فلسطين المحتلة/وكالة الصحافة اليمنية//
يتواصل الجدل الداخلي في إسرائيل حول مخططّ الضمّ بعد بلوغ موعد التطبيق المعلن من قبل رئيس حكومة الاحتلال دون إخراجه لحيز التنفيذ وسط تزايد الانتقادات والضغوط المحلية والدولية لمنعه.
وإزاء تساؤلات وانتقادات تتعلق بعدم البدء بتطبيق مخطط السلب والنهب الإسرائيلي المسمى “الضمّ” قال ديوان رئيس حكومة الاحتلال إن نتنياهو يواصل المداولات واللقاءات مع الإدارة الأمريكية ومع المؤسسة الأمنية في موضوع السيادة، لافتا إلى أن هذا ما سيستمر في الأيام القادمة أيضا.
ويواصل أقطاب اليمين في إسرائيل الدفع نحو استغلال ما يعتبرونها “فرصة تاريخية” لفرض سيادة إسرائيل على جزء هام من “أرض إسرائيل” غير آبهين بالاحتجاجات والتحذيرات المحلية والدولية لكن كافة الأوساط الإسرائيلية تجمع على أن إسرائيل تنتظر موقفا نهائيا للبيت الأبيض الذي يشهد خلافات داخل الإدارة الأمريكية حيال مخطط الضم.
ويتضح أن الخلافات ما زالت قائمة بين شريكي الإئتلاف الحاكم فـ”أزرق- أبيض” يبدي تحفظا من ضم أحادي من شأنه توريط إسرائيل بأزمات دبلوماسية وأمنية. “أزرق- أبيض” الذي لا يملك قدرة على منع الضم لأن اتفاق الإئتلاف لا يمنحه حق النقض ولأنه يشهد خلافات داخلية حيث يؤيد عدد من نوابه مخطط السلب والنهب الإسرائيلي.
لجنة المراقبة
في المقابل ناقشت لجنة المراقبة البرلمانية مخطط الضم وتثير انتقادات تتعلق بنقاش العملية بصورة معمقة ودور وزارة القضاء حياله. وطرحت لجنة مراقبة الدولة البرلمانية برئاسة النائب المعارض عوفر شيلح “صورة مقلقة” مفادها أن المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) لم يجتمع ولا مرة حتى الآن لإجراء نقاش معمق حول مخطط الضم وأن وزارة القضاء لم تتدخل في العملية، رغم الطلبات والنتائج القضائية المترتبة جراء العملية هذه في النقاش قال شيلح: “من غير الممكن أن نصل إلى الموعد وقائد الجيش لم يطلع على الخريطة، يجب أن يتخذ هنا قرار ويجب أن يكون واضحا عما نتحدث عنه”.
وأكد شيلح أن نتنياهو مشغول بنفسه ويخلط الأوراق مؤكدا على دعمه لبقاء الكتل الاستيطانية ضمن السيادة الإسرائيلية لأنها تشمل 80% من المستوطنين شريطة أن يكون ذلك في اتفاق لا خطوة أحادية. وتابع شيلح “بحال قمنا بمخطط الضم ستنهار السلطة الفلسطينية وتجد إسرائيل ذاتها أمام وضع تضطر فيه لإدارة شؤون حياة ملايين الفلسطينيين”.
ونقلت القناة الإسرائيلية “أي 24” عن رئيس شعبة الاستخبارات في مجلس الأمن القومي قوله خلال اجتماع لجنة المراقبة البرلمانية “نحن في أوج عملية جديدة لـ”كابينيت”، الوزراء مطلعون بشكل متواصل من قبل جميع الأجهزة الأمنية وفي الأيام الأخيرة سيكون نقاش معمق حول مخطط الضم. حتى ذلك الحين من الممكن أن تقوم القيادة السياسية بتشكيل موقف والوزراء يمكنهم التطرق اليها. رئيس مجلس الأمن القومي على إطلاع بالعملية على طول الخط، منذ الاعلان عن خطة ترامب”. كما ناقشت الجلسة التجهيزات الديبلوماسية للعملية وخلال ذلك اعترف نائب المدير العام للديبلوماسية الجماهيرية في وزارة الخارجية، ان الدولة لم تحدد بعد سياسة معينة، وتابع “لكن يوجد لدينا خطوط عامة للمصالح الامنية والسياسية في الموضوع. ننصت لجميع هذه الدول ونسمع ما يقولون بهذا بالخصوص”.
وفي نهاية الجلسة قال النائب شيلح: “وصلنا الى تاريخ 1 يوليو/ تموز، ومن هذا التاريخ فان هذا يمكن أن يحدث كل يوم. أيضا ممثل مجلس الأمن القومي الذي يجلس هنا لا يعرف باي تاريخ يمكن ان يحدث هذا وباي شكل. نطالب بأن يحدث الامر باوضح وابسط الطرق والاكثر شفافية”.
