// وكالة الصحافة اليمنية //
يشير فشل مفاوضات الأسبوع الماضي بشأن سد النهضة الإثيوبي إلى أن أديس أبابا ستشرع على الأرجح في عملية ملء السد دون اتفاق مع السودان ومصر، في حين ستحاول القاهرة، دون جدوى، ممارسة ضغوط دولية على إثيوبيا من أجل ضمان عدم تأثير السد على تدفق مياه النيل.
ولأن إثيوبيا هي الطرف الرئيسي في النزاع، فإنه بإمكانها اتخاذ موقف متشدد ضد المحاولات المصرية لفرض شروط على عمليات المشروع، وستبدأ في ملء السد بمجرد بدء موسم الأمطار.
تقوم إثيوبيا منذ عام 2011، ببناء سد النهضة بالقرب من حدودها مع السودان، وبمجرد إنشائه وتشغيله بالكامل، سيكون للسد القدرة على توليد 6450 ميجاوات من الكهرباء.
ويعد السد مهما لخطة أديس أبابا بسبب زيادة نسبة سكانها الذين يحصلون على الكهرباء من 45% إلى 100% خلال العقد المقبل من خلال تعزيز القدرة الإجمالية لتوليد الطاقة في البلاد بمقدار 25 ألف ميجاوات.
تأمل إثيوبيا في ملء خزان السد بـ4.9 مليار متر مكعب هذا العام – وهو أقل من 10% من متوسط التفريغ السنوي للنيل الأزرق البالغ حوالي 50 مليار متر مكعب- لاختبار التوربينين الأولين لتوليد الطاقة، وتخطط إثيوبيا أيضًا لملء الخزان إلى 18.4 مليار متر مكعب العام المقبل لاختبار بقية التوربينات.
ولذلك فحتى التأخير البسيط للجدول الزمني الآن يمكن أن يعطل المشروع لسنوات، بالنظر إلى أن هطول الأمطار في حوض النيل الأزرق موسمي للغاية (80% من هطول الأمطار السنوي للمنطقة يحدث بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول).
أصبح السد أيضًا قضية قومية في إثيوبيا، حيث أصبحت وسوم مثل “#ItsMyDam” شائعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعتبر أديس أبابا مطالب مصر تكريسا لاتفاقيات الحقبة الاستعمارية مع السودان والمملكة المتحدة التي منحت تاريخياً القاهرة نسبة عالية من مياه النيل، ولم تكن إثيوبيا طرفاً في الاتفاقيات الموقعة في عامي 1929 و1959، وبالتالي فهي لا تعترف بها.
محنة مصر
بسبب القلق من فقدان الوصول إلى مصدرها الحيوي للمياه، ستحاول مصر حشد الدعم الدولي للضغط على إثيوبيا للموافقة على آلية تسوية للنزاعات، بالإضافة إلى جدول زمني ممتد لملء السد.
ومع ذلك، فقد فشلت المحاولات السابقة للوساطة الدولية، وكانت نتيجة هذه المحاولات هي تشبث أكبر من قبل إثيوبيا بمواقفها.
نظرًا للفشل المستمر للمحادثات على مستوى مجلس الوزراء في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا السياسية والقانونية العالقة المتعلقة بالسد، يقترح السودان إجراء محادثات على مستوى أعلى مع إثيوبيا ومصر على مستوى الرؤساء.
أسفرت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين مصر والسودان وإثيوبيا في وقت سابق من هذا العام عن مسودة اتفاقية بشأن السد، لكن أديس أبابا لم تقبل الاتفاق في اللحظة الأخيرة.
كما أن التواصل المصري مع الأطراف الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون الخليجي، للمساعدة في التوسط في المفاوضات مع إثيوبيا، لم يكن له نتيجة ملموسة.
في 19 يونيو/حزيران، دعت مصر مجلس الأمن الدولي إلى التدخل في القضية، ولكن من المؤكد أن الصين، وهي أحد أقرب شركاء إثيوبيا الاقتصاديين، ستستخدم حق النقض ضد أي قرار جوهري من الأمم المتحدة يهدف إلى منع ملء السد.
سيكون أمام مصر خيارات قليلة لإجبار إثيوبيا على التعاون في القضايا الفنية، حتى لو بقي الخلاف السياسي متدهورا.
وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مؤقت أو دائم، ستظل مصر وإثيوبيا بحاجة إلى التعاون بشأن القضايا اللوجستية من أجل إدارة تدفق المياه بين سد النهضة الإثيوبي والسد العالي في أسوان جنوبي مصر.
سيحافظ المسؤولون المصريون – ولا سيما الجيش ووزارة الخارجية ووزارة المياه – على موقف متشدد ضد أديس أبابا، مدفوعًا بمخاوف بشأن قدرة مصر على المدى الطويل على التحكم في إمدادات المياه.
ولكن في حين أن القاهرة قد تهدد بعمل عسكري ضد إثيوبيا، فمن غير المرجح أن تلجأ مصر إلى مثل هذه الوسائل بسبب تحديات غزو بلد غير مجاور، بالإضافة إلى الحاجة إلى إعطاء الأولوية لمسائل أمنية أكثر أهمية في المنطقة مثل الحرب في ليبيا المجاورة.
أدى تراجع النفوذ الإقليمي لمصر إلى تآكل تأثيرها في قضايا نهر النيل، ما يهدد بتفاقم مشاكل ندرة المياه الحالية في الصحراء.
ولكن مصر تخشى أن يؤدي استسلامها لمطالب إثيوبيا حول كيفية ملء السد إلى تشجيع أديس أبابا، وكذلك دول أخرى في حوض نهر النيل، على بناء سدود إضافية بقوة أكبر.
تشعر القاهرة بالقلق أيضًا من أن إثيوبيا ودول المنبع الأخرى في شرق أفريقيا قد تمثل تهديدا أكبر لإمداداتها المائية بمرور الوقت، إذا استخدمت المياه خلف السدود في الري بدلا من استخدامها في توليد الطاقة الكهرومائية.
ازدادت هذه المخاوف مع النمو السكاني السريع في مصر، بالإضافة إلى التهديد الذي يلوح في الأفق بمواسم جفاف أطول بسبب تغير المناخ وزيادة مستويات التبخر على طول النهر.