لا يدّخر الكيان الإسرائيلي جهداً في العمل على تحسين صورته أمام شعوب العالم عامةً والشعوب العربية خاصةً، فكيان الاحتلال الذي هجر سكان فلسطين واحتل منازلهم وأراضيهم خلال العقود الماضية لم ينسَ أبداً دور وأهمية الإعلام في التخفيف من النظرة السلبية تجاه نشاطاته الإجرامية المدعومة غربياً.
واستطاع هذا الكيان المعتدي “والحق يقال” أن يجذب عدداً لا بأس فيه من زعماء الأنظمة العربية إلى ملعبه، وتمكّن من خلال العمل دؤوب أن يحصل على موافقة هؤلاء الزعماء على التطبيع معه، ومن ثم توجيه أوامر لهم ليحثوا وسائلهم الإعلامية على تجاهل أو تخفيف ما يقوم به الصهاينة في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية، بل العمل على تحسين صورة العدو وتحويله إلى صديق ودود مسالم مُحبّ للعرب ويرغب بالعيش في جوارهم بكل محبة وسلام.
حتى اللحظة نجحت البروباغندا الإسرائيلية ومن يتعاون معها من بعض الأنظمة العربية في إيجاد شرخ بين الأنظمة والشعوب التي لا تزال تملك بأغلبيتها حسّاً وطنياً وعروبياً ينبذ الاحتلال ويرى أن “الإسرائيلي” محتل لا يكّن أي مشاعر إيجابية تجاه العرب بل على العكس تماماً يكرههم ويقودهم إلى فخّ لن تظهر معالمه بسرعة وقد نشهد ذلك بعد عدة سنوات، ومن يعلّم أطفاله كره العرب في المدارس لا نعتقد أبداً أنه سيكون يوماً ما صديقاً لهم.
أما اليوم فالظروف اختلفت، خاصةً بعد نتائج حرب تموز وغزة المزلزلة على الداخل الإسرائيلي، لذلك كان لا بدّ من تغيير الخطة السابقة التي كانت تعمل عليها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وطرح خطط جديدة أكثر تماشياً مع روح العصر ومفرزاته الجديدة، وبما أن الصهاينة يملكون أجهزة استخباراتية لا بأس بقوتها من “الشاباك” و”الموساد” وصولاً إلى جهاز “أمان” الذي يعمل بجهود غير مسبوقة لاختراق المجتمعات العربية ويصبّ كل تركيزه حالياً على لبنان وتحديداً على أنشطة “حزب الله”، لذلك نجدهم اليوم يستغلون حالة جماهيرية جديدة يشكّل الشباب العربي قوامها، ألا وهي “كرة القدم” وبالتحديد “مونديال2018”.
الدخول إلى العقل العربي وخاصة عقل الشباب العربي هو ما تبحث عنه “إسرائيل” لتحسين صورتها، وبما أن لعبة كرة القدم تتمتع بجماهيرية منقطعة النظير وبما أن المونديال على الأبواب، رأت “إسرائيل” في الأمر صيداً ثميناً لاختراق الجمهور العربي وترك انطباع جيد عنها داخل لا وعي الشباب.