من جهته هاجم رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان نتنياهو، قائلًا “علمت أنه ليس هناك احتمال أن يُقدم نتنياهو على الضم، فقط هي خطوة من أجل العلاقات العامة والانتخابات.
وبحسب صحيفة “معاريف”، جاء ذلك خلال اجتماع ليبرمان مع أعضاء حزبه وعدد من الناشطين والداعمين له في الخان الأحمر الذي قررت حكومة الاحتلال هدمه قبل سنتين، مهاجمًا نتنياهو بشدة بالقول “لديه براءة اختراع في تضليل الجميع”. ليبرمان المعارض لنتنياهو ومثابر على مهاجمته خلص للقول “الحديث عن الضم هو تضييع للوقت، قلت قبل الانتخابات أن نتنياهو لن يفرض السيادة على غور الأردن، كلامه كان خطوة علاقات عامة لها علاقة بالانتخابات”.
وحذرت منظمة “حاخامات من أجل حقوق الإنسان” حكومة إسرائيل من القيام بالضم الذي يحظى باهتمام 4% فقط من الإسرائيليين وفق عدة استطلاعات. وتابعت المنظمة في تعليل موقفها بالدعوة للانشغال بالأزمة الاقتصادية الخانقة المترتبة على تفشي الكورونا وبالتزامن يتواصل الجدل بين أوساط إسرائيلية حول مخطط الضم بين من يرى بها فرصة تاريخية وبين من يعتبره بداية نهاية المشروع الصهيوني.
قصة كاذبة
وأكد مجددا رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت تحذيره من مخطط السلب والنهب الإسرائيلي المسمى “مخطط الضم” وقال إن نتنياهو يعلم بعدم وجود حاجة أمنية تستدعي ضما أحاديا لمنطقة الأغوار. وتابع أولمرت في حديث للقناة الإسرائيلية “أي 24”: “من يزعم أن إحالة السيادة الإسرائيلية على غور الأردن حيوية لأمن إسرائيل يعيش على ما يبدو في حالة الذعر التي سادت عام 1967 أو أنه يحاول الترويج لقصة كاذبة حول خطر غير موجود. مشددا على أنه “لا يوجد بديل لحل الدولتين وأن عدم اقامة دولة فلسطينية يشكل خطرا على اسرائيل وعلى الفلسطينيين”، رافضا مخطط الضم الذي ينوي نتنياهو تنفيذه. وقال إنه “خطأ فادح”، مشددا على أن نتنياهو في وضع صعب وهو ما حثه للدفع نحو مخطط الضّم. وتبعته وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني التي وصفت مخطط إسرائيل بضم أراض فلسطينية لسيادتها، بـ”الخطأ التاريخي الكبير”.
وقالت ليفني، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، إن “ضم نحو 30% من الضفة الغربية يعني التنازل عن السلام المأمول مستقبلا، وهذا ضد المصالح الإسرائيلية. وأضافت: “القيام بخطوات أحادية الجانب يعني بالحقيقة أن إسرائيل ستتجاوز نقطة اللاعودة، وهذا أمر ليس فقط لها بل وللفلسطينيين أيضا يعتبر خطأ تاريخيا كبيرا. ويواصل خبير الخرائط الأبرز في إسرائيل الجنرال في الاحتياط شاؤول أرئيلي التحذير من مخطط الضم، معتبرا أن جواب السفير الأمريكي ديفيد فريدمان بأنه سيكون بـ الامكان البناء بشكل عمودي في الجيوب الإسرائيلية يعكس “عمى هذا السفير الثقافي والسياسي”. ارئيلي المناصر لتسوية الدولتين تابع في حديث لصحيفة “هآرتس” أمس الأول: ” كل ما تبقى للمخلصين للصهيونية هو الأمل بأن يكون رفض القوميين المتطرفين المسيحانيين لخطة الضم بمثابة حمار المسيح الذي سينقذنا من الحلم المجنون للرئيس ترامب الذي يمكن أن يهدم كل قطعة جيدة في البلاد ويدمر علاقاتها مع الفلسطينيين ومع العالم.
المسيحيون الإنجيليون
وحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية يضاعف “المسيحيون الإنجيليون” ضغوطاتهم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدفع مخطط الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية، وحتى انهم يحذرونه انه فيما لو تراجع عن دعمه فان الأمر سيضر باحتمالات نجاحه في الانتخابات في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر القادم.
وقال دكتور مايك ايفانز، إحدى الشخصيات القيادية الانجيلية لصحيفة “يديعوت احرونوت” ان “امكانية نجاح الرئيس الأمريكي بالانتخابات يتم حسمها عن طريق تصويتنا، تصويتنا ضروري ولا يمكنه النجاح بدوننا. نحن مائة بالمائة مع فرض السيادة. دعمنا لم يبدأ بترامب انما مع الكتاب المقدس، نحن نؤمن أن الله قرر فرض السيادة قبل الاف السنوات- وابلغ عن هذا الانبياء اليهود. والمح ايفانز إلى أن عددا من مستشاري الرئيس الأمريكي يقدمون له المشورة لمعارضة الضم وعن هذا يقول ما يشبه التهديد والابتزاز: “انا اعتقد أن كل مستشار يقدم مشورة للرئيس بالتراجع عن دعم فرض السيادة يمكنه ان يلحق الضرر بفرصة الرئيس الفوز بالانتخابات.
الأمر الاسوأ الذي يمكن أن يقوم به الرئيس فترة الانتخابات هو الإعلان أنه يعارض الاعتراف بفرض السيادة على دولة الكتاب المقدس. لان جميع الانجيليين موحدون خلف الكتاب المقدس الذي ذكر به أن من يبارك إسرائيل-الله يباركه. كل مستشار يدفعه للتراجع عن دعم فرض السيادة، سندفع لـ إخراجه من البيت الابيض “. وكان ايفانز اجتمع مع وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو الاسبوع الماضي، بعد منح بومبيو جائزة ” صديق اسرائيل ” من قبل مؤسسة قام ايفانز بتأسيسها لدعمه الاستثنائي لليهود واسرائيل، وناقش معه الضم، ويعتبر بومبيو شخصية قيادية في المجتمع الانجيلي وداعم للضم. وحسب الصحيفة الإسرائيلية يعتقد ايفانز أن ترامب سيقدم دعمه لعملية الضم لأنه مقبل على الانتخابات حيث أن جميع الانجيليين يدعمون المخطط ويعتبر “ترامب رجلا شجاع جدا ولن يتنازل عن أرض الكتاب المقدس”.
الفاتيكان يستدعي السفيرين الأمريكي والإسرائيلي
في المقابل وغداة دعوة رئيس حكومة بريطانيا ودعوات قادة أوروبيين آخرين للامتناع عن تطبيق الضم حذر الفاتيكان الولايات المتحدة وإسرائيل من المضي في خطة الضم لما في ذلك من تهديد للاستقرار في المنطقة. واستدعى الفاتيكان سفيري الولايات المتحدة وإسرائيل للتعبير عن مخاوف الكرسي الرسولي بشأن تحركات تل أبيب لبسط سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية. وقال بيان للفاتيكان إن اجتماعات جرت يوم الثلاثاء بين الكاردينال بيترو بارولين وزير خارجية الفاتيكان، والسفيرة الأمريكية كاليستا غينغريتش، والسفير الإسرائيلي أورين ديفيد. وجاء في البيان أن بارولين وهو أكبر دبلوماسي في الفاتيكان، أبدى “قلق الكرسي الرسولي بشأن تصرفات محتملة أحادية الجانب قد تهدد المسعى نحو السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك الوضع الحساس في الشرق الأوسط”. وأكد الفاتيكان على الموقف الداعم لحل الدولتين قائلا إن “إسرائيل ودولة فلسطين لهما الحق في الوجود والعيش بسلام وأمن، وفق حدود معترف بها دوليا. وناشد الفاتيكان الإسرائيليين والفلسطينيين “بذل كل جهد ممكن لاستئناف المفاوضات المباشرة على أساس القرارات الصادرة من الأمم المتحدة”.
معهد دراسات الأمن القومي
ويواصل معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب التحذير من تبعات مخطط الضم على إسرائيل أمنيا ودبلوماسيا واقتصاديا داعيا لتأجيل تنفيذ مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية. التقرير، الذي أعده رئيس المعهد السابق والسفير السابق لدى الاتحاد الأوروبي، عوديد عيران، والسفير السابق لدى ألمانيا، شمعون شتاين، يتفق مع مراقبين محليين يؤكدون عدم قدرة الاتحاد الأوروبي بإلحاق الضرر الحقيقي بإسرائيل يرغمها على التراجع عن مخطط الضم. ويرجح الباحثان/ الدبلوماسيان الإسرائيليان أن ضما إسرائيليا، كبيرا أو صغيرا، لمناطق في الضفة، “ستتبعه موجة ردود فعل سلبية في أوروبا، ستعمق القطيعة بين القيادة السياسية في إسرائيل وفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ورغم ذلك يحذر معهد دراسات الأمن القومي من خطورة تردي العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بحال خسر ترامب وفاز بادين في انتخابات الرئاسة الأمريكية مما سيفضي لحوار أمريكي – أوروبي ينتهي بمعارضة “صفقة القرن” ومخطط الضمّ.
القدس العربي