في حين كانت الأنظمة السابقة الحاكمة لليمن تجتهد في اقناع الشعب بأنه يعيش في بلد فقير بلا موارد وليس أمامه فرصة للازدهار، كانت دول جارة تنصب لليمن فخاخ غلها، لأنها تعرف ما يمتلكه هذا البلد من ثروات متنوعة وهائلة، ومن أبرزها الجزر التي تتمتع بمزايا استثنائية وتنتصب على شريط ساحلي طويل جداً وفي مواقع استراتيجية لافتة ومهمة.
كانت الإمارات والسعودية، جارتا السوء، تدركان أن جزر اليمن المهملة كفيلة بجعل هذا البلد الأول في المنطقة، والمتحكم بممر الملاحة الدولية ومنتفع منه بصورة تجعله في غنى عن المساعدات الزهيدة والمهينة التي كانت الأنظمة السابقة لا تجد حرجاً من مد يدها بطريقة مذلة لتتسولها.
في ثنايا، هذا الملف، سلطت “وكالة الصحافة اليمنية” الضوء على الجزر اليمنية، وعددها وأهميتها، وكيف أنها لم تستغل، ليدرك الشعب اليمني لماذا تشن السعودية والإمارات حرباً عداونية على اليمن بتوجيهات أمريكية إسرائيلية، من ضمن أهدافها، هي احتلال تلك الجزر لتحرم اليمنيين من خيراتها تماماً مثلما فعلت بالنفط والغاز وغيرها من الثروات .
ساحل على امتداد 2500 كيلو
تمتلك اليمن ساحل بحري يمتد من منطقة ميدي الواقعة على ساحل البحر الأحمر في محافظة حجة، وصولاً إلى امتداد الساحل اليمني إلى مدينة المكلا بحضرموت الواقعة على البحر العربي، حيث يبلغ طول السواحل اليمنية حوالي 2,500 كيلومتر مربع.
هذا الامتداد البحري أدى إلى امتلاك اليمن لمجموعة كبيرة من الجزر والارخبيلات التي يبلغ عددها حوالي 186 جزيرة يمنية، تنتشر على امتداد البحر الأحمر والبحر العربي.
ووجدت هذه الجزر اليمنية وجدت ملايين السنين، لكن العجيب أن بعض هذه الجزر ولدت حديثاً من العدم، وظهرت للسطح من قاع البحر الأحمر خلال سنوات العقد الأخير. وما يزال بعضها ينمو جراء الأنشطة البركانية في القشرة الارضية في اعماق البحر الأحمر بحسب تصنيف العلماء.
وفقاً للمصادر، كان عدد الجزر اليمنية يبلغ 184 جزيرة حتى العام 2010، لكن منذ العام 2011 حتى العام 2013، شهدت أعماق البحر الأحمر أنشطة بركانية هائلة للغاية، سببت حركة في الصفائح التكتونية للقشرة الأرضية في اعماق البحر الأحمر.
أدت هذه التحركات في صفائح القشرة الارضية التي صاحبها ضغط هائل مع درجة حرارة عالية للغاية، الى حدوث انشطة زلزالية مستمرة، نتجت عنها مجموعة من البراكين النشطة التي ظهرت من وسط البحر الأحمر نتيجة قوى دافعة للألواح الصفائحية لقشرة المحيط. مما أسفر عن ولادة جزر جديدة قبالة الساحل اليمني، والتي عرفت في نطاق مجموعة جزر “الزبير” اليمنية، والتي نشأت من عمق البحر الاحمر.
بحسب المصادر تتكون مجموعة جزر الزبير اليمنية القريبة من محافظة الحديدة من 10 جزر بركانية كبرى، وهي تبعد عن الشواطئ اليمنية مسافة تقدر بحوالي 50-60 كيلومتر، وهي على قمة بركان درعي في البحر الأحمر، يصل ارتفاعها إلى 191 متر (627 قدم) فوق مستوى سطح البحر، ويبلغ طول أكبر هذه الجزر في مجموعة الزبير، وهي جزيرة جبل الزبير ما بين 5-7 كيلومتر. وعلى مدى الأزمنة التاريخية أستمر هذا البركان بالثوران.
ولادة جزيرتين
تلك الانشطة البركانية الهائلة، أسفرت عن ولادة جزيرتان بركانيتان واللاتي ظهرتا حديثًا في وسط البحر الأحمر، وأسفرت عن صور مذهلة لظهور الجزيرتان اليمنيتان والتي التقطتها اقمار وكالة الفضاء الاميركية ناسا. حيث زودت هذه الصور العلماء برؤى جديدة حول وجود شق غير معروف في داخل قشرة الأرض.
وقد ظهرت كلتا الجزيرتين في منطقة أرخبيل الزبير، وهي سلسلة صغيرة من الجزر البركانية، التي يملكها اليمن، والتي ترتفع من البحر الأحمر بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
وظهرت أول الجزر اليمنية الجديدة، التي تسمى حالياً جزيرة شولان، في ديسمبر من العام 2011، حيث وقع الانفجار البركاني الأول في 19 ديسمبر 2011 في قاع البحر الاحمر.
وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية لمركبة تابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، سحابة بركانية في وسط البحر الأحمر بين جزيرة “هايكوك” اليمنية، وجزر “وعرة”.. وتصاعدت هذه الحمم البركانية لمسافة 30 متر فوق سطح البحر. وكان انفجار تحت الماء، قد أدى لظهور جزيرة جديدة، بين “وعرة” و”جزر هايكوك”، وقد سميت الجزيرة باسم جزيرة شولان اليمنية.
2013: ظهور جزيرة ثانية
يقول موقع “حلم أخضر” أنه ووفقاً لمعلومات بثتها وكالة الفضاء الامريكية، ظهرت الجزيرة اليمنية الثانية، المسماة جزيرة جديد، في 28 سبتمبر العام 2013، حين بدأ انفجار جديد تحت مياه البحر الأحمر في نفس المكان، إلى الجنوب الغربي من موقع الانفجار الذي حدث في سنة 2011-2012، مع حدوث تلون لمياه البحر الأحمر وخروج سحابة بخار كبيرة منها.
وبحسب الموقع اليمني المهتم بالبيئة، يقدر علماء الجيولوجيا أن السبب حدوث ثوران بركاني يجري على انخفاض 100 متر تحت سطح الأرض، وهذا يعني أن مرحلة جديدة من ثوران سيرتزي بدأت.
وأستمر النشاط في الموقع إلى منتصف أكتوبر لسنة 2013، مع تولد سحابة بخار كبيرة، وفي أواخر أكتوبر 2013، حتى ظهرت جزيرة جديد في البحر الأحمر قبالة الاميال البحرية اليمنية.
186 جزيرة يمنية
نتيجة لتلك الانشطة البركانية، أصبح عدد الجزر اليمنية 186 جزيرة، موزعة على 3 قطاعات رئيسية هي: البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي.
وقال خبير الشؤون البيئية عمر أحمد، لـ”وكالة الصحافة اليمنية” إن عدد الجزر اليمنية في قطاع البحر الأحمر يصل إلى حوالي 152 جزيرة، موزعة على 4 قطاعات رئيسية هي: قطاع ميدي ويضم 52 جزيرة، واللحية ويضم 48 جزيرة، وكمران ويضم 17 جزيرة، وقطاع حنيش وزقر ويضم 33 جزيرة وأرخبيل، بينما يضم قطاع خليج عدن21 جزيرة.
ويضيف أحمد، ويبلغ عدد الجزر اليمنية في البحر العربي حوالي 11 جزيرة، مقسمة إلى قطاعين: الأول قطاع بئر علي في شبوة ويشمل على 4 جزر، والقطاع الثاني قطاع أرخبيل سقطرى ويشمل 7 جزر.
جزر بلا سكان
يقول موقع “حلم أخضر” في دراسة بحثية خاصة، أنه من إجمالي 186 جزيرة يمنية توجد في البحرين الأحمر والعربي، فإن عدد الجزر المأهولة بالسكان، والتي تتوفر فيها مقومات الحياة هي 6 جزر يمنية فقط وهي: جزيرة سقطرى، وجزيرة عبد الكوري، وجزيرة ميون، وجزيرة، كمران، وجزيرة الفشت، وجزيرة بكلان.
فيما يبلغ عدد الجزر اليمنية غير المأهولة بالسكان 180 جزيرة، إلا أن هذه الجزر تتواجد فيها تجمعات سكانية غير مقيمة طوال العام، مثل جزيرة ظهرة بكلان، وجزيرة أرخبيل زقر، وجزيرة حنيش.
تنوع جغرافي
تتنوع التضاريس، والمساحات الجغرافية للجزر اليمنية حسب تنوع التكوينات الجغرافية للقطاعات التي تتواجد فيها هذه الجزر.
وتقدر الدراسات الجغرافية عمر الجزر اليمنية الواقعة في شمال البحر الأحمر ما بين 32 إلى 39 مليون سنة؛ حيث أدت رواسب المتبخرات في البحر الأحمر إلى تكوين القباب المحلية، التي تعد إحدى المكونات الرئيسية لتركيب الجزر، فيما تشكلت الجزر الواقعة في البحر العربي، وخليج عدن نتيجة للأنشطة البركانية.
ثروة اقتصادية هائلة
تمتاز جزر البحر الأحمر بامتلاكها لثروات اقتصادية هائلة؛ حيث يعتبر البحر الأحمر من أغنى مناطق الصيد في العالم، وتشير الدراسات إلى أن هناك ما يزيد عن 969 نوعاُ من أنواع الأسماك في المياه اليمنية في البحر الاحمر والبحر العربي أغلبها صالحة للاستعمال البشري، والحيواني؛ بالإضافة إلى تواجد 300 نوع من الشعاب المرجانية.
وبالإضافة إلى التنوع الكبير فهناك تنوع حيوي بيئي؛ حيث تتوفر في الجزر اليمنية أكثر من 240 نوع من الشعاب المرجانية، و700 نوع من أسماك القرش الكبيرة. وهناك 485 نوع من الطحالب البحرية في جزر البحر الأحمر فقط.
وتمتلك شواطئ الجزر اليمنية إمكانات، ومقومات سياحية كثيرة؛ حيث تتوفر فيها الشواطئ الرملية، والمواقع الأثرية، وكذا الموارد الطبيعية المتمثلة في السلاحف البحرية، والشعب المرجانية، وغابات أشجار المانجروف، فضلاً عن الطيور البحرية، وأسماك الزينة والاسفنجيات.
ووفقاً للمسح الميداني للجزر اليمنية في العام 2004، والذي قامت به الهيئة العامة لتنمية الجزر اليمنية- فإن الجزر اليمنية تحتوي على مستنقعات أشجار المانجروف التي يصل طولها من 2-5 متر؛ بالإضافة إلى الشعاب المرجانية، والتي تتعدد أنواعها على طول خط سواحل الجزر اليمنية، فمنها ما يسمى بالقطع المرجانية، والشعاب المرجانية الهامشية؛ إضافة إلى الشعاب المرجانية القاعية.
بيئة خصبة للطيور
وتمتاز الجزر اليمنية بكونها بيئة خصبة للطيور البحر والشواطئ، إذ تحتوي هذه الجزر على حوالي 102 نوعاً من طيور البحر والشاطئ، وتعتبر الجزر اليمنية من أغنى جزر الشرق الأوسط.
كما أن منطقة مضيق باب المندب تصنف باعتبارها ثاني ممر عالمي للطيور المهاجرة والحوامة، حيث تمر فوقها سنوياً قرابة 1,500,000 مليون طائر مهاجر. والتي تستريح في منطقة المندب حتى تتغذى وبعضها يعشعش ثم تكمل رحلتها باتجاه مناطق القرن الافريقي واوروبا.
واجمالاً تعد البيئة اليمنية غنية جداً بالطيور، وقد تم تسجيل أكثر من 363 نوعاً من الطيور البرية والبحرية المتواجدة في اليمن، والتي تمثل 18 رتبة و61 عائلة و77 صنف.
وتتعد انواع الطيور البحرية التي تتواجد في الجزر اليمنية فجزيرة (المرك) لوحدها تمتاز بوجود أنواع عديدة من الطيور البحرية، وأهمها: الطائر الاستوائي أحمر المنقار Red billed tropicbird، وطائر الأطيش المقنع Mas Ked bady. وطائر الأطيش البني Brown body. وطائر النورس السويدي Sooty Gull. وطائر الخرشنة البيضاء White Chee ked.