ترجمة خاصة//وكالة الصحافة اليمنية//
قالت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير لمراسلها في الشرق الأوسط مايكل صافي، اليوم الخميس، إن جائحة فيروس “كوفيد-19” سيعيد تشكيل المدن الكبرى في العالم، بشكل غير معلوم بعد تعافيها من الفيروس التاجي.
وأشارت الجارديان، إلى أن التاريخ يشير إلى أن المدن الكبرى تأثرت بشكل بالغ بالأوبئة التي انتشرت فيها، وتساءل عن الإرث الذي سيخلفه “كوفيد 19” في حياة البشر.
هكذا تتغير المدن الكبرى
وقالت الصحيفة إن الصين ودول شرق آسيا، التي دائما ما تتخذ تدابير احترازية من إنفلونزا الخنازير والسارس – تلاشت صدمة الأوبئة مثل الإنفلونزا الإسبانية أو التيفويد إلى حد كبير من الذاكرة الشعبية، لكن مدننا تتذكر كل هذه الأوبئة التي ضربتها وغيرت مجرى الحياة فيها.
وذكرت الجارديان الكثير من الأمثلة على التغييرات الجذرية التي أصابت المدن جراء تفشي الأوبئة بدءا بفيلادلفيا، التي دفع تفشي الحمى الصفراء فيها عام 1793 المسؤولين عن إدارتها إلى تولي مهمة تنظيف الشوارع وتطهير المزاريب وجمع القمامة، ونجحت في مهمتها، وتبنت الحكومات عبر الولايات المتحدة المسؤولية على مدى العقود التالية، كما أدى الاعتقاد الخاطئ بأن الرائحة المنبعثة من مياه الصرف الصحي مسؤولة عن أمراض مثل الكوليرا إلى بناء أنظمة الصرف الصحي الحديثة تحت الأرض في لندن، وتطوير طرق أوسع وأكثر استقامة ورصفا.
وأضافت الصحيفة فيما يخص جائحة “كوفيد 19″، فقد يُثار الجدل حول الإرث الذي سيخلفه في المدن الكبرى في العالم، على الرغم من أن معظم المتخصصين يعترفون أنه من السابق لأوانه معرفة ذلك على وجه اليقين.
وقال روجر كيل، أستاذ الدراسات البيئية في جامعة يورك بتورنتو في تصريح للصحيفة، بأن تغيير نمط الحياة في مدن العالم الكلرى، سيعتمد في النهاية على كيفية تحليلنا لهذا الفيروس، وكيفية إنتشاره؟ وكيف يجعل هذا الفيروس الناس مرضى؟، لا نعرف الإجابات الكاملة، ولكن بمجرد أن تصبح الأمور أكثر وضوحا، سيبدأ المخططون الحضريون وغيرهم من المهنيين بالتفكير كما فعل أسلافهم قبل 100 عام، حيث وضعوا أنابيب الصرف الصحي ونظفوا أجزاء من المدينة التي كانت تعتبر غير صحية”.
ونقلت الصحيفة عن ميشيل أكوتو أستاذة السياسة الحضرية العالمية في جامعة ملبورن، أن البنية التحتية الصحية التي ستنشأ في أعقاب كوفيد 19 قد تكون رقمية، في شكل تكنولوجيا المراقبة التي تستخدمها مدن مثل سنغافورة وسيئول لتتبع خطوات الأشخاص المصابين وتحذير الآخرين الذين عبروا طريقهم، مما ينتج عنه أن الحياة في المدن الكبرى ستكون أقل خصوصية من أي وقت مضى.
تغييرات إيجابية وسلبية
واشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن بعض تلك التغييرات قد تجعل بالفعل مدن العالم الكبرى أكثر متعة مما هي عليه الأن، فعلى سبيل المثال حيث أقدمت مدينة أثينا اليونانية، على توسيع أرصفة الشوارع فيها، وتوسيع الساحات والحدائق العامة كما حظرت حركة المرور من المناطق الواقعة أسفل الأكروبوليس (المدينة المرتفعة)، كما وضعت إدارة مدينة ملبورن الأسترالية خطة تسويقية وترفيهية جديدة بحيث لا تستغرق فيها الرحلة التسويقية 20 دقيقة فقط، كما وعد عمدة باريس سكانها بأن خطة التجول في المدينة لن تستغرق 15 دقيقة.
وأوضحت الصحيفة إلا أن السيئ يكمن في أن الجائحة ستجعل سكان المدن في العالم، يعتقدون أن مجرد العيش في المدن الكبرى هو أمر كارثي، فالشوارع فيها مكتظة والملاهي الليلية لن تكون متاحة في ظل انتشار الفيروس.
وأضافت الصحيفة “بمجرد أن ينحسر، قد لا يعاد فتح العديد من النوادي والحانات وصالات العرض والمسارح التي أغلقت أبوابها، يقول رودي بوتوم، عضو فرقة “فيث نو مور” وأحد عناصر المشهد الموسيقي في المدينة: “إنها تشل حياة نيويورك وطاقتها”.
وكانت صحيفة ” Project Syndicate” الإيطالية، قد أكدت في مقال للكاتب “باتريشيا فييل” نشرته في 16 أبريل الماضي، بعنوان “مدن ما بعد العدوى” لن تبقى مدننا كما هي بعدكوفيد-19، ولا ينبغي أن تكون كذلك. ففي إيطاليا، كما في أي مكان آخر، وضعتنا أزمة الصحة العامة في موقف دفاعي. فمستشفياتنا عاجزة، وساهمت مدننا في انتقال العدوى، وذلك لأنها صُممت لتلبية احتياجاتنا في لحظة معينة لا تبدو مثل الحاضر. ونتيجة لذلك، يتسبب فيروس كورونا في إغلاق محرك الأفكار، والتفاعلات التي تدفع عجلة الديناميكية الاجتماعية والنمو الاقتصادي، ونقصد هنا المركز الحضري. ونظرا لكون العدوى قد تتحول إلى تهديد طويل الأمد، أو تهديد مزمن، فقد أصبح المهندسون المعماريون يتساءلون عن كيفية تكييف التصميم الحضري وإدارته وفقًا لذلك التهديد.