تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية//
في موجة التطبيع الخليجي الصريح مع الكيان الصهيوني، لم نكن نتصور أن تخرج أصوات يمنية مهما كانت درجة عمالتها لتنادي بالتطبيع مع إسرائيل، لكن ذلك حدث للأسف.
ولم يعد التطبيع العربي أمراً مخجلاً لدى البعض، بل خرج من خلف كل تلك الأبواب المغلقة وأصبح يتردد على لسان الكثير، خصوصاً مع تسارع وتيرة التطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ودول عربية منذ بداية العام الماضي.
ووفقاً لتقرير نشره موقع “الخليج أون لاين” مساء الأربعاء، يبدو أن الإمارات قد أخذت مسألة التطبيع مع “إسرائيل” إلى مستويات أخرى تتخطى العلاقات الثنائية إلى العمل على إرساء قاعدة التطبيع بين دولة الاحتلال وحلفاء أبوظبي في دول عربية، كما هو الحال في المحافظات اليمنية المحتلة”.
تلك التطورات جاءت بالتزامن مع سيطرة ما يسمى بالمجلس لانتقالي الجنوبي على جزيرة “سقطرى” الاستراتيجية، التي تقع في الخليج الهندي، ما يضع تساؤلات حول أن “أبوظبي قد تقدم موطئ قدم لتل أبيب عبر المجلس الانتقالي الساعي لانفصال جنوب اليمن”.
أصدقاء سريون لإسرائيل
“خلف الأبواب أُعلِن قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب، إنما ستكون الصديق السري الجديد لإسرائيل”.. هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، في 23 يونيو الجاري، تحدث عن “قيام دولة جديدة في جنوب اليمن، ستكون مدينة عدن عاصمتها”، وأشار إلى أن “قيادتها تغازل الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي”.
وبحسب الصحيفة، رد العديد من الإسرائيليين بشكل إيجابي على هذا الود وأرسلوا تحياتهم إلى “الدولة المستقلة الجديدة في اليمن”، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الذي مكنته الإمارات والسعودية من السيطرة على مساحات في جنوب اليمن، وخاصة جزيرة سُقطرى.
وقالت مصادر مختلفة في حديثها لـ”إسرائيل اليوم”، التي تُعد من وسائل الإعلام المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب تُجري اجتماعات سرية مع حكومة جنوب اليمن، بقيادة عيدروس الزبيدي.
وكان المجلس الانتقالي قد أعلن، في 25 أبريل الفائت، حالة الطوارئ في مدينة عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة كافة، وتولّيه إدارتها ذاتياً، عوضاً عن حكومة هادي التي طردها من عدن وبقية المحافظات المحتلة ولم يسمح بعودتها، رغم أنه – أي الانتقالي – وقع معها اتفاق الرياض برعاية سعودية أممية، لكن ذلك الاتفاق كان بمثابة ذر الرماد على العيون لا أكثر.
الانتقالي يؤكد علاقته بالكيان
بينما كان يتوقع كثيرون أن يخرج الانتقالي الجنوبي نافياً تلك التصريحات، ومستنكراً لها، فقد برز القيادي السلفي هاني بن بريك، نائب رئيس ما يعرف بالمجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات، مبرراً ما نشر، قائلاً إن السلام مع “إسرائيل” بالنسبة لهم “مطمع ومطمح”، مؤكداً استعدادهم إقامة العلاقات مع أي دولة ستساعدهم على إعادة دولتهم.
وفي بث مباشر له على “تويتر” قال بن بريك: “اليهود جزء من العالم وجزء من البشرية ونحن مع السلام.. ولو كان لنا علاقة مع أبناء عمومتنا اليهود ودولة إسرائيل فسنعلن عنها”.
وأضاف معلقاً على حديث صحيفة إسرائيلية حول وجود اتصالات سرية بين “الانتقالي” و”إسرائيل” قائلاً: “نحن لا نعادي أي دولة في العالم ولا ديانة، إلا من يتعرض للجنوب.. هذه مسلماتنا”.
من جانبه قال الخضر السليماني، مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي، إن المجلس جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية، مبدياً استعداد المجلس لإقامة علاقة مع “إسرائيل” إذا لم يتعارض ذلك مع مصالحه الوطنية، حسب تعبيره.
الكيان يثبت أقدامه في القرن الأفريقي
ونقل موقع “الخليج أون لاين” عن الباحث والكاتب السياسي اليمني د. عادل دشيلة، قوله، إن “الكيان الصهيوني” نجح في تثبيت أقدامه في القرن الأفريقي من خلال بناء قاعدة عسكرية في إرتيريا، وهو “ما يرغب في حدوثه في سقطرى اليمنية بواسطة الإمارات”.
ويضيف دشيلة:”الآن يبدو أنّ الإمارات ترتب الوضع في سُقطرى من أجل افتتاح قاعدة عسكرية إسرائيلية-إماراتية في الجزيرة، لمواجهة قوى إقليمية صاعدة، ولهذا يبدو أن إسرائيل تحاول إقناع أمريكا بتمكين الانتقالي من السيطرة على الجنوب اليمني”.
ويرى دشيلة أن قوات المجلس الانتقالي تبحث حالياً عن “انتزاع شرعية إقليمية ولو كان ذلك على حساب الثوابت الوطنية اليمنية”.
دشيلة أشار في حديثه إلى ما قاله قيادي في المجلس، خلال تصريح له بأن مجلسه “لن يقف ضد أحد”، وأنه إشارة واضحة إلى أنه “مستعد حتى للاعتراف بالكيان الصهيوني ما دام سيساعد المتمردين على إقامة دولتهم المزعومة”.
وفي العامين الأخيرين، أظهرت الإمارات التي تعد الداعم العسكري والسياسي والاقتصادي للمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي ترغب في انفصال جنوب اليمن عن شماله، سعيها لعلاقات رسمية مع دولة الاحتلال.
ففي 16 يونيو الجاري، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن الإمارات يمكنها العمل مع “إسرائيل” في بعض المجالات.
وفي كلمة أمام مؤتمر للجنة الأمريكية اليهودية، وهي مجموعة معنية بدعم اليهود، قال قرقاش: إن “التواصل مع إسرائيل مهم وسيؤدي لنتائج أفضل من مسارات أخرى اتبعت في الماضي”.
وفي 9 يونيو الجاري، حطت ثاني طائرة إماراتية في مطار بن غوريون الإسرائيلي في غضون شهر، في رحلة مباشرة من أبوظبي إلى “إسرائيل”، بزعم تقديم مساعدات لفلسطين، وهو ما رفضته الحكومة الفلسطينية لعدم التنسيق المسبق معها.
ويظل الدافع الإماراتي يمثل علامة استفهام تزداد تضخماً كل يوم مع تكشف دورها في المنطقة من اليمن إلى ليبيا والسودان ومصر وتونس وغيرها.