تقرير/خاص: وكالة الصحافة اليمنية//
في الخروج الاول لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارته مكوكية لدول عربية والى اوروبا وامريكا، تسارعت الصحف الاوروبية والامريكية بعرض اول طلب من زيارة بن سلمان، بعد ان حمل اخباراً عن ما انجزه من مشاريع سياسية في الشرق الاوسط ابرزها القضية الفلسطينية التي لعب فيها بن سلمان دوراً محورياً في الضغط على الفلسطينيين للقبول بصفقة القرن دون شروط.
ومع هذا فقد كان على رأس هموم السعودية الى جانب تحقيق ما وعد به الجانب الاوروبي والامريكي في انجاز صفقة القرن، كان يأمل بن سلمان ان يجد مخرجاً له من الورطة الاقتصادية التي تعاني منها المملكة جراء السياسات الخاطئة التي انتهجها بن سلمان، ابرزها اعتقال امراء فندق “ريتز كارلتون ” في الرياض، وما صاحبها من اثار عكسية، زادت من الطين بلة، في ظل تزايد العجز في الميزانية السعودية، وظهور تراكمات وعوائق اقتصادية من شأنها ان تسحق الاقتصاد السعودي.
فتزامناً مع الزيارة كان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، «أليستر بيرت»، اعلن أن بلاده تود إدراج شركة أرامكو (عملاق النفط) السعودية في بورصة لندن.
وقال «بيرت» في كلمة له في البرلمان البريطاني، نقلتها رويترز إن هناك تقدما في الإصلاحات في السعودية، رغم أنها لا تشبه الديمقراطية البريطانية.
وكشفت صحيفة أمريكية يوم امس الاربعاء أن السعودية تراجعت عن طرح شركة «أرامكو» النفطية في أسواق المال العالمية، وإنها ستكتفي بطرحها في البورصة السعودية العام المقبل، وربما في أبريل/نيسان من العام المقبل 2019.
واستندت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، في معلوماتها لتصريحات نسبتها إلى مسؤولين حكوميين بالسعودية وأشخاص على صلة بعملية بيع حصة من الشركة.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين سعوديين قولهم إن ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» بات مقتنعا، أن مخاطر القضايا القانونية التي يمكن أن ترفع ضد السعودية في أمريكا، أصبحت عقبة لا يمكن تجاوزها في حال طرح «أرامكو» في بورصة «وول ستريت» بنيويورك.
وقال مسؤول سعودي لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن «محمد بن سلمان الذي يزور أمريكا حاليا، من غير المتوقع أن يعلن شيئا عن طرح الشركة في أثناء الزيارة».
وذكر مسؤولون سعوديون للصحيفة المالية، أن «طرح الشركة أصبح أكثر تعقيدا عما كان متصورا له في البداية»، مشيرين في هذا الصدد إلى أن ارتفاع أسعار النفط فوق 65 دولارا دعم الميزانية السعودية ومنحهم الوقت الكافي للتفكير وأخذ قرار حول ما إذا كان طرح الشركة في أسواق المال العالمية «فكرة جيدة».
وقالت الصحيفة في تقريرها، إنه حتى في حال طرحها في تداول، فإن هناك مشاكل عديدة ستواجه الاكتتاب، من بين هذه المشاكل أن البورصة السعودية صغيرة، حيث يقدر حجمها بحوالى 480 مليار دولار، ومن غير المعروف ما إذا كانت تقنيات السوق المحلية والضوابط يمكنها التعامل مع اكتتاب بحجم شركة «أرامكو».
وعلى ما يبدو ان هناك اسباباً كثيرة وتغيرات كبيرة وراء تراجع ولي العهد السعودي عن كل احلامه في ان ادراج شركة ارامكو في بورصة لندن.. اسباب التراجع التي قد تكون لها مدلولاتها في نظرة تلك الدول لمستقبل النفط السعودي، في عدة اتجاهات.
الاول ان هناك بدائل اخرى اضحت اكثر اقتصاداً من استيراد النفط من الخليج، ولم يعد يرى في دول الخليج سوى مناطق للتسابق لبناء قواعد عسكرية اكثر من ان يكون هناك علاقات اقتصادية، وهو ما دفع الدول الاوروبية الى التخلي عن فكرة ادراج ارامكوا في البورصات الدولية.
والثاني ان الاستثمارات السعودية والخليجية بشكل عام اصبحت في حالة تهديد واضح من صواريخ الحوثي وخاصة على شركة النفط السعودية و”عملاق النفط” كما يسمونها، مما يجعل الاستثمار فيها غير مجدي ومعرض للانفجار في أي وقت، وهو ما دفع بن سلمان يوم امس الى اعلانه التراجع عن طرح ارامكوا في البورصة الدولية.. لذا سيعود ولي العهد السعودي يحمل ما زرعته تلك الدول من خوف من الوجود الايراني في المنطقة، وضرورة استمراره في حرب الاستنزاف التي اوقع نفسه فيها في حربه على اليمن.
وتخطط الحكومة السعودية لبيع حصة تصل إلى 5% من أرامكو “على حد قولها”، حيث تأمل بجمع حوالي 100 مليار دولار أو أكثر فيما سيكون على الأرجح أكبر طرح عام أولي في العالم.
كما تعاني ميزانية السعودية من عجز كبير ناتج عن انخفاض اسعار النفط، الى جانب تدخلها العسكري في اليمن وتعرضها للابتزاز الدولي مقابل غض الطرف عن الجرائم الانسانية التي ترتكبها السعودية في اليمن.
وتهدف زيارة «بن سلمان»، التي تأتي ضمن أولى جولاته الخارجية بعد توليه ولاية العهد، إلى إقناع تلك الدول بأن الإصلاحات التي تجريها بلاده جعلت السعودية مكانا أفضل للاستثمارات ومجتمعا أكثر تسامحا، لكن التصريحات الاخيرة لبن سلمان تؤكد ان كل ما كان يأمله من زيارة ذهبت مع ادراج الرياح، وان هناك مستجدات ومتغيرات دولية قد تكون السعودية وولي عهدها بعيدين كل البعد عنها، وعن ما يدور في كواليس السياسية الدولية، والتي ستجعل من السعودية طيلة الفترة القادمة محل ابتزاز سياسي لدول عالمية ستمتص ما تبقى من الرمق الاخير للاقتصاد السعودي.