متابعات // وكالة الصحافة اليمنية //
قد تكون طائرة “فيرفلاي” بدون طيار من طراز “كاميكازي” الاسرائيلية الصنع، وهي جزء من عائلة صواريخ “سبايك” التي باعتها (إسرائيل) إلى دول أوروبية مختلفة، أحد الأسباب التي دفعت دول الخليج، وخاصة السعودية، إلى التقارب مع (إسرائيل)، وعكس ما كان يبدو من دعمها السابق لحقوق الفلسطينيين.
إذا كان هناك درس واحد تعلمته دول الخليج من انخفاض التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة وتوترات العلاقات الأمريكية السعودية، فهو أن وضع البيض في سلة واحدة هو عمل محفوف بالمخاطر.
لم يمنع ذلك الولايات المتحدة من الاستمرار في تأمين مكانتها باعتبارها المورد الرئيسي للأسلحة في المنطقة، ومما يؤكد ذلك واردات الأسلحة الأخيرة والصفقات التجارية ذات الصلة.
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن صفقة سعودية بقيمة 2.6 مليار دولار لشراء 1000 صاروخ جو-أرض وصواريخ مضادة للسفن من “بوينج”. في غضون أيام، أعلنت شركة التدريع السعودية أنها توصلت إلى اتفاق مع “أوشكوش ديفينس” الأمريكية لإنشاء مشروع مشترك لتصنيع المركبات المدرعة في المملكة.
كشف صندوق الاستثمار العام، صندوق الثروة السيادي في السعودية، الحصول مؤخرًا على حصة بقيمة 713.7 مليون دولار في “بوينج” في وقت تعرضت فيه الشركة بالفعل لنكسات كبيرة نتيجة لانهيار صناعة الطيران المدني في أعقاب أزمة “كورونا”.
لكن استمرار تركيز واردات الأسلحة السعودية على الولايات المتحدة لم يحرم الصين من الفرص؛ حيث تدخلت الصين لمساعدة السعودية على إنتاج طائرات عسكرية بدون طيار بعد أن رفضت الولايات المتحدة بيع طائراتها بدون طيار من طراز “MQ-9 Reaper” إلى المملكة. وتتوقع الرياض أن يبدأ الإنتاج العام المقبل.
ومثل الصين، تحث روسيا السعودية على شراء منظومة الدفاع الجوي “S-400”. لكن بعد أن شاهدت المملكة الولايات المتحدة تلغي شراء تركيا لطائرات مقاتلة أمريكية من طراز “F-35” وتخرجها من اتفاق الإنتاج المشترك لبعض مكونات الطائرة، أصبحت الرياض مترددة في التعامل مع عرض الروس.
وأصبحت قيود التعاون السعودي الروسي واضحة منذ ذلك الحين مع حرب أسعار النفط في أبريل/نيسان، التي دفعت أسواق النفط إلى حالة من الهبوط التي لا يبدو أنها ستتعافى منها في أي وقت قريب.
و(إسرائيل)، مثل الصين وروسيا، وخلافا للولايات المتحدة، لا تربط مبيعات واستخدام الأسلحة بمعايير حقوق الإنسان وفقا للقانون الدولي.
لكن (إسرائيل) لديها ميزة على منافسيها الصينيين والروس، الذين يقيمون علاقات وثيقة مع إيران. إذ تشترك (إسرائيل) مع السعودية والإمارات في اعتبار إيران تهديد وجودي وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط .
ومما لا شك فيه أن السعودية والإمارات ترى انعكاس هذا التصور في سياسة “أقصى ضغط” الأمريكية تجاه إيران، التي تهدف إلى إجبار الجمهورية الإسلامية على تغيير سلوكها إن لم يكن نظامها.
لكن المشكلة هي أن سياسة “أقصى ضغط” الأمريكية لم تسفر عن أي نتائج حقيقية بعد عامين من إطلاقها.
أضف إلى ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة أثبتت أنها حليف غير موثوق به، وأقنع هذا الإمارات ودول الخليج الصغيرة الأخرى بالتواصل مع إيران لضمان ألا تصبح بنيتها التحتية الحيوية هدفا في أي صدام عسكري بين الولايات المتحدة وإيران في المستقبل.
كانت اللحظة الفاصلة لدول الخليج عندما فشلت الولايات المتحدة في الرد بقوة على الهجمات الإيرانية المزعومة على منشآت النفط السعودية الرئيسية وكذلك ناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات، خلال العام الماضي.
وفي محاولة لطمأنة دول الخليج، أرسلت إدارة “دونالد ترامب” قوات وأنظمة دفاع “باتريوت” مضادة للصواريخ إلى السعودية لمساعدتها على حماية منشآتها النفطية، بالرغم من أن الولايات المتحدة سحبت لاحقا اثنين من تلك الأنظمة.
عندما اغتالت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني “قاسم سليماني” في يناير/كانون الثاني، احتفلت دول الخليج بشكل خاص بالعملية، لكنها كانت تخشى أيضًا أن تصل المنطقة لمرحلة الحرب الشاملة.
ولم تكن الخطوة الأمريكية دفاعا عن دول الخليج، لكنها جاءت بعد تطورات بدأت بمقتل مقاول عسكري أمريكي في ديسمبر/كانون الثاني 2019، وتخللتها عشرات الهجمات المدعومة من إيران على أهداف أمريكية في العراق.
ومن المرجح أن تجد دول الخليج أن التعاون مع (إسرائيل) له حدوده أيضا. قد تكون (إسرائيل) حريصة على بيع الأسلحة ولديها القدرة على الرد على إيران في سوريا. إذا لزم الأمر، يمكن لـ(إسرائيل) أيضا أن تلحق ضررا شديدا بالمنشآت النووية والصاروخية الإيرانية في ضربات عسكرية لن تتمكن دول الخليج من تنفيذها.
لكن العلاقات مع (إسرائيل) لا تزال قضية حساسة في الخليج وأماكن أخرى في العالم العربي والإسلامي. وقد حصرت (إسرائيل) حتى الآن المبيعات على المعدات والتكنولوجيا غير الفتاكة، لكن هذا يمكن أن يتغير بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية.
ومع ذلك، قد يكون الرأي العام أحد أسباب رفض دول الخليج تحويل العلاقات غير الرسمية إلى اعتراف دبلوماسي؛ مما يوحي بأنه قد يكون هناك تعاطف عام أكبر مع الفلسطينيين مما يرغب حكام الخليج في الاعتراف به.
ويزداد هذا الأمر أهمية لدى حكام الخليج الذين يجدون صعوبة متزايدة في توفير الوظائف أو السلع والخدمات العامة نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية وانهيار أسعار النفط.
المصدر الخليج الجديد