزيفة، وغيرها من الوثائق العرفية والرسمية، والفصل فيها من اجل تقديم الدليل المادي الذي لا يقبل الشك، والذي يعمل به بموجب تقديم طلب من الجهات الأمنية والقضائية، والتي لا يمكن لها إصدار أحكاما في مثل القضايا التزييف والتزوير، إلا بموجب تقرير صادر في الأدلة الجنائية.
وأشار نائب مدير الأدلة الجنائية في أمانة العاصمة ، عن تحسن اجراءات الضبط للعملات المزيفة خلال السنتين الماضية، بعكس الفترات السابقة التي تحدث الكثير من التغاضي عن جرائم التزييف للعملة الوطنية، أو الأجنبية.
تشديد العقوبات
فيما أوضح العقيد عز الدين قحطان القباطي ـ رئيس قسم مكافحة جرائم التزييف والتزويرـ مكتب الأدلة الجنائية في أمانة العاصمة، أن مهما تفننت عصابات التزييف للعملات من مهارة ، فإنها لن تستطيع تزييف نوعية الورق المصنوع من القماش الخشن نوعا ما، بخلاف الورق العادي ، وتطابق العلامة المائية في الأرقام، وكذا شعار الجمهورية، بالإضافة إلى الحبر المتغير بصريا كلما حركتها، والطباعة البارزة لمسمى البنك المركزي اليمني، ملموسة باليد.
وأشار القباطي إلى أن احكام القضاء التي تصدر بحق عصابات التزييف لا تتناسب مع توجهات الدولة مكافحة الجريمة، والذي يجب تشديد العقوبات عن جرائم التزييف والتزوير، ولكن عندما تكون العقوبات خفيفة بالتأكيد انها تلاقي استهتار من يمارسون تلك الجرائم ولم تردعهم في تكرارها، ولن تكون عبرة للآخرين.
وتطرق إلى أن الأدلة الجنائية في امانة العاصمة تعمل بأجهزة فنية تعود لأواخر سبعينات القرن الماضي، والتي لم يتم تحديثها لأكثر من ثلاثة عقود، وأصبحت قديمة ولا تواكب التطورات والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي يتبعها عصابات التزييف.
لافتا نحن بحاجة لأجهزة تعمل وفق متغيرات العصر، لاسيما بعض الأجهزة والتقنيات الجديدة والتي توجد فيها ذاكرة ” العقل الذكي” وهي مزودة ببرامج بكل العلامات الامنية، من العملات والجوازات وغيرها.
وكشف أن خبراء الأدلة وبحكم القانون لا يتقاضون أي مكافئات مادية من الجهات المعنية، وبما يسهم في صيانة الأجهزة وتحديها، إلا أن الاجهزة القضائية تتجاوز كل ذلك.
توسيع التوعية
ـ وأستعرض عبدالله علي الحزورة ـ نائب رئيس قسم مكافحة جرائم التزييف والتزوير، المهام والدور الذي يقوم به القسم إلى جانب فحص العملات الورقية، بالإضافة إلى الوثائق العرفية ” البصائر” والرسمية في الاختام والشهادات الجامعية، وتوقيع الشيكات والجوازات، منوها أن تزييف العملة ، والبصائر، تعد من أكثر وابرز القضايا التي يتم فيها التحقق والتطابق من الأدلة الجنائية والمنتشرة بشكل كبر، مشددا على ضرورة توسيع التوعية لأبناء المجتمع، ولابد ان تسهم كافة وسائل الإعلام في ذلك.
تأثير اقتصادي
ـ أحد العاملين في محلات الصرافة طلب عدم ذكر اسم محل صرافته قال :” أن تأثيرها كبير على السوق الاقتصادي ويضعف العملة الوطنية ويسهم في تدهورها”.
مشيراً بأن الجهات الأمنية تعرف جيداً من هي عصابات تزييف العملة، ومطابعها، ولكن لم نسمع أو نرى بأنه تم تنفيذ أحكام قاسية بحق الذين يستهدفون تدمير العملة الوطنية، وتزييفها منذ سنوات.
إنجازات أمنية
وكانت الأجهزة الأمنية في محافظة ذمار قد ضبطت في مطلع شهر اغسطس الماضي عصابة لترويج العملة المزيفة وبحوزتها 100 مليون ريال من العملة المزيفة فئة خمسة ألف ريال، والتي كانت بحوزة أربعة اشخاص وكانت مخفية داخل كرتونين يحتوي كل واحد على 50 مليون ريال، في إحدى محطات الوقود الواقعة على خط مغرب عنس وذلك بعد عملية تحر ومتابعة دقيقة جدا